الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
الإحتفال بعيد القديس مار أفرام السرياني شفيع كنيستنا السريانية وملفان الكنيسة الجامعة في كاتدرائية مار جرجس التاريخية، الخندق الغميق - الباشورة، بيروت

 
 

    في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم السبت 17 شباط 2024، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي الحبري الرسمي بمناسبة عيد القديس مار أفرام السرياني شفيع كنيستنا السريانية وملفان الكنيسة الجامعة، وذلك في كاتدرائية مار جرجس التاريخية، الخندق الغميق – الباشورة، بيروت.

    عاون غبطتَه في القداس صاحبا السيادة المطرانان: مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار يوليان يعقوب مراد رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك، بحضور ومشاركة صاحب السيادة مار غريغوريوس بطرس ملكي، والآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية وأبرشية بيروت البطريركية ودير الشرفة، والشمامسة والرهبان الأفراميين والراهبات الأفراميات والإكليريكيين طلاب إكليريكية دير سيّدة النجاة – الشرفة، وجموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعايا السريانية في أبرشية بيروت البطريركية، ومن إرسالية العائلة المقدسة للنازحين العراقيين والسوريين في لبنان. وخدم القداس الجوق البطريركي الجديد، وأشرفت على التنظيم الحركات الثلاث: مار شربل – بيروت، مار بهنام وسارة – الفنار، ومار شربل – درعون.

    وحضر القداس صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وصاحب السيادة المطران باولو بورجيا السفير البابوي في لبنان، وصاحب النيافة مار اقليميس دانيال كورية ممثّلاً صاحب القداسة مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وصاحب النيافة المطران شاهيه بانوسيان ممثّلاً صاحب القداسة آرام الأول كيشيشيان كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس، وسيادة المونسنيور كبريال – باتريك موراديان ممثّلاً صاحب الغبطة روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك، وسيادة الأرشمندريت كميل ملحم ممثّلاً صاحب الغبطة يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، وصاحب السيادة المطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة أبرشية بيروت المارونية، وصاحب النيافة مار كريسوستوموس ميخائيل شمعون مطران أبرشية جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس، وصاحب السيادة المطران حنّا علون النائب البطريركي العام للموارنة، والمونسنيور جيوفانّي بيكّيرّي القائم بالأعمال وسكرتير السفارة البابوية في لبنان.

    بعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة بعنوان "حينئذٍ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (متّى 13: 43)، تحدّث فيها غبطته عن وصفِ الرب يسوع "حالة الأبرار الذين تحمّلوا ضيقات العالم وتحدّياته وغلبوه بالصبر والاحتمال، بأنّهم يضيئون بل يشعّون ويتلألأون كالشمس في ملكوت الله، وهذا أبلغ تعبير عن مشاركة الإنسان لله في مجده الأبدي. هذه الإضاءة لا تأتي من فراغ، بل هي ناتجة عن حياة البرّ والقداسة في خضمّ ظلمة هذا العالم، وهذا مصدر العزاء الذي يتوق كلّ مؤمن إلى نيله. مار أفرام هو أحد هؤلاء الأبرار الذين غلبوا العالم وتحدّياته، وها هو يضيء متلألئاً كالشمس في ملكوت الله".

    وأعرب غبطته عن سروره بالاجتماع "معاً في مساء هذا اليوم المبارك، السبت الأول من زمن الصوم الكبير، لنحتفل معاً بعيد شفيع كنيستنا السريانية وملفان الكنيسة الجامعة، القديس مار أفرام السرياني"، مرحّباً بحضور الجميع، ولافتاً إلى أنّ "سرورنا يزداد إذ نُحيِي هذا الاحتفال السنوي للمرّة الثانية على التوالي في هذه الكاتدرائية التاريخية العريقة، المسمّاة على اسم القديس جرجس الشهيد العظيم، شفيع العاصمة بيروت العزيزة، هذه الكاتدرائية التي رمّمناها بعدما نالت منها يد التدمير والتخريب، فهُدِمت بالكامل خلال سنوات الحرب المشؤومة التي حلّت بلبنان، وبقيت مدمَّرةً لسنوات طويلة، إلى أن أعاننا الرب وأنجزنا إعادة بنائها، محافظين على طابعها الكنسي الأصيل، لتبقى شاهدةً لحضورنا السرياني المتجذّر في عمق لبنان الغالي وفي قلب عاصمته الصامدة". 

