الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس أحد تقديس البيعة في كنيسة مار بهنام وسارة، الغدير - بغداد، العراق

 
 

    في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الأحد ٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة أحد تقديس البيعة وهو بدء السنة الطقسية الكنسية السريانية، وذلك على مذبح كنيسة مار بهنام وسارة، الغدير - بغداد، العراق.

    عاون غبطتَه صاحبُ السيادة مار أفرام يوسف عبّا، والمونسنيور حبيب مراد، بحضور ومشاركة الخوراسقف أفرام كذيا. وخدم القداس شمامسة الرعية وأعضاء الجوق، بمشاركة جماهير غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية وبناتها، والذين حضروا بلهفة بنوية لنيل بركة غبطته في هذا القداس الإلهي.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس بعنوان "أنتَ الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني بيعتي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها"، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بشكر الخوراسقف أفرام كذيا "على كلماتكَ اللطيفة التي تضمّنت الترحيب ومشاعر المحبّة البنوية.إنّها دوماً فرحة كبيرة لنا أن نكون معكم في هذا المساء في هذه الكنيسة، نأتي لنصلّي ونشترك معاً في القداس الإلهي، في الذبيحة الإلهية التي هي ذبيحة الشكر الإلهي، والإفخارستيا تعني الشكر الإلهي، وهي التي تجمع وتوحّد وتُحيِي الرعية دوماً في كلّ أنحاء العالم، لا سيّما ونحن نحتفل اليوم بأحد تقديس البيعة، تقديس الكنيسة، وهو الأحد الأول من السنة الطقسية الكنسية السريانية".

    ونوّه غبطته بأنّنا "سمعنا من الرسالة إلى العبرانيين هذه التعاليم عن موضوع الخيمة التي نصبها موسى، والتي كان فيها الوصايا وتابوت العهد الذي كان رمزاً وعلامةً لحضور الله الذي يجمع الشعب. وفي هذه الرسالة، نتذكّر أنّ الكاهن يدخل ويقدّم الذبيحة كفّارةً عن خطايا الشعب، لكنّ الرب يسوع لم يقدّم ذبيحة فقط، إنّما قدّم ذاته ذبيحة. إذن الرب يسوع هو الذبيحة لأبيه السماوي عنّا جميعاً".

    ولفت غبطته إلى أنّنا "في الإنجيل المقدس بحسب القديس متّى، سمعنا هذا الكلام الواضح للرب يسوع عندما أعلن شمعون بطرس بصوتٍ عالٍ وواضح أنّ الذي يسأله، المعلّم الذي دعاه للخدمة، هو ابن الله الحيّ، هو المسيح المنتظَر. ونحن نعلم أنّ الإنجيلي متّى وجّه إنجيله أولاً إلى العبرانيين، موضحاً لهم، هم الذين ينتظرون مجيء المسيح، معنى المسيح المكرَّس لله. فإعلان بطرس مهمّ جداً، إذ لأول مرّة يُعلَن في الإنجيل أنّ يسوع هو المسيح المنتظَر، بالرغم من أنّ يسوع يوصي تلاميذه في نهاية نصّ الإنجيل ألا يُخبِروا أحداً بأنّه المسيح، كي لا تحدث بلبلة. نعم، الحقيقة هي أنّ يسوع هو المسيح المنتظَر، ونحن نؤمن به بحسب قول الإنجيل المقدس: هو ابن الله المتأنِّس الذي صالحَنا مع أبيه السماوي".

    وأكّد غبطته على أنّها "فرحة كبيرة أن نكون معكم، أحبّاءنا، في هذه الكنيسة المقدسة التي تجمعكم كرعية مبارَكة. صحيحٌ أنّه نسبةً إلى زيارتنا الأخيرة إليكم، فالعدد ينقص، وهذا أمر نشهده، ليس فقط في كنيستنا السريانية، وليس فقط في العراق الغالي علينا، لكن، ونقولها بألم شديد، في كلّ الكنائس، وفي كلّ بلدان الشرق الأوسط. عددنا يقلّ، ونفتقر إلى شبابنا الذين ليسوا فقط مستقبل الكنيسة، بل إنّهم أيضاً حاضر الكنيسة الذي يعطي الحياة والإنتعاش والرجاء، لأنّ الكنيسة، كنيسة الرب يسوع، مبنيّة على صخرة لا يستطيع أحد أن يهدمها. لذلك، مهما كان عددنا، ومهما كانت صعوباتنا، ومهما تعدّدت التحدّيات التي تجابهنا، وبشكل خاصّ تجابه الشبيبة والصغار، سنبقى أمناء للرب يسوع".

    واستذكر غبطته "آباءنا وأجدادنا الذين عانوا الكثير في حياتهم كي يبقوا أمناء للرب يسوع، لذلك نفتخر أن نكون أبناء وأحفاد هؤلاء المؤمنين. وكما تعلمون، إنّ زيارتنا هذه إليكم تأتي خاصّةً بمناسبة الإحتفال بالذكرى السنوية الخامسة عشرة لمجزرة كاتدرائية سيّدة النجاة، هذه المجزرة المخيفة التي قام بها إرهابيون يكفِّرون الخير ويقتلون باسمه تعالى".

    وشدّد غبطته على أنّنا "جئنا إليكم كي نكون إلى جانب سيدنا المطران مار أفرام يوسف والآباء الخوارنة والكهنة وجميع الأحبّاء، حتّى نقول على الملأ: علينا أن نبقى متجذّرين في أرضنا، في وطننا. نعم، قد يكون الذين غادرونا أسعدَ منّا، يعيشون نوعاً من الحرّية والكرامة ومن الإزدهار المادّي والراحة المعنوية، لكن نحن هنا لدينا رسالة مهمّة جداً، ولو كنّا أقلّية، فمهما حصل، سنبقى أمناء للرب يسوع، ونشهد له أنّه هو الفادي، ولا نخجل من المجاهرة بهذه الحقيقة أمام الأكثرية التي لا تؤمن إيماننا، بل نعلن هذا الإيمان بكلّ شجاعة وبكلّ احترام للآخرين، وندعو إلى العيش الواحد بين المواطنين، وإلى إحلال السلام والأمان بشكل حقيقي في هذا البلد العزيز العراق".

