الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يشارك في الإحتفالية اليوبيلية بمناسبة مرور ستّين سنة على إصدار وثيقة "NOSTRA AETATE في عصرنا"، بكركي

 
 

    في تمام الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم السبت 8 تشرين الثاني 2025، شارك غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، في الإحتفالية اليوبيلية بمناسبة مرور ستّين سنة على إصدار وثيقة "NOSTRA AETATE في عصرنا"، وذلك في القاعة الكبرى بمقرّ الكرسي البطريركي الماروني، في بكركي.

    شارك في هذه المناسبة صاحب الغبطة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وسماحة الشيخ سامي أبي المنى شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز في لبنان، وممثّلون عن رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية في لبنان، وسيادة المطران باولو بورجيا السفير البابوي في لبنان، وعدد من المطارنة والكهنة من مختلف الكنائس، ومن رجال الدين من مختلف الطوائف الإسلامية، ونخبة من الباحثين والمهتمّين.

    وشارك أيضاً من كنيستنا السريانية الكاثوليكية صاحبُ السيادة مار متياس شارل مراد، والمونسنيور حبيب مراد.

    وخلال الجلسة الإفتتاحية، ألقى غبطة أبينا البطريرك كلمة استهلّها بالتنويه بأنّه "لستّين سنة خلت، أصدر البابا القديس بولس السادس الوثيقة المجمعية باللاتينية "NOSTRA AETATE" وبالعربية "في عصرنا"، حول نظرة الكنيسة الكاثوليكية إلى المنتمين إلى الديانات المعروفة، وإلى علاقاتها معهم، وفي مقدّمتهم: المسلمون واليهود. ونجد في هذه الوثيقة تطوّراً بارزاً للمبدأ السائد في المسيحية إلى آنذاك، والقائل بأنّ "لا خلاص خارج الكنيسة"، والذي كان يُفهَم حرفياً. بينما أقرّ الوثيقة المجمعية الحقّ باختلاف المفاهيم الدينية لدى جميع البشر، وحرّيتهم في التعبير عنها. هكذا تجاوزت الكنيسة لغة الحرف، إلى مفهوم أكثر شمولية وانفتاحاً على المؤمنين بالديانات غير المسيحية في العصر الحديث، وذلك دون أن تتنكّر لإيمانها بمخلّصها الرب يسوع المسيح".

    ولفت غبطته إلى أنّه "في لقائنا اليوم، أيّها الأحبّاء، نتذكّر أنّ الله سبحانه وتعالى هو خالقنا ومدبّرنا جميعاً، وأنّه يعلو ويتسامى على عباراتنا البشرية الساعية إلى معرفة كُنهِهِ الإلهي. وفي مثولنا أمامه، سيحاسبنا على كيفية عيشنا وصاياه تجاه الآخرين، لا سيّما تجاه المختلفين عنّا ديناً أو عرقاً، لا على نظرياتنا واجتهاداتنا الكلامية. فالمؤمنون بعيشهم الإنساني والحضاري هم أصحاب الحوار الديني الحقيقيون". 

    وشدّد غبطته على أنّنا "جئنا نجدّد عهدنا ونُعلن للملأ، وخاصّةً للجماعات التي نحن مؤتمَنون عليها، قناعتنا بأنّ عيشنا الواحد في لبنان وبلدان المشرق العربي على مدى قرون عديدة، هو نابع من حكمة إلهية ومن طاعة لمشيئته تعالى. لذلك علينا أن نحيا الأخوّة الإنسانية التي تجمعنا، ونلتزم بحوار الحياة الجامع، وبالعيش الواحد البنّاء، قوامه قبول الآخر، وهدفه احترام المعتقدات والممارسات الدينية وحرّية الضمير".

    وأكّد غبطته على أنّ "شعبنا، وبخاصّة الشباب، يتطلّع اليوم إلينا، كي نبني معاً، قولاً وفعلاً، أوطاننا التي مزّقَتها الصراعات المعلَنة والخفيّة. جئنا نعاهده سبحانه وتعالى أن نكون روّاداً للمحبّة الصادقة، والألفة الأخوية، فتعود الثقة فيما بيننا، ويحلّ السلام المستدام في ربوعنا".

