الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يترأس الإحتفالات بالتطواف والمسيرة السنوية التقليدية والتاريخية في شوارع بخديدي (قره قوش) يوم عيد الشعانين، العراق

 
 

    غبطة أبينا البطريرك يونان: "بخديدي (قره قوش) هي لؤلؤة كنيستنا السريانية الكاثوليكية في العالم. ولا أبالغ إن قلتُ اليوم إنّها النبض لقلب هذه الكنيسة" 

 

    اعتباراً من الساعة التاسعة من صباح يوم الأحد 10 نيسان 2022، وحتّى الظهر، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، الإحتفالات بالتطواف والمسيرة السنوية التقليدية والتاريخية في شوارع يخديدي (قره قوش) يوم عيد الشعانين، بمشاركة أكثر من عشرين ألف مؤمن ومؤمنة من أبناء هذه البلدة الحبيبة، معيدين إلى البال صورة هذه الإحتفالات في السنوات الماضية قبل التهجير والنزوح القسري. 

    كان في مقدّمة المشاركين صاحبُ السيادة المطران ميتيا ليسكوفار السفير البابوي في العراق، ممثّلاً قداسة البابا فرنسيس، وأصحابُ السيادة: مار أفرام يوسف عبّا المدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها ورئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب - أربيل وسائر إقليم كوردستان، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، والآباء الخوارنة والكهنة من قره قوش، ومن أبرشيتي الموصل وحدياب - أربيل، والشمامسة والرهبان والراهبات، والمسؤولون المدنيون والعسكريون، وفي مقدّمتهم سعادة الأستاذ عصام بهنام قائمقام قضاء الحمدانية، والمنظّمات الكنسية من أخويات ومؤسّسات، فضلاً عن حشود وجماهير غفيرة جداً من المؤمنين من أطفال وشبّان وشابّات ورجال ونساء، والذين ملأوا شوارع البلدة، وأثلجوا القلوب بهذا الحضور الذي يؤكّد للملأ أنّ السريان كانوا وسيبقون في هذه الأرض التي تعمّدت بعرق ودماء آبائهم وأجدادهم، ولن يتخلّوا عنها البتّة مهما عصفت الرياح واشتدّت المحن. 

    بدأت المسيرة من أمام كنيسة الطاهرة الكبرى ومقرّ المطرانية، على وقع أناشيد الشمامسة والجوقات وترانيم المؤمنين ومكبّرات الصوت، وطافت في شوارع البلدة، فيما حمل غبطة أبينا البطريرك صليباً كبيراً مزيَّناً بأغصان الزيتون، ليتناوب لاحقاً على حمل هذا الصليب الأساقفة وعدد من الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين. 

    ولدى وصول المسيرة إلى أمام كنيسة مار يوحنّا المعمدان، اعتلى غبطة أبينا البطريرك منبراً خاصاً نُصِبَ على سطح الكنيسة، يحيط به الأساقفة والكهنة، ورنّم غبطته إنجيل عيد دخول الرب يسوع إلى أورشليم. 

    ثمّ ارتجل غبطته كلمة تاريخية رائعة أخذت بمجامع القلوب، توجّه فيها إلى الجموع الغفيرة المحتشدة، قائلاً: 

    "لا أستطيع أن أعبّر عن فرحتي بالكلمات، فنحن البشر نبقى دوماً مقصّرين عن أداء الشكر الحقيقي للذين يستحقّون الشكر، للمدح وللتعبير عن فخرنا ببخديدي وأبنائها وبناتها، الذين كما كنتُ أردّد سابقاً: بخديدي هي لؤلؤة كنيستنا السريانية الكاثوليكية في العالم. ولا أبالغ إن قلتُ اليوم إنّها النبض لقلب هذه الكنيسة، ليس فقط في بخديدي، بل في العراق والعالم". 

    وأردف غبطته قائلاً: "نعم، هذه المشاركة الشعبية الرائعة تعبّر عن انتماء أولادنا في بخديدي لكنيستهم السريانية العريقة التي اجتازت على ممرّ تاريخها الطويل الكثير من المحن والاضطهادات، وليس أقلّها ما حدث لنا قبل سنوات من تهجير وتهجّر في بلاد العالم". 