    واستفاض غبطته في الكلام عن سيرة القديس مار أفرام السرياني الذي "أضاء وتلألأ في ملكوت الآب السماوي بما حباه الله من فضائل وحياة زاخرة بالأعمال الجليلة"، متناولاً كيف تلألأ هذا القديس العظيم بروحانيته السريانية الأصيلة، وبتأمُّله في الكتاب المقدس، وتعمُّقه في دراسة أسفاره وتفسيرها، ونسكه وزهده وتكرُّسه الكلّي للرب، إذ قضى حياته بالصوم والصلاة والتقشّف، بما حباه الله من تواضع ووداعة، ما حدا به إلى أن يبقى شمّاساً، إذ اعتبر نفسه غير مستحقّ لموهبة الكهنوت العظيمة، وكونه ملفاناً أي معلّماً للبيعة المقدسة التي أغناها بكتاباته، وهو الشاعر المُلهَم والمتولّه بمديح العذراء مريم، لا بل إنّه المريمي بامتياز، والمدافع الصلب عن إيمان الكنيسة وعقائدها، والعاشق للغة السريانية، لغة الرب يسوع ووالدته العذراء مريم ورسله القديسين، وهو أوّل من أسّس جوقة للفتيات، وقد اهتمّ بالحياة الراعوية للمؤمنين، لا سيّما الفقراء والمعوزين والمرضى.

    وأشار غبطته إلى أنّ "مار أفرام السرياني الذي أضاء في سماء الكنيسة متلألئاً ببرارته وقداسته، يُعَدُّ بلا منازع أحد أعلام السريان عبر العصور، وقد أُطلِقت عليه تسمية "كنّارة الروح القدس"، ولم يجارِه في هذا اللقب سوى القديس مار يعقوب السروجي في القرن السادس، وكلاهما تتغنّى الكنائس السريانية بكتاباتهما شعراً ونثراً، وترنّمها في صلواتها صباحاً ومساءً. ولأهمّية تعاليم مار أفرام وتأثيرها في حياة الكنيسة والمؤمنين، أعلنه قداسة البابا بنديكتوس الخامس عشر عام 1920 ملفاناً للكنيسة الجامعة، بناءً على التماسٍ من سلفنا الأسبق المثلَّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني رحماني". 

    وتوقّف غبطته عند "الأوضاع العصيبة التي نتخبّط فيها في لبنان وبلدان عدّة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تسود لغة العنف والحرب والقتل، بدل المحبّة والسلام. فها هي الحرب المدمّرة قد فُرِضَت على سكّان الأراضي المقدسة، ولا سيّما قطاع غزّة، والذين يعانون الأمرَّين ويدفعون ثمن هذه الحرب الظالمة. نجدّد مناشدة جميع المعنيين من حكومات وشعوب، للعمل الجادّ على إحلال السلام والأمان في أرض السلام، بإطلاق سراح جميع الرهائن والوقف الفوري للحرب والعنف، وتأمين المساعدات والمقوّمات الأساسية لحياة السكّان، من إنسانية وطبّية".

