في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 12 تشرين الأول 2025، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد سيّدة فاتيما، وذلك على مذبح كنيسة مريم العذراء سيّدة فاتيما، في حارة صخر – جونيه، كسروان، لبنان.
عاون غبطتَه في القداس المونسنيور حبيب مراد، والأب يوسف درغام، وشارك فيه الأب سعيد مسّوح، والأب مجد ميدع، والشمامسة الإكليريكيون طلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة، والأخوات الراهبات الأفراميات، وجوق الرعية الذي خدم القداس، وجمع غفير من المؤمنين من أبناء الرعية، يتقدّمهم الأستاذ الياس البعينو رئيس اتّحاد بلديات كسروان الفتوح ورئيس بلدية زوق مكايل، والأستاذ ميشال متّى رئيس المجلس العام الماروني، وفعاليات مدينة وبلدية واختيارية، ولجان الرعية وهيئاتها وفعالياتها.
بدايةً، استُقبِلَ غبطتُه من كاهن الرعية وأبنائها أمام المدخل الخارجي، حيث أدّت الفرقة الموسيقية العائدة لحركة مار شربل – درعون المعزوفات والترانيم ترحيباً بغبطته، لينتقل غبطته إلى الكنيسة، حيث احتفل بالقداس الإلهي.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بتوجيه "الشكر للأب يوسف درغام على كلماته اللطيفة التي رحّب فيها بنا كبطريرك وأب وراعٍ للكنيسة. ومعنا أيضاً المونسنيور حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، والأب سعيد مسّوح مدير الإكليريكية، ومساعده الأب مجد ميدع، والشمامسة الإكليريكيون، والأخوات الراهبات اللواتي يخدمْنَ بكلّ تفانٍ، لا سيّما في بيت الفتاة حيث يعتنينَ بأخواتهنَّ الصغيرات ويقمنَ بتنشئتهنَّ التنشئة الصالحة، والجوق. نرحّب بالجميع، لا سيّما الأستاذ الياس البعينو رئيس اتّحاد بلديات كسروان الفتوح، ورئيس المجلس الماروني، وكلّ الأحبّاء، ونرحب بلجان الرعية وفعالياتها، وبكلّ الذين يسعون كي تبقى هذه الكنيسة مشعَّةً بحبّ الله، وبتكريم أمّنا مريم العذراء، وبالشهادة للمحبّة والسلام في هذه المنطقة من جونيه وكسروان".
ولفت غبطته إلى أنّنا "تحت أقدام سيّدة لبنان التي هي أيضاً عذراء فاتيما، والتي نحتفل بعيدها في اليوم الثالث عشر من الشهر، وهكذا لم يعد رقم 13 للشؤم كما يعتبره البعض، بل بالعكس، فهو بالنسبة لنا رقم نتهلّل به بالله ونسبّحه، كما تهلّلت به مريم العذراء وسبّحَتْه، هي التي امتازت بالمحبّة والتواضع. وهكذا نسأل الرب كي يحفظ هذه الرعية، بهمّة كاهنها الأب يوسف، حتّى تبقى هذه الكنيسة بيت الله فعلاً. وقد تحقّقت أمنيتنا بإتمام مراحل درب الصليب بهذا الموزاييك الجميل، وإن شاء الله تستمرّ أعمال الزينة التي تمجّد الرب في هذه الكنيسة التي هي الوحيدة في الساحل اللبناني التي تدعو إلى تكريم أمّنا مريم العذراء سيّدة فاتيما".
ونوّه غبطته بأنّ "مار بولس، رسول الأمم، يتكلّم في رسالته التي سمعناها اليوم، وكأنه رسول هذا العصر، فيشدّد على أنّنا نحتاج إلى مؤمنين صادقين ونزيهين وشجعان. فلا نخاف من قول الحقيقة، ونتمسّك بالرب يسوع، مهما كانت الضغوطات والأزمات. ويتكلّم أيضاً في رسالته عن عوائق الهواء، كأنّه موجود معنا اليوم بما نسمّيه وسائل التواصل الإجتماعي التي تنتشر في العالم كلّه، والتي تعطي بالتأكيد فوائد كثيرة، ولكنّها للأسف تغشّ كثيرين، ولا سيّما الشبيبة والصغار. فإذاً نحن لا نخاف، وعلينا أن نكون دائماً على استعداد لنتقبّل الصعوبات والتحدّيات، ولنثبت بإيماننا، حتّى نحافظ على وحدة الكنيسة ومحبّة الرب وإخوتنا وأخواتنا، وندعو للجميع بالسلام".
