الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء) في كنيسة مار كوركيس، برطلّة، العراق

 
 

    في تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم الأحد ١٠ نيسان ٢٠٢٢، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، الإحتفال برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء)، والتي تقام مساء يوم أحد الشعانين في مدخل أسبوع الآلام الخلاصية، وذلك في كنيسة مار كوركيس، برطلّة، العراق.

    شارك في الرتبة صاحبا السيادة مار أفرام يوسف عبّا المدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها ورئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب بهنام بينوكا كاهن الرعية، والأب روني موميكا أمين سرّ مطرانية الموصل، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية.

    كما حضر قسماً من الرتبة صاحب النيافة مار تيموثاوس موسى الشماني مطران أبرشية دير مار متّى للسريان الأرثوذكس على رأس وفد ضمّ كهنة وعلمانيين من أبرشيته، والذين حضروا لنيل بركة غبطته وشاركوا بمحبّة أخوية في هذه المناسبة.

    وخدم الرتبة شمامسة الرعية الذين أبدعوا في أداء الصلوات والأناشيد الرائعة بتنظيم وإعداد كاهن الرعية، وشاركت في الرتبة جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية.

    بدايةً، استُقبِل غبطته أمام المدخل الخارجي للكنيسة، وترأس غبطته صلاة الرمش (المساء)، ثمّ احتفل برتبة النهيرة، وهي رتبة يتمّ فيها استذكار مثل العذارى الحكيمات اللواتي كنَّ مستعدّات للقاء العريس، ويمتاز بها الطقس السرياني الأنطاكي.

    تخلّلت الرتبة القراءات المقدّسة من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وبخاصة مثل العذارى الحكيمات والجاهلات، وكذلك الترانيم السريانية الشجيّة بلحن الآلام.

    وفي موعظته في بداية الرتبة، بعنوان "نحن ساهرون، ننتظر عودتك أيّها الرب يسوع"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن الاحتفال برتبة النهيرة، وهي رتبة خاصة بالكنيسة السريانية، مستهلاً كلامه بالتعبير عن الفرح والرجاء، مقدّراً "لصاحب النيافة مار تيموثاوس موسى الشماني مطران أبرشية دير مار متّى مع الوفد المرافق من الإكليروس والمؤمنين، اشتراكهم معنا في هذه الرتبة المقدسة، رتبة النهيرة، استعداداً للدخول إلى أسبوع الآلام الخلاصي نحو القيامة"، مشيراً إلى لقاءاته مع قداسة أخيه مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، "ونحن دوماً في تواصل أخوي، لأنّنا أبناء وبنات كنيسة واحدة، نشترك في الصلوات معاً ونتواكب، نسير معاً مسيرة أخوية نحو مجيء الرب يسوع الذي نصلّي دائماً ونرجو أن يكون مجيئاً لنا نحن المدعوين لمشاركته في فرحه السماوي".

    ونوّه غبطته إلى أنّنا "نحن في مسيرة نعيشها دوماً بالرجاء، لا نستطيع أن نعطيكم دروساً في الرجاء، لأنّكم أنتم تعيشون حقيقةً الرجاء المؤسَّس على الإيمان بالرب يسوع"، مذكّراً بتعليم "رسول الأمم مار بولس بأنّه لا يكفي الإيمان بأنّ يسوع هو مخلّصنا، لكن علينا أن نجاهد في الألم كما جاهد هو أيضاً لأجل خلاصنا. لذلك كلّ ما يحدث لنا من آلام وضيقات وصعوبات، وما نجابهه من تحدّيات، نتحمّله بمفهوم الثقة الكاملة بالرب يسوع، لأنّه هو الذي سبقنا على درب الآلام الخلاصي، فالألم بالنسبة لنا نحن المسيحيين هو درب الخلاص".