    وتناول غبطته الأوضاع الراهنة في لبنان: "نرى أنّ الأعمال العسكرية في المناطق الحدودية في الجنوب تتزايد وتيرتها بصورة تصاعدية مخيفة، منذرةً بحربٍ وشيكةٍ تشمل مناطق لبنانية عدّة، لا سمح الله. إنّنا نهيب بكلّ الجهات المعنيّة، من محلّية وإقليمية، التعالي عن الصغائر والمصالح الشخصية والحزبية لدرء خطر الحرب عن لبنان الذي لم يعد يحتمل. وها هو الشعب اللبناني يئنّ تحت وطأة معاناة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولا يزال يستجدي فتات الأموال من المصارف بعد أن تبخّرت الودائع المالية، فيما المسؤولون السياسيون بشكل عام، والنواب بشكل خاص، يحجمون دون أيّ مبرّر عن انتخاب رئيس للجمهورية، ونحن نجدّد مطالبتهم بالقيام بهذا الواجب الدستوري دون أيّ إبطاء، فيعود الانتظام إلى عمل المؤسّسات السياسية والدستورية، بغية إجراء الإصلاحات الواجبة للنهوض بالبلد من كبوته، كي يستعيد ازدهاره، ويتمكّن من وقف نزيف الهجرة، لا سيّما ضمن فئة الشباب، ويعطي حافزاً للذين أُرغِموا على الهجرة بالعودة إلى الوطن، ليشاركوا في نهضته واستقراره".

    ونوّه غبطته إلى الأوضاع في سوريا حيث يعاني "أبناؤنا في سوريا، كما سائر إخوتهم في الوطن، من جراء الأوضاع الاقتصادية والأمنية، خاصّةً بسبب العقوبات المفروضة التي نجدّد مطالبَتَنا برفعها، لأنّها جائرة وتعاقب المواطنين، ممّا يؤدّي إلى ازدياد الهجرة، ويحول دون تطوّر البلد الطامح إلى الحرّية والعدالة والسلام".

    ولفت غبطته إلى "أوضاع أبنائنا في العراق، بعدما نُكِبوا بالفاجعة المريعة في عرس قره قوش (بغديده) في أيلول المنصرم، وكذلك التحدّيات الكثيرة سياسياً واقتصادياً، والتي تجابه المسؤولين في سعيهم لإحلال الأمن والمساواة والاستقرار في بلاد الرافدين".

    وتوجّه غبطته "بالمعايدة القلبية إلى جميع أبنائنا وبناتنا المنتشرين في مختلف المناطق والبلدان عبر القارّات، في لبنان وبلدان النطاق البطريركي، في سوريا والعراق والخليج العربي ومصر والأردن والأراضي المقدسة وتركيا، وفي بلدان الانتشار في أوروبا والأميركتين وأستراليا، متمنّين لهم جميعاً صوماً مباركاً يقودنا إلى فرح الاحتفال بقيامة الرب يسوع منتصراً على الموت. ونحثّهم على عيش إيمانهم والتزامهم الكنسي، وتعلُّقِهم بتراثهم ولغتهم السريانية، وتربية أولادهم التربية المسيحية الصالحة، لأنّ العائلة هي الكنيسة البيتية والنواة الأساسية للكنيسة والمجتمع والوطن".

    وختم غبطته موعظته سائلاً "الرب يسوع أن "يملأكم كلّ سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوّة الروح القدس" (رومانيين 15: 13)، كي نصل معاً إلى ميناء الخلاص، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النجاة، ومار أفرام السرياني، ومار جرجس الشهيد شفيع هذه الكاتدرائية، وجميع القديسين والشهداء" (تجدون النص الكامل لموعظة غبطته في خبر خاص على صفحة الأخبار هذه في هذا الموقع الرسمي للبطريركية).

    وقبل نهاية القداس، توجّه المونسنيور حبيب مراد، القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، بكلمة شكر بنوية لغبطته، الأب والرأس والراعي للكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، مهنّئاً إيّاه بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة عشرة وبدء السنة السادسة عشرة لتنصيبه وتوليته على الكرسي البطريركي، داعياً لغبطته بالصحّة والعافية والعمر المديد، معايداً إيّاه وجميع الحاضرين بهذا العيد، وشاكراً إيّاهم على حضورهم ومشاركتهم، بدءاً بصاحب الغبطة وأصحاب النيافة والسيادة والإكليروس والمؤمنين، ولا سيّما الوفود القادمة من مختلف الرعايا.

    وبعد البركة الختامية، تقبّل غبطة أبينا البطريرك التهاني بالعيد من صاحب الغبطة البطريرك الراعي وأصحاب الينافة والسيادة والإكليروس والمؤمنين.

 

إضغط للطباعة