الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يشارك في قداس ورتبة جنّاز ودفن المثلَّث الرحمات قداسة البابا فرنسيس، الفاتيكان

 
 

    في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم السبت ٢٦ نيسان ٢٠٢٥، شارك غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، في القداس الإلهي ورتبة جنّاز ودفن المثلَّث الرحمات قداسة البابا فرنسيس، وذلك في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.

    احتفل بالقداس ورتبة الجنّاز والدفن صاحبُ النيافة الكردينال جيوفاني باتيستا ري عميد مجمع الكرادلة، يشاركه أصحابُ الغبطة بطاركة الكنائس الكاثوليكية الشرقية، وأصحاب النيافة الكرادلة، بحضور ومشاركة عدد كبير من رؤساء الأساقفة والأساقفة والخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والمكرَّسين ومئات الآلاف من المؤمنين غصّت بهم الساحة والساحات المحيطة بها على رحبها، وهم قادمون من دول ومناطق شتّى حول العالم.

    كما شارك عدد من البطاركة والأساقفة ممثّلين الكنائس الأرثوذكسية، ورؤساء جمهوريات وحكومات من مختلف دول العالم.

    وبعد الإنجيل المقدس، ألقى نيافة الكردينال ري موعظة روحية تحدّث فيها عن المثلَّث الرحمات البابا فرنسيس وشهادته الإيمانية وتواضعه العميق ودعوته الدائمة إلى المحبّة والرحمة، لافتاً إلى أنّ "سيل المشاعر الجارفة والمشاركة التي شهدناها في هذه الأيّام، منذ انتقاله من هذه الأرض إلى الأبدية، يدلّ على مدى تأثير حبرية البابا فرنسيس في العقول والقلوب. ورغم ما اعتراه من ضعف وألم في أواخر حياته، فقد اختار البابا فرنسيس أن يسلك طريق بذل الذات حتّى آخر يوم من حياته الأرضية. لقد تبع خطوات سيّده، الراعي الصالح، الذي أحبّ خرافه حتّى بذل حياته في سبيلها. وقد فعل ذلك بقوّة وطمأنينة، قريباً من قطيعه، كنيسة الله".

    وفصّل نيافته مسيرة البابا فرنسيس منذ دخوله في الرهبانية اليسوعية، ثمّ سيامته الكهنوتية، وخدمته الأسقفية، حتّى انتخابه خلفاً للبابا بنديكتوس السادس عشر، مشيراً إلى "بصمته الواضحة على أسلوب قيادة الكنيسة من خلال تواصُله المباشر مع الأشخاص والشعوب، وسعيه الدائم كي يكون قريباً من الجميع، مع اهتمام خاصّ بالأشخاص الذين يعيشون في صعوبات، فبذل نفسه بشكل كامل في سبيل الأخيرين والمهمَّشين. لقد كان بابا بين الناس، بقلب منفتح على الجميع. كذلك كان بابا يُصغي إلى نبض العصر وما يحرّكه الروح القدس في الكنيسة. وبأسلوبه الخاصّ، وبكلماته الغنيّة بالصوَر والاستعارات، سعى على الدوام إلى إنارة قضايا زمننا بحكمة الإنجيل، وقدّم أجوبة بنور الإيمان، وشجّع الجميع على عيش التحدّيات والتناقضات في هذه المرحلة التي كان يحبّ أن يصفها بأنها "تغيُّر زمن". كان يتمتّع بعفوية فريدة وأسلوب غير رسمي في مخاطبة الجميع، حتّى الأشخاص البعيدين عن الكنيسة".

    وتناول نيافته أهمّية الرحمة والفرح والرجاء في حبرية البابا فرنسيس، وإيمانه العميق بأنّ "الكنيسة هي بيت الجميع وأبوابها لا توصَد في وجه أحد"، مشبّهاً إيّاها "بمستشفى ميداني، كنيسة قادرة على أن تنحني على كلّ إنسان، بعيداً عن أيّة عقيدة أو حالة، وتداوي جراحه"، مولياً دعماً خاصّاً لقضية اللاجئين والمهجَّرين، ومقدّماً عطفاً خاصّاً للفقراء والمحتاجين.

    وتوقّف نيافته بإسهاب عند الزيارات الرسولية للبابا فرنسيس، ومن بينها زيارته التاريخية إلى العراق، ودعوته "إلى ثقافة اللقاء والتضامن في وجه ثقافة الإقصاء، وتركيزه على موضوع الأخوّة كخيطٍ ذهبي نسج به حبريته كلّها، بنبرة نبوية تهزّ الوجدان"، منوّهاً بأنّه "أمام اتّساع رقعة الحروب في هذه السنوات، بما تحمله من فظائع لا إنسانية ودمار لا يُحصى، لم يَكِلّ البابا فرنسيس يوماً عن رفع صوته منادياً بالسلام، داعياً إلى التعقُّل والحكمة، وإلى المفاوضات النزيهة بحثاً عن حلول ممكنة، لأنّ الحرب - كما كان يكرّر - ليست إلا موتاً للأشخاص، وخراباً للمنازل، وتدميراً للمستشفيات والمدارس، وكان يؤكّد أنّ الحرب تجعل العالم أسوأ ممّا كان عليه، وهي دوماً، للجميع، هزيمة موجعة ومأساوية".

    وختم نيافته موعظته ضارعاً إلى الرب يسوع كي يرحم نفس البابا الراحل، متوجّهاً إليه بالقول: "نحن نطلب صلاتكَ، يا قداسة البابا، من أجلنا، ونسألك أن تبارك من علياء السماء، الكنيسة، وروما، والعالم أجمع، كما فعلتَ يوم الأحد الماضي من شرفة هذه البازيليك، في عناقك الأخير لشعب الله بأسره، وللإنسانية التي تبحث عن الحقيقة بقلب صادق، وتحمل شعلة الرجاء عالياً".

    وقبل ختام القداس، رفع أصحاب الغبطة البطاركة والرؤساء الأعلون للكنائس الكاثوليكية الشرقية الصلاة معاً، باسم الكنائس الشرقية ذات الحقّ الخاصّ، من أجل راحة نفس البابا فرنسيس.

    وفي نهاية القداس، بارك نيافة الكردينال ري نعشَ المثلَّث الرحمات البابا فرنسيس، ورشّه بالماء المقدس. ثمّ نُقِلَ الجثمان إلى داخل بازيليك مار بطرس في الفاتيكان، للصلاة، ومنها إلى بازيليك مريم الكبرى في روما، حيث وُورِيَ في الثرى بفناء البازيليك بحسب وصيته.

    هذا وقد تبادل غبطة أبينا البطريرك مشاعر التعازي والقرب الروحي برقاد قداسة البابا فرنسيس، مع جميع أصحاب الغبطة البطاركة وأصحاب النيافة الكرادلة، مع الدعاء إلى الرب يسوع، الراعي الصالح، كي يرحم نفسه، وينعم عليه بإشراقة نوره الأبدي، ويمتّعه بالسعادة الدائمة، جزاء خدمته الباذلة والمتفانية للكنيسة والشعب المؤمن في كلّ مكان، وكي يمنّ على الكنيسة براعٍ صالح يتابع مسيرة الرعاية والتدبير بحسب قلبه القدوس.

    رافق غبطةَ أبينا البطريرك للمشاركة في هذه المناسبة صاحبا السيادة: مار فلابيانوس رامي قبلان، ومار أثناسيوس فراس دردر، والمونسنيور حبيب مراد.

 

إضغط للطباعة