    ولفت غبطته إلى أنّنا "لا نفتّش عن الألم، لأنّ التفتيش عن الألم هو نوع من المرض النفسي، لكنّنا نقبل كلّ ما تسمح به العناية الإلهية بروح المسيح ذاته الذي كان هو الكاهن والذبيحة في آنٍ معاً، كما أنشدنا في أناشيدنا السريانية في صلاة الرمش اليوم منذ قليل"، مؤكّداً على أنّ علينا أن نفهم معنى أنّ "يسوع كلمة الله المتأنّس، الإله الكامل والإنسان الكامل قَبِلَ أن يجتاز هذا الدرب الأليم ويقرّب ذاته لأبيه فداءً عنّا نحن الذين يحبّنا هو ويريد منّا أن نحبّه".

    وتطرّق غبطته إلى رغبة أمّ ابني زبدى يعقوب ويوحنّا "أن يكون ابناها هما المترئّسَين، واحد عن يمين يسوع وواحد عن شماله، عندما تأتي في ملكوته، لأنّه كان هناك فكرٌ أنّ المسيح سيأتي ويؤسّس الملكوت الأرضي"، لافتاً إلى أنّ "يسوع ينبّههما بأنّ شرب الكأس ليس قضية بحدّ ذاتها، وكأنّ أحداً يقوم بعملية كي ينال عليها أجراً، بل شرب الكأس هو اتّباع الرب يسوع في درب الآلام، ودرب الآلام يتطلّب أن يكون الشخص متواضعاً ووديعاً ويعرف أن يتحرّر من أنانيته ومن كبريائه، كي يكون خادماً للكلّ".

    وأشار غبطته إلى أنّنا "في هذه الرعية في برطلّة التي ندرك تماماً آلامها وصعوباتها، مدعوون أن نكون شهوداً للمحبّة التي تخدم، المحبّة المتواضعة، المحبّة الوديعة. ونحن نهنّئكم لأنّكم، مهما عصفت العواضف، تبقون متجذّرين في أرض آبائكم وأجدادكم، حتّى تظلّوا شهود الخلاص والمحبّة فيما بينكم وبين الأكثرية التي تعيشون معها".

    وهنّأ غبطته "الأب بهنام بينوكا للخدمة الراعوية التي يقوم بها تجاهكم، وقبل أن نبدأ صلاة الرمش، زرنا معه كنيسة مار كوركيس القديمة التي هي أقدم كنيسة في هذه المنطقة هنا، وتعود إلى مئات السنين، والتي يقوم الأب بهنام مع المساعدين ومجلس الرعية بالسعي إلى ترميمها، لأنّها حقيقةً إرث وتراث سرياني عريق في بلاد ما بين النهرين، تراث تاريخي وحضاري وروحي للعراق بأسره".

    وختم غبطته موعظته سائلاً "الرب يسوع أن يساعدنا كي تبقى مصابيحنا دائماً موقدةً مثل البتولات الحكيمات، فنصبح أهلاً أن نلقاه في مجيئه الثاني".

    ثمّ طاف غبطته بموكب حبري مهيب داخل الكنيسة، يتقدّمه الأساقفة والإكليروس، ليتوجّهوا بعدئذٍ ومعهم المؤمنون إلى خارج الكنيسة، حيث وقفوا جميعاً خلف غبطته أمام الباب الرئيسي للكنيسة. فأقام غبطته بعض الصلوات، ورنّم غبطته والإكليروس الترنيمة الكنسية المؤثّرة: "ܥܠܗܘܘܬܪܥܐܒܪܝܐعال هاو ترعو بارويو" (على الباب الخارجي)، وترجمتها: أمام الباب الخارجي كان شمعون (سمعان بطرس) واقفاً وهو يبكي، ويقول: ربّي افتح بابك أنا تلميذك، إنّ السماء والأرض تبكيان عليّ، فقد أضعتُ مفاتيح الملكوت.

    وجثا غبطة أبينا البطريرك أمام الباب الخارجي وقرعه ثلاثاً بالصليب، قائلاً: ܬܪܥܐܕܪ̈ܚܡܝܟتَرعو درحميك (باب مراحمك)، ثمّ فُتِحَ الباب ودخل الجميع إلى الكنيسة.

    ومنح غبطته البركة الختامية لجميع الحاضرين الذين تقدّموا منه فنالوا بركته الأبوية لهم ولعائلاتهم. 

 

إضغط للطباعة