الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يشارك في لقاء قداسة البابا لاون الرابع عشر مع الشبيبة، بكركي – لبنان

 
 

    HB Patriarch YOUNAN attends the Meeting of HH Pope Leo XIV with Youth, at the square of the Maronite Patriarchal See, Bkerke, Lebanon.

    في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الإثنين 1 كانون الأول 2025، شارك غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، في لقاء قداسة البابا لاون الرابع عشر مع الشبيبة، في الساحة الخارجية للكرسي البطريركي الماروني، بكركي – لبنان.

    شارك أيضاً في هذا اللقاء أصحاب الغبطة البطاركة: الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، ويوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، وروفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك، وابراهيم اسحق سدراك بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، والكردينال بيير باتيستا بيتساباللا بطريرك القدس للاتين، وأصحاب السيادة المطارنة، والخوارنة والكهنة والشمامسة، والرهبان والراهبات، من مختلف الكنائس الكاثوليكية، وجماهير غفيرة من الشبيبة ناهز عددها الخمسة عشر ألف شابّاً وشابّةً قَدِموا من لبنان ومن سوريا والعراق.

    ومن كنيستنا السريانية الكاثوليكية، شارك أيضاً صاحبُ السيادة مار اسحق جول بطرس، والمونسنيور حبيب مراد كونه عضو اللجنة الكنسية المركزية لزيارة قداسة البابا، وعدد من الراهبات الأفراميات، ومن الطلاب الإكليريكيين من إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة، ووفود شبابية من مختلف رعايا أبرشية بيروت البطريركية، ومن حركاتها الشبابية الثلاث: مار شربل – بيروت، مار بهنام وسارة – الفنار، ومار شربل – درعون، ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، ومن سوريا والعراق.

    استُقبِلَ قداسةُ البابا بحفاوة بالغة وسط هتافات الأمل من الشبيبة المتجمهرة في الساحة، وتخلّلت اللقاء باقة من الترانيم. واستمع الحاضرون إلى شهادات مؤثِّرة عن الصمود والوحدة في وجه الأزمات والصعوباب، حيث روت قصص وشهادات أكّدت على قوّة التضامن والعمل المشترَك بين جميع اللبنانيين، ومن دون أيّ تمييز طائفي.

    وخلال اللقاء، ألقى غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي كلمة رحّب خلالها بقداسة البابا، باسم البطاركة والأساقفة والإكليروس والشبيبة، مشيراً إلى أنّ قداسته هو "بابا القرب وبابا الإستماع والرحمة وبابا السلام"، مؤكّداً "على رسالة لبنان كأرض مقدسة تلتقي فيها الثقافات والحضارات"، شاكراً قداسته "لأنّكم تنظرون إلينا لا بعين الأسى، بل بعين الثقة. وستكون كلماتكم لنا نوراً وهداية، وبركتكم وعد نهضة نتوق إليها ونتأرّق انتظاراً لها".

    وقبل ختام اللقاء، ألقى قداسة البابا لاون الرابع عشر كلمة رائعة تعبق بالحماس وروح الأبوّة، قوطِعَ خلالها مراراً بالتصفيق الحادّ والهتافات، وفيها توجّه إلى الشبيبة بالقول: "أيّها الشباب الأعزّاء في لبنان، السلام لكم! إنّها تحيّة يسوع القائم من بين الأموات، وهي الركيزة التي يستند إليها فرح لقائنا. إنّ الحماس الذي يغمر قلوبنا يعبّر عن قرب الله المُحِبّ، والذي يجمعنا كإخوة وأخوات لنتبادل إيماننا به وشركتنا المتبادَلة. نشكركم جميعاً على حفاوة الإستقبال، ونحيّي بشكل خاص الشباب القادمين من سوريا والعراق، واللبنانيين العائدين إلى وطنهم من الخارج. لقد اجتمعنا هنا لنصغي إلى بعضنا البعض، ولنطلب من الرب أن يلهم قراراتنا المستقبلية".
    وتحدّث قداسته "عن الشجاعة في خضمّ المعاناة، والأمل في مواجهة خيبات الأمل، والسلام الداخلي في أوقات الحرب. إنّ تاريخ لبنان متشابك مع لحظات مجيدة، ولكنّه أيضاً موسوم بجراح عميقة تحتاج وقتاً طويلاً لتلتئم. هذه الجراح لها أسباب تتجاوز الحدود الوطنية، وتتشابك مع ديناميكيات اجتماعية وسياسية معقَّدة للغاية. أيّها الشباب الأعزّاء، ربّما تأسفون على وراثتكم لعالم مزَّقَتْه الحروب وشوّهَه الظلم الاجتماعي. ولكن ثمّة رجاء داخلكم! إنّها هبة يبدو أنّنا نحن الكبار فقدناها في كثير من الأحيان، لديكم الأمل! لديكم متَّسع من الوقت لتحلموا، لتخطّطوا، ولتزرعوا الخير. أنتم الحاضر، والمستقبل يتشكّل بالفعل بين أيديكم! لديكم الحماس لتغيير مسار التاريخ! إنّ المقاومة الحقيقية للشرّ ليست الشرّ ذاته، بل هي المحبّة – تلك المحبّة القادرة على شفاء جراح المرء الخاصّة، وفي الوقت ذاته العناية بجراح الآخرين. عيشوا في نور الإنجيل، وستكونون مبارَكين في عينَي الرب".