    وتوجّه غبطته إلى المؤمنين بالقول: "نعم، تعذّبتم وتألّمتم كثيراً، كما أنّ العراق مرّ بأزمات كثيرة. لكن، مهما حدث، سنبقى شعب الرجاء، ونعلن لأولادنا وصغارنا أنّه لا يجب أن نخاف أبداً، فيسوع معنا كما وعد، ولا أحد يستطيع أن يغلب كنيسته لأنّها مؤسَّسة على صخرة الإيمان به أنّه ابن الله الحيّ، هو يسوع الذي سفك دمه الثمين من أجل فدائنا، مقدِّماً ذاته ذبيحةً حيّةً على الصليب".

    وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، في بداية هذه السنة الطقسية الكنسية الجديدة، كي يجدّد فينا الإيمان به، هذا الإيمان الذي أعلنه بطرس، فنحيا ثابتين به على صخرة الإيمان والحقّ والرجاء. نسأله أن يباركَنا جميعاً، ويبارك الكنيسة في كلّ مكان، بإكليروسها ومؤمنيها، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النجاة، والقديسَين الشهيدَين مار بهنام وأخته سارة، شفيعَي هذه الكنيسة، وجميع القديسين والشهداء".

    وكان الخوراسقف أفرام كذيا، كاهن الرعية، قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطة أبينا البطريرك: "في هذا المساء المبارك، تحتفل الكنيسة بأحد تقديس البيعة، وتبدأ زمناً طقسياً جديداً، زمن التقديس الذي نعيد فيه اكتشاف دعوتنا كأعضاء حيّة في جسد المسيح، وكأحجار حيّة في بيعة الله المقدسة. وما أجمل أن يتزامن هذا اليوم مع استقبالنا لغبطة أبينا البطريرك، راعي كنيستنا السريانية في العالم، ليكون حضوره بيننا علامة حيّة على وحدة الكنيسة الجامعة، وعلى محبّة الراعي الصالح الذي يجمع خرافه ويقودها إلى المراعي الروحية. إنّ مبارَكة غبطته لنا في هذا الأحد، تضفي على احتفالنا بُعداً كنسياً عميقاً، حيث نرى بشخصه صورة الكنيسة الأمّ التي تحتضن أبناءها وتشدّد عزيمتهم وترافقهم في مسيرتهم وسط التحدّيات".

    وتابع قائلاً: "إنّ احتفال غبطته بهذا القداس الإلهي يجعلنا نتذوّق طعم الوحدة الحقيقية، حيث يجتمع الرأس مع الأعضاء في جسد المسيح الواحد، فنصير جميعاً قلباً واحداً ونفساً واحدة. فنحن اليوم لا نحتفل فقط بزيارة راعوية، بل نحتفل بسرّ الكنيسة، وبسرّ حضور المسيح وسط شعبه، وبالدعوة إلى أن نكون نحن الكنيسة، نحن البيعة، نحن الهيكل الحيّ الذي يسكن فيه الروح القدس. إنّه ليومٌ مملوءٌ بالنعمة والرجاء، أن نستقبل أبانا البطريرك، راعي كنيستنا السريانية الكاثوليكية في العالم، وحضوره بيننا علامة حيّة على محبّة المسيح التي تتجلّى برعاية الراعي الصالح لشعبه، كما قال الرب يسوع: أنا الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. أحبّائي، إنّ هذه الزيارة المبارَكة هي دعوة لنا أن نثبت في الإيمان، وننمو في المحبّة، وأن نشهد للإنجيل بفرح ورجاء. فكما حمل الشهيد بهنام وأخته سارة صليب الرب ببطولة، نحن أيضاً مدعوون أن نحمل صليبنا كلّ يوم ونتبع الرب يسوع".

    وأردف متوجّهاً إلى غبطته بالقول: "غبطةَ أبينا البطريرك، جئتم إلينا أباً ورأساً وراعياً، تحملون إلينا بركة الكنيسة الجامعة، وتؤكّدون لنا أنّنا لسنا وحدنا في مسيرتنا، بل نحن جزءٌ حيٌّ في جسد المسيح الممتدّ في كلّ المسكونة. فلنرفع صلاتنا معاً إلى الرب كي يديم غبطتكم، ويمنحكم الصحّة والقوّة لتواصلوا رسالتكم الرسولية، ويبارك كنيستنا السريانية في العراق، فتظلّ منارة إيمان ورجاء وسط هذا العالم العطشان إلى النور".

    وختم قائلاً: "أخيراً، أنتهز الفرصة لأقدّم الشكر الجزيل إلى سيادة راعي أبرشيتنا الجليل مار أفرام يوسف عبّا على محبّته ورعايته الأبوية"، شاكراً أيضاً الشمامسة، وأعضاء الجوق، وأعضاء مجلس الرعية، وكلّ من ساهم من قريب أو بعيد في تهيئة هذا الإحتفال، والمؤمنين المشاركين في هذه المناسبة.

    وبعد نهاية القداس، انتقل غبطة أبينا البطريرك بموكب حبري مهيب إلى قاعة الكنيسة، حيث استقبل المؤمنين الذين نالوا بركته الأبوية، في جوّ من الفرح الروحي الغامر بلقاء الأب بأبنائه وبناته الروحيين.

     


 

إضغط للطباعة