|
في تمام الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر يوم الخميس 11 كانون الأول 2025، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، مراسم رتبة جنّاز ودفن المرحوم الخوراسقف إيلي يعقوب حمزو، كاهن رعية مار أنطونيوس الكبير في جونيه، وذلك في كنيسة دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان.
عاون غبطتَه في هذه الرتبة أصحابُ السيادة المطارنة: مار غريغوريوس بطرس ملكي، ومار متياس شارل مراد، ومار يعقوب جوزف شمعي، ومار اسحق جول بطرس، بحضور ومشاركة الآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية، ومن دير الشرفة، ومن أبرشية بيروت البطريركية، والرهبان الأفراميين، والراهبات الأفراميات، وطلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية – الشرفة، وعدد من الخوارنة والكهنة والرهبان من الكنائس الشقيقة، وجمع غفير من المؤمنين، يتقدّمهم أشقّاء وشقيقات الراحل، وأقاربه، وفي مقدّمتهم شقيقه المونسنيور أنطوان حمزو، كاهن رعية القديسة تريزيا الطفل يسوع في زحلة.
بدايةً، أقام غبطته تشمشت (خدمة) الكهنة الراقدين في كنيسة الدير، حيث سُجِّيَ جثمان المرحوم منذ الصباح ليتبارك منه المؤمنون. ثمّ ترأّس غبطته رتبة الجنّاز، يعاونه الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان.
وبعد إنجيل الوزنات، ارتجل غبطة أبينا البطريرك موعظة تأبينية استهلّها بالإشارة إلى أنّنا "رتَّلنا باللغة السريانية، لغتنا العريقة، لغة آبائنا وأجدادنا: "ܒܽܐܘܪܚܳܐ ܕܰܠܥܳܠܰܡ ܚܰܠܟܶܬ، ܡܶܢ ܗܳܢܳܐ ܥܳܠܡܳܐ ܕܥܳܒܰܪ، ܕܺܐܙܰܠ ܐܶܚܙܶܐ ܠܗܰܘ ܐܰܬܪܳܐ ܕܫܳܪܶܝܢ ܒܶܗ ܟܺܐܢ̈ܶܐ سِرتُ في الطريق إلى الحياة الأبدية، من هذا العالم الزائل، كي أذهب وأرى ذاك المكان حيث يستريح الأبرار". الخوراسقف المرحوم إيلي احتفل العام الماضي بيوبيله الكهنوتي الذهبي، خمسين سنة على خدمته الكهنوتية، وكان احتفالاً متواضعاً، هنّأناه، ووعدناه بأن نصلّي من أجله. فخدمة 51 سنة اليوم هي خدمة للرب سعى فيها المرحوم الخوراسقف إيلي أن يخدم ربّه، ويكون أميناً للكنيسة حيث دعَتْه للخدمة".
ونوّه غبطته بأنّ "أبونا إيلي لبّى دعوة الكهنوت وهو شابّ، ورُسِمَ كاهناً عام 1974 بوضع يد المثلَّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أنطون الثاني حايك. خدم في البطريركية، وفي رعية زحلة، وأحبّاؤنا القادمون من زحلة يتذكّرونه جيداً. وخدم في رعية الفنار أيضاً، وأبناء هذه الرعية يتذكّرونه هم أيضاً، وقد خدمهم سنوات طويلة، فضلاً عن عمله معنا وجهوده في بناء وتشييد مشروع مجمَّع مار يوسف السكني في الفنار. وحين أراد أن يعتزل، قَبِلَ أن يُعيَّن كاهناً لرعية مار أنطونيوس الكبير في جونيه، والتي بقي يخدمها حتّى الرمق الأخير من حياته".
وأكّد غبطته على أنّ "هذا الكاهن الذي لبّى دعوة الرب كان أميناً قدر المستطاع، وفي الظروف الصعبة التي عاشها لبنان، للرب يسوع ولكنيسته. والأمانة تعني أن نتبع الرب يسوع دائماً، مهما تطلّب ذلك منّا، وأن نحمل صليبنا، ليس بالحزن، ولكن بالفرح. وقد قال يسوع: من أحبّني فليحمل صليبه ويتبعني".
ولفت غبطته إلى أنّه "إزاء سرّ الموت الذي هو حقّ علينا جميعاً، لا نستطيع أن نتفلسف أو أن نعطي نظريات، ولا أن تكون تعازينا مجاملةً فقط، لكنّنا، كمؤمنين ومؤمنات، مدعوون في كهذا ظروف، أمام حقيقة الموت، أن نتأمّل بصمت، وأن نطلب من الرب كي يقوّي ضعفنا، وأن نكون قريبين من الذين تألّموا بغياب العزيز، وأن نكون شهوداً لقيامة الرب يسوع، والتي نؤمن أنّه، هو شابّ بعمر 33 سنة، تألّم ومات وقام من من بين الأموات لأجل خلاصنا".
وقدّم غبطته "باسم جميع أعضاء الإكليروس الحاضرين، من أساقفة وخوارنة وكهنة وشمامسة ورهبان وراهبات، تعازينا القلبية لهذه التجربة التي حدثت بشكل مفاجئ، وقد زرنا الخوراسقف إيلي قبل خمسة أيّام، وكان يطلب منّي دائماً أن أزوره، وصدف أن قمتُ بذلك قبل خمسة أيّام، حيث زرناه في كنيسة مار أنطونيوس الكبير في جونيه، وتناولنا الحديث معه، وتمنّينا له دوام الصحّة. لكنّه كان يقول إنّ نَفَسَه يضيق، إلا أنّه لم تكن هناك دلائل حقيقةً على أنّ ساعة موته قد دنت، وإذ البارحة مساءً يعلمونني أنّ الخوراسقف إيلي انتقل إلى الحياة الأبدية!".
وتوجّه غبطته "بالتعازي الحارّة الخاصّة أولاً إلى المونسنيور أنطوان، شقيقه الذي رُسِمَ كاهناً بعده بحوالي تسع سنوات، وإلى أشقّائه وشقيقاته وعائلاتهم، وأولاد أشقّائه وشقيقاته المرحومين، والذين يتقبّلون التعازي بإيمان وصبر. وبشكل خاصّ، نقدّم التعازي أيضاً إلى أنجيل التي خدمت العائلة وخدمت الخوراسقف إيلي لسنوات عديدة".
وشكر غبطته "جميع القادمين كي يشاركوننا في هذا الأسى، ونسأل الرب أن يقوّي إيماننا جميعاً، ونشكر كهنة دير الشرفة والشمامسة الذين سعوا أن يقوموا بكلّ ما يتوجّب للإعداد لهذه الرتبة المقدسة. نشكر الجميع على حضورهم للصلاة من أجل راحة نفسه".
وختم غبطته موعظته بالقول: "لقد رتّلنا: "ܠܟܳܗܢܳܟ ܐܰܢܺܝܚ ܒܰܝܢܳܬ ܟܺܐܢ̈ܶܐ ܒܪܳܐ ܕܰܐܠܳܗܳܐ، ܒܗܳܝ ܡܰܠܟܽܘܬܳܐ ܕܠܳܐ ܡܶܫܬܰܪܝܳܐ ܥܰܡ ܩܰܕ̈ܺܝܫܶܐ يا ابن الله أرِح كاهنك بين الأبرار، في ذاك الملكوت الذي لا يزول مع القديسين". نعم، هذا ما تضرع به ونطلبه من الرب، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النجاة، وسيّدة الحبل بلا دنس، وبشفاعة مار إيليّا النبي، شفيع الخوراسقف المرحوم إيلي، وبشفاعة طوباوِينا المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل، وجميع القديسين والشهداء. فليقوّيكم الرب، وليعزِّ قلوب جميع الحزانى".
وفي لحظاتٍ خشوعية مؤثّرة، زيّح بعض الكهنة والشمامسة جثمان الراحل، مودِّعاً المذبح المقدس وجهات الكنيسة الأربع والإكليروس والمؤمنين، وسط جوٍّ من الخشوع والتأثُّر.
بعدئذٍ انتقل غبطة أبينا البطريرك، بموكب حبري مهيب، متقدّماً أصحاب السيادة الأساقفة والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات وجموع المؤمنين إلى مدافن الكهنة في دير الشرفة، حيث وُورِيَ جثمان المرحوم الخوراسقف إيلي حمزو، وسط الترانيم السريانية والصلوات الخشوعية.
رحمه الله، ومتّعه بالسعادة الأبدية صحبة الأبرار والصدّيقين والرعاة الصالحين والخدّام الأمناء. وليكن ذكره مؤبَّداً.
|