الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس منتصف ليل عيد القيامة المجيدة ورتبة السلام في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت

 
 

 

    غبطة أبينا البطريرك يونان: "نبتهل إلى الله كي يعمل ويملأ هذا البلد لبنان بنعمة السلام، حتّى يقوم حقيقةً بالعزّ، ويبني أبناءه وبناته، هذا البلد الذي لطالما أحببناه ونحبّه، وهو غالٍ علينا وعلى كلّ المسيحيين في الشرق"

 

    في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من ليل يوم السبت 30 آذار 2024، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بقداس منتصف ليل عيد قيامة الرب يسوع من بين الأموات ورتبة السلام، وذلك في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت.

    عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية. وخدم القداس جوق الرعية، بحضور ومشاركة جموع عفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية، والذين غصّت بهم الكاتدرائية.

    افتتح غبطته الصلاة بإعلان البشرى العظمى بقيامة الرب يسوع من بين الأموات. ثمّ أقام رتبة السلام التي يتميّز بها احتفال عيد القيامة بحسب الطقس السرياني، مانحاً السلام إلى الجهات الأربع. وطاف غبطته في زيّاح حبري داخل الكاتدرائية، حاملاً الصليب المزيَّن براية بيضاء علامةً للغلبة التي حقّقها الرب يسوع بالقيامة منتصراً على الموت، ليحتفل غبطته بعد ذلك بقداس العيد.

    وفي موعظته بعد انتهاء رتبة السلام، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بتحيّة المعايدة التقليدية "المسيح قام، حقّاً قام"، ثمّ قال: "تابعتم الصلوات والرتب طوال هذا الأسبوع الخلاصي الذي نسمّيه أسبوع الآلام، لا سيّما قداس خميس الفصح ورتبة الغسل، وكذلك السجدة للصليب، والقيامة. فاليوم سمعنا من أسفار العهد القديم التي تحدّثنا عن المسيح الذي يأتي منتصراً على الموت. كما أنّ مار بولس يذكّرنا دائماً أنّه إذا لم يقم المسيح، فإيماننا باطل، لأنّ إيماننا، نحن المسيحيين، تأسّس على قيامة المسيح. فالمسيح، الذي هو ابن الله المتأنّس من مريم البتول، فدانا بآلامه وموته، وتكلّلت هذه الآلام وهذا الموت بالقيامة المجيدة، لذلك نسمّي هذا العيد بالعيد الكبير".

    ولفت غبطته إلى أنّنا "أخذنا كلمة الفصح من العيد العبراني، عندما قطع الشعب العبراني البحر بعدما تناول الحمل الفصحي كغذاء كي يتحرّر من عبودية فرعون. وحتّى اليوم، حينما يحتفل اليهود بالفصح، يسردون كلّ تاريخ وجودهم العبودي (المستعبَد) في مصر، وكيف تحرّروا مع موسى، ووصلوا إلى أرض الميعاد، وهنا نتكلّم عن حقبة تعود إلى ما قبل 3000 سنة. ويسوع هو يهودي من سبط يهوذا، أي هو ابن ابراهيم واسحق ويعقوب، إذ من المعروف أنّ يوسف كان من هذه السلالة، فكان يسوع إذاً يعرف جيّداً ما معنى الاحتفال بالفصح. لذلك، قبل أن يُصلَب، طلب من تلاميذه أن يجتمعوا في علّية الأسرار، وهناك احتفل معهم بالفصح يوم الخميس كما يحتفل اليهود. لكن بدل أن يتذكّروا الحمل المذبوح في مصر، ذكّرهم يسوع بموته وقيامته. ومن الطبيعي أنّ التلاميذ لم يكونوا يفهمون هذا السرّ بعد، لكن بعد قيامة يسوع بدأوا يفهمون. لذا، بعد القيامة، انطلقوا يبشرّون بيسوع الذي مات ووُضِع في القبر وقام وصعد إلى السماء".

    ونوّه غبطته إلى أنّ "ما يلفت النظر هو أنّنا سمعنا اليوم من إنجيل القيامة بحسب القديس مرقس، أنّ النساء اللواتي كُنَّ يخدمْنَ يسوع والتلاميذ، وبينهنَّ مريم المجدلية ومريم زوجة كلوبا وسالومه، واللواتي كُنَّ حول الصليب حين صُلِبَ يسوع، حيث لم يبقَ قرب الصليب سوى يوحنّا الذي كان أصغر التلاميذ، أمّا بقيّة التلاميذ فقد هربوا خوفاً من أن يُقبَض عليهم. هذه النساء هنَّ اللواتي ذهبْنَ إلى القبر، واكتشفْنَ أنّ القبر فارغ، وظهر لهُنَّ الملاك قائلاً: لماذا تفتِّشْنَ عن يسوع، فقد قام كما قال لَكُنَّ، وسيتلقي معكنَّ، اذهبْنَ وأخبِرْنَ التلاميذ".