    وأشار غبطته إلى أنّنا "منذ أسبوع، كنّا في زيارة إلى بغداد – العراق، بمناسبة مرور خمس عشرة سنة على تلك المجزرة التي أودت بحياة 48 شهيداً وتركت جراحات عديدة في 80 شخضاً. كنّا نحاول، إلى جانب تعزيتنا لذوي الشهداء، أن نبثّ فيهم روح الرجاء. فبعد تلك المجزرة، نَقُصَ عدد المسيحيين في بغداد أكثر من ستّين بالمئة. وعندما كنّا نزور المسؤولين، كانوا يعدوننا ويطلبون منّا أن نحثّ أولادنا على البقاء، ويقولون إنّ العراق لن يعود عراقاً إذا خلا من المسيحيين. وهذا ما نسمعه أيضاً، أكان في لبنان أو في سوريا".

    واستذكر غبطته "معكم الآن كلماتٍ معبّرةً أطلقها رئيس جمهورية مصر، الدولة العربية الكبرى، في حفل تخرُّج الدورة الثانية لتأهيل أئمّة وزارة الأوقاف، في شهر نيسان 2025، حيث شدّد فخامته على أهمّية الخطاب الديني الإيجابي والبنّاء في زمننا الحاضر، إذ قال: "إنّ أعظم ما نعوِّل عليه منكم هو... أن تكونوا دعاةً إلى الخير، ناشرين للرحمة، وسفراءَ سلام للعالم بأسره". ونحن نعلم أنّ فخامته لا ينقطع عن علاقاته مع جميع المواطنين، وبشكل خاصّ مع المسيحيين في مصر، وهم المواطنون الأصلاء في بلده، ويحضر كلّ عام جزءاً من القداس الإلهي في عيد الميلاد".

    ونوّه غبطته إلى أنّ "كثيرين منّا قد اطّلعوا على الرسالة بعنوان "كلمة سواء بيننا وبينكم"، والتي وقّعها علماء مسلمون من بلدان عدّة عام 2006، وفيها تذكير بأنّ الدين القويم يجمع بين حُبّ الله وحُبّ الجار لدى  المسلمين، وحبّ القريب لدى المسيحيين. وكلّنانعلمأنّهناك عباراتٍصالحةً لكلّزمانٍ ومكان،تدعو إلى الخير ومكارم الأخلاق. كما أنّ هناك عباراتٍ تعود إلى أزمنةٍ وأماكن من الماضي السحيق، تتّسم بالعنف وتكفير الآخرين. رسالتنا أن نحثّ المؤمنين كي يتمسّكوا بالآيات الداعية إلى مكارم الأخلاق وينشروها، لأنّها وحدها تعبّر عن جوهر الله، المحبّة والخير والكمال؟!".

    وختم غبطته كلمته بالقول: "نسأل الله، عزّ وجلّ، أن يؤهّلنا جميعاً، كي نسعى معاً، يداً بيد، وبقلوب متّحدة، لنشر رسالته هذه، فيعمّ السلام والأمان، وينعم العالم بالطمأنينة والإستقرار. إنّه السميع المجيب. وكما نقول في صلواتنا وأناشيدنا بحسب طقسنا السرياني: "ܥܰܠ ܐܰܠܳܗܳܐ ܬܽܘܟܠܳـܢܰܢ على الله الإتّكال". شكراً جزيلاً لإصغائكم".

    كما ألقى غبطة البطريرك بشارة الراعي، وكلٌّ من ممثّلي رؤساء الطوائف الإسلامية، كلمة تمحورت حول أهمّية هذه الوثيقة، والعلاقات المسيحية – الإسلامية الوطيدة في لبنان، فضلاً عن كلمات عدّة لباحثين وناشطين من مختلف الطوائف، تضمّنت تحليلاً للوثيقة، وخبرات عملية وميدانية. وتلا سيادة المطران شارل مراد الترجمة العربية للرسالة التي وجّهها بهذه المناسبة نيافة الكردينال جورج كوفاكاد رئيس دائرة الحوار بين الأديان في الفاتيكان.  

 

إضغط للطباعة