    وأشار غبطته إلى أنّ "اليوم عيد الشعانين، عيد الفرح، كلّنا نفرح بيسوع الذي أتى ليملك على قلوب البشر بالسلام والمحبّة. كلّنا نفرح مع أولئك الأطفال والتلاميذ والجموع البسيطة الوديعة التي استقبلت يسوع في دخوله إلى أورشليم. نعم يسوع كان عارفاً بما سيحلّ به وهو الذي تنبّأ عن آلامه وموته وقيامته، ولكنّ الشعب كان يرى فيه ذاك المخلّص، رغم كلّ مظاهر الضعف التي كانت في يسوع والتلاميذ البسطاء". 

    ونوّه غبطته إلى أنّ "اليوم عيد الشعانين، إنّه عيد الرجاء، نحتاج جميعنا إلى الرجاء، ونبثّه في قلوبنا وقلوب أولادنا الصغار وشباننا وشابّاتنا وعائلاتنا الشابّة، أكانت الموجودة هنا في بخديدي، في سهل نينوى، في شمال العراق، في العراق كلّه، أو كانت مضطرَّة للتغرّب، ولكنّ حنينها يبقى دائماً قوياً، لأنّ هذه الأرض الطيّبة لن ينساها أولادها أبداً". 

    ولفت غبطته إلى أنّ "اليوم عيد السلام، كم نحتاج إلى السلام، في العائلات، في الكنيسة، في الرعايا، نحتاج إلى كهنة يعرفون أنهم دعوا إلى الخدمة المتواضعة والوديعة على مثال الرب يسوع الذي قال: تعلّموا مني فإنني وديع ومتواضع القلب. نحتاج إلى المؤمنين والمؤمنات الذين يستعدّون للمشاركة في تدبير شؤون هذه الأبرشية الغالية علينا، ونشكر هنا سيادة المطران المدبّر البطريركي يوسف عبّا، على تعيينه وتسميته لأعضاء المجلس الأبرشي الإستشاري. نحتاج إلى رهبان وراهبات يعلّموننا معنى التكرّس للرب يسوع وخدمة كلّ من يحتاج إليهم، إن كان في التربية أو في الأمور الاجتماعية، أو في الروحانيات في كنيستنا، وما أكثر وما أجمل العمل الرهباني في أبرشيتنا وفي بخديدي". 

    وختم غبطته موعظته مذكّراً بأنّنا "نحن رسل الفرح والرجاء والسلام"، شاكراً "جميع الذين ساهموا في هذا العرس البخديدي، من كهنة وشمامسة ورهبان وراهبات ومؤمنين ومؤمنات من جميع الرعايا، أعضاء الجوق، الأخويات، المدارس، الحركات الرسولية، والمسؤولين المدنيين والأمنيين والعسكريين، أشكرهم وهم يعرفون كم أنّ بخديدي عزيزة عليهم، ولم يدَعوا هذا اليوم المبارك ينتهي من دون أن يشتهروا في العراق أجمع بمحبّتهم للرب ولكنيستهم. أتمنّى وأدعو لكم بأعياد مباركة تقضونها بالفرح والرجاء والسلام. أوشعنو بريخو". 

    وكان سيادة المطران مار أفرام يوسف عبّا قد ألقى كلمة أعرب فيها عمّا يختزن قلبه من مشاعر في هذا العرس الروحي العظيم والمهيب، مثمّناً عالياً حضور غبطة أبينا البطريرك ومشاركته وترؤّسه هذا العرس، فهو الأب والرأس والراعي، وواهب البركات والعطايا الغزيرة، والمُدافع الصلب عن كنيسته وحقوق شعبه المشروعة بالعيش الكريم بكلّ ما أُوتِيَ به من جرأةٍ وقوّةٍ قلَّ نظيرهما في دنيا النفاق هذه. 

    وأكّد سيادته على أنّ بخديدي لؤلؤة الكنيسة السريانية الكاثوليكية في العالم، على حدّ تعبير غبطته، والذي يجاهرُ بهذا في كلّ مناسبةٍ، ويفتخر بها وبأبنائها، أساقفةً وخوارنةً وكهنةً وشمامسةً ورهباناً وراهباتٍ ومؤمنين ومؤمنات. وجلُّ اهتمامه أن يرفع اسم بخديدي عالياً شامخاً، ومعها أبناء وبنات كنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية في العراق، وفي الشرق وفي العالم، ومشدّداً على أهمّية المحافظة على الأمانة