    وأشار غبطته "أنّ لأمّهاتنا وأخواتنا اللواتي يشتركْنَ بشكل مميَّز في الصلوات والقداديس والرتب أجر كبير عند الرب، فالنساء هنّ أوّل من بُشِّرَ بقيامة المسيح، مع أنهُنَّ لم يَكُنَّ يتوقَّعْنَ هذا الأمر أبداً، لأنَّ أمامهنَّ صُلِبَ يسوع ومات، وأخذْنَ الحنوط كي يحنِّطْنَ جسد يسوع. لكنّ القيامة تمّت، وكما يقول مار بولس: إنّ قيامة المسيح هي عربون قيامتنا نحن أيضاً.

    وتناول غبطته "رتبتنا التي تابعناها بالأناشيد السريانية، حيث نركّز كثيراً على موضوع السلام، فقيامة يسوع هي منبع السلام للبشرية، والسلام هو الحاجة التي يحنّ إليها الإنسان منذ بدء الخليقة، والكنيسة تذكّرنا أنّ الذي يعطي السلام الحقيقي هو المسيح القائم من بين الأموات، سلام النفس مع الرب: سلام الشخص مع القريب، وسلام الشخص مع ذاته. فالسلام مهمّ جداً، ونحن نعرف أهمّية السلام، نحن الذين نعيش في هذه المعاناة هنا في لبنان، ولو أنّنا هنا في هذه المناطق، نشكر الله، ليس هناك أخطار أمنية، لكنّنا نتذكّر في هذا العيد أهالي الجنوب اللبناني الذين أُرغِموا على ترك منازلهم ومدارسهم وأعمالهم".

    وتابع غبطته: "ننشد السلام بالسريانية للبعيدين والقريبين ܫܠܳܡܳܐ ܫܠܳܡܳܐ ܠܪ̈ܰܚܺܝܩܶܐ ܘܰܠܩܰܪ̈ܺܝܒܶܐ، فنفكّر بالقريبين منّا هنا في لبنان، ونفكّر أيضاً بالذين يتعذّبون في سوريا، وبالذين تعذّبوا في العراق، واليوم في الأراضي المقدسة أيضاً، وخاصّةً في قطاع غزّة، وأيضاً للبعيدين، فنتذكّر أنّ بلدين مسيحيَّين يتقاتلان، روسيا وأوكرانيا، والضحايا بالآلاف، والمهجَّرون بالملايين. يحتاج الإنسان إلى السلام، وهذا الأمر عائد إلى نقاء النفس وقبول الآخرين والاعتراف بحقوقهم، كي نستطيع أن نعيش مع بعضنا البعض بالسلام".

    وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، إله السلام، كي يظلّ معنا، ويبارك عائلاتنا وأولادنا وأعمالنا، ويبارك خاصّةً أولادنا الصغار الذين نراهم اليوم يحضرون معكم ويشاركون في قداس عيد القيامة في هذا المساء. نسأل الرب يسوع أن يرافق الشبيبة في هذه الفترة العصيبة، ونبتهل إليه كي يعمل ويملأ هذا البلد لبنان بنعمة السلام، حتّى يقوم حقيقةً بالعزّ، ويبني أبناءه وبناته، هذا البلد الذي لطالما أحببناه ونحبّه، وهو غالٍ علينا وعلى كلّ المسيحيين في الشرق، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة البشارة، والنسوة الصالحات اللواتي أنبَأْنَ بقيامة الرب، وجميع القديسين والشهداء".

    وقبل نهاية القداس، قدّم المونسنيور حبيب مراد التهاني البنوية إلى غبطته باسم الرعية والمؤمنين، متمنّياً له دوام الصحّة والعافية كي يتابع رعاية الكنيسة في كلّ مكان بما حباه الله من أبوّة وحكمة، مهنّئاً جميع الحاضرين بهذا العيد المجيد.

    وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، نال المؤمنون بركة غبطته، وقدّموا له التهنئة بعيد القيامة المجيدة، في جوٍّ من الفرح بلقاء الأبناء بأبيهم الروحي.

 

إضغط للطباعة