وتناول غبطته الحاجة الماسّة إلى السلام في عالمنا اليوم، فقال: "كم نحتاج اليوم إلى السلام، بشكل خاصّ هنا في لبنان، فالبلدان من حولنا، أكانت عربية أو غير عربية، بدأت تنتظم وتتدبّر أمورها، مهما كانت الظروف. أمّا هنا في لبنان، فتبقى المشكلة وكأنّنا خُلِقْنا حتّى نظلّ نتناحر ونسعى لنتسلّح ونتقوّى بالخارج على أبناء وبنات وطننا".
وتضرّع غبطته "إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّه وأمّنا العذراء مريم، أن يلهم جميع القيّمين على لبنان كي يبذلوا كلّ جهدهم بالحقّ والشجاعة والنزاهة، ليحافظوا على لبنان كرسالة للمنطقة وللعالم. ولا ننسى اليوم، وتعرفون جيّداً ماذا جرى في البلدان المحيطة بلبنان، فالمسيحيون، وهذا الأمر واقعي للأسف، يهجرون الأراضي التي كانت أراضي آبائهم وأجدادهم في البلدان المجاورة، ويبقون دائماً راجين، يعيشون الرجاء، أنّ لبنان سيبقى المأوى للجميع، لا سيّما لما نسمّيه المكوِّنات المسيحية في الشرق".
وختم غبطته موعظته طالباً "من العذراء مريم أن تنظر إلينا وتشفق علينا وتدعو لنا كي نكون حقيقةً أقوياء، حتّى نحافظ على لبنان، هذا البلد الذي هو رسالة المحبّة والسلام للجميع".
وكان كاهن الرعية الأب يوسف درغام قد القى كلمة رحّب فيها بغبطة أبينا البطريرك، فقال: "صاحبَ الغبطة، حللتم في رعيتنا فرحاً وسلاماً، وخاصّةً اليوم، في ذكرى الظهور الأخير لسيّدة فاتيما الداعية إلى السلام والأمان في العالم، والتوبة في القلوب. كنتم ولا تزالون وستبقون، يا صاحب الغبطة، أباً وراعياً ورأساً ومُحِبّاً لكنيستكم".
وتابع: "بأفواه جميعنا، نحن الموجودين هنا، من آباء كهنة وشمامسة وراهبات ومسؤولين مدنيين، نرفع إليكم آيات الحبّ والتقدير، ونثمّن ما تقومون به على المستويات كافّةً، ولا سيّما رعاية شؤون المؤمنين، وبشكل خاصّ اجتماعياً على مستوى طلابنا في مدارس البطريركية، حيث تقدّمون لهم التربية والتعليم مجّاناً، شاكرين لكم دعمكم الدائم، سائلين الرب أن يحفظكم بالصحّة والعافية، وملتمسين رعايتكم الأبوية، مع بركتكم الرسولية. أهلاً وسهلاً بكم، صاحب الغبطة".
وقبل نهاية القداس، طاف غبطته في زيّاح حبري داخل الكنيسة وفي ساحتها، يتقدّمه الآباء الكهنة والشمامسة والراهبات والمؤمنون، وهم يسيرون خلف صورة مريم العذراء سيّدة فاتيما، ليمنح غبطته بعدئذٍ البركة الختامية.
وبعد القداس، استقبل غبطة أبينا البطريرك المؤمنين الذين تقدّموا من غبطته ملتمسين بركته، ومقدّمين التهاني بهذا العيد المبارك، في جوّ من الفرح الروحي الغامر بلقاء الأب مع أبنائه.
|