    ولفت قداسته إلى أنّ "وطنكم، لبنان، سيزدهر مرّة أخرى، جميلاً وقويّاً كالأرز، رمزاً لوحدة الشعب وخصوبته. أنتم تعلمون جيّداً أنّ قوّة الأرز تكمن في جذوره، والتي تكون عادةً بنفس حجم فروعه. إنّ عدد الفروع وقوّتها يتطابق مع عدد الجذور وقوّتها. بالطريقة ذاتها، فإنّ الخير الكثير الذي نراه في المجتمع اللبناني اليوم هو ثمرة العمل المتواضع والخفيّ والصادق للعديد من ذوي الإرادة الطيّبة، من الجذور الصالحة الكثيرة، الذين لا يرغبون في إنماء غصن واحد من أرز لبنان فحسب، بل الشجرة بأكملها بكلّ جمالها. استمِدّوا من الجذور الصالحة لأولئك الذين كرّسوا أنفسهم لخدمة المجتمع دون استخدامها لمصالحهم الخاصّة. بالتزام سخيّ بالعدالة، خطِّطوا معاً لمستقبل من السلام والتنمية. كونوا مصدر الأمل الذي ينتظره البلد، المسيح هو أساسنا الراسخ".
ونوّه غبطته بأنّ الأساس الراسخ للمثابرة في الإلتزام بالسلام لا يمكن أن يكون مجرَّد فكرة، أو عقد، أو مبدأ أخلاقي. إنّ المبدأ الحقيقي للحياة الجديدة هو الرجاء الذي يأتي من الأعالي: إنّه المسيح نفسه! لقد مات يسوع وقام من أجل خلاص الجميع. هو، الحيّ، هو أساس ثقتنا، هو الشاهد على الرحمة التي تخلّص العالم من كلّ شرّ. السلام ليس أصيلاً إذا كان نتاج مصالح حزبية، إنّه لا يكون صادقاً حقّاً إلا عندما أفعل للآخرين ما أودّ أن يفعلوه لي. لقد قال القديس يوحنّا بولس الثاني، بكلمة ملهمة حقّاً: "لا سلام بدون عدل، ولا عدل بدون غفران". هذا صحيح بالفعل: فالغفران يقود إلى العدل، والذي هو أساس السلام".

    واعتبر قداسته أنّنا "نعيش في عصر أصبحت فيه العلاقات الشخصية هشّة وتُستهلَك كأنّها أشياء، حتّى بين الشباب، قد تعلو المصالح الشخصية أحياناً على الثقة بالآخرين، وتستبدل العناية بالآخرين بالمكسب الخاص. مثل هذه المواقف تُحوِّل حتّى الحقائق الجميلة مثل الصداقة والمحبّة إلى شيء سطحي، وتخلطها بإحساس الإشباع الأناني. إذا كانت "الأنا" هي مركز الصداقة أو العلاقة الغرامية، فلا يمكن أن تثمر. وبالمثل، فإنّه ليس حبّاً حقيقياً إذا أحببنا مؤقّتاً، طالما دام الشعور. إذا كان للحبّ حدّ زمني، فهو ليس حبّاً حقيقياً. في المقابل، تكون الصداقة حقيقية عندما تضع "أنت" قبل "أنا". هذه الطريقة المحترَمة والمُرحّبة في النظر إلى الآخرين تجعل من الممكن لنا بناء "نحن" أكبر، منفتحة على المجتمع ككلّ، وعلى البشرية جمعاء. تكون المحبّة أصيلة ويمكن أن تدوم إلى الأبد فقط عندما تعكس البهاء الأبدي لله الذي هو محبّة. تُبنى العلاقات المتينة والمثمرة معاً على الثقة المتبادَلة، على هذا "الأبد" الذي هو القلب النابض لكلّ دعوة للحياة العائلية والرهبانية".

    وكلَّم قداسته الشباب: "أيُّها الشباب الأعزّاء، ما الذي يعبِّر عن حضور الله في العالم أكثر من أيّ شيء آخر؟ المحبّة، الصدقة! الصدقة تتحدّث لغة عالمية، لأنّها تتحدّث إلى قلب كلّ إنسان. ليست مجرَّد مفهوم، بل قصّة تتجلّى في حياة يسوع والقديسين، والذين يرافقوننا في تجارب الحياة. انظروا إلى العديد من الشباب الذين، مثلكم، لم يسمحوا لأنفسهم بالإحباط بسبب المظالم والأمثلة السلبية، حتّى تلك الموجودة داخل الكنيسة. بدلاً من ذلك، حاوِلوا شقّ مسارات جديدة بحثاً عن ملكوت الله وعدله. استمِدّوا القوّة التي تتلقّونها من المسيح، وابنوا عالماً أفضل من الذي ورثتموه! كشباب، تشكّلون علاقات مع الآخرين بسهولة أكبر، حتّى مع أولئك الذين هم من خلفيات ثقافية ودينية مختلفة. إنّ التجديد الحقيقي الذي يرغب فيه القلب الشابّ يبدأ بإيماءات يومية: الترحيب بالقريب والبعيد، وتقديم يد العون للأصدقاء واللاجئين، ومسامحة الأعداء – وهي مهمّة صعبة، ولكنّها ضرورية".

    وشدّد قداسته أنّ "علينا أن ننظر إلى الأمثلة الرائعة التي وضعها لنا القديسون! فكِّروا في بيير جورجيو فراساتي وكارلو أكوتيس، وهما شابّان تمّ إعلانهما قديسين في سنة اليوبيل هذه. فكِّروا في القديسين اللبنانيين العديدين. يا له من جمال فريد نراه في حياة القديسة رفقا، وهي تحتمل سنوات من المعاناة من المرض بقوّة ولطف! وكم هي أعمال الشفقة التي قام بها الطوباوي يعقوب الحدّاد وهو يساعد المنسيين والمهجورين من الجميع! يا له من نور قويّ يأتي من الظلام الذي اختار القديس شربل أن ينسحب إليه، هو الذي أصبح رمزاً للبنان في جميع أنحاء العالم. تُصوَّر عيناه دائماً مغلقتين، وكأنّهما تحجبان سرّاً أعظم إلى ما لا نهاية. من خلال عينَي القديس شربل، واللتين أُغلِقتا ليرى الله بوضوح أكبر، نستمرّ في إدراك نور الله بوضوح أعظم".

    وتضرّع قداسته إلى الله "كي يشرق النور الإلهي أيضاً على عيونكم، أيّها الشباب، ولتُزهر الصلاة. في عالم الملهيات والباطل، خصِّصوا وقتاً كلّ يوم لتغمضوا عيونكم، ولا تنظروا إلا إلى الله. قد يبدو صامتاً أو غائباً أحياناً، لكنّه يكشف عن نفسه لمن يلتمسونه في الصمت. وبينما تسعون لفعل الخير، أطلب منكم أن تكونوا متأمّلين مثل القديس شربل بالصلاة، وقراءة الكتاب المقدس، والمشاركة في القداس الإلهي، وقضاء الوقت في السجود. قال البابا بندكتوس السادس عشر لمسيحيي المشرق: "أشجّعكم على تنمية صداقة حقيقية ودائمة مع يسوع من خلال قوّة الصلاة". أصدقاءنا الأعزّاء، مريم، والدة الإله وأمّنا، تتألّق بين جميع القديسين كونها الكلّية القداسة. يحمل العديد من الشباب المسبحة معهم في كلّ الأوقات، إمّا في جيوبهم، أو على معصمهم، أو حول أعناقهم. كم هو جميل أن ننظر إلى يسوع من خلال عينَي قلب مريم! حتّى من هنا، حيث نحن الآن، كم هو عذب أن نرفع نظرنا إلى سيّدة لبنان بالأمل والثقة".

    وأكّد قداسته على أنّنا "نودّ أن نترك لكم صلاة بسيطة وجميلة تُنسَب إلى القديس فرنسيس الأسّيزي: "يا ربّ، اجعلني أداةً لسلامك: حيثما وُجِدَت الكراهية، دعني أزرع المحبّة، وحيثما وُجِدَت الإساءة، دعني أزرع العفو، وحيثما وُجِدَ الشقاق، فليكن الوئام، وحيثما وُجِدَ الشكّ، فليكن الإيمان، وحيثما وُجِدَ الضلال، فلتكن الحقيقة، وحيثما وُجِدَ اليأس، فليكن الرجاء، وحيثما وُجِدَ الحزن، فليكن الفرح، وحيثما وُجِدَ الظلام، فليكن النور. لتُبْقِ هذه الصلاة فرح الإنجيل والحماس المسيحي حيّاً في قلوبكم. "الحماس" يعني "أن يكون الله في روحك". عندما يسكن الرب فينا، فإنّ الرجاء الذي يمنحنا إيّاه يثمر في العالم. في الواقع، الرجاء فضيلة "فقيرة"، لأنّها تقدِّم نفسها خالية الوفاض: يداها حرّتان دائماً لفتح الأبواب التي تبدو مغلَقة بسبب التعب أو الألم أو خيبة الأمل".

    وختم قداسته كلمته بالقول: "الرب سيكون معكم دائماً، ويمكنكم أن تكونوا على يقين من دعم الكنيسة بأكملها في التحدّيات الحاسمة في حياتكم وفي تاريخ بلدكم المحبوب. نوكلكم إلى حماية والدة الإله، سيّدة لبنان، والتي تنظر من قمّة هذا الجبل إلى هذا الإزهار الجديد. يا شباب لبنان، كونوا أقوياء كالأرز، واجعلوا العالم يزهر بالرجاء".

 

إضغط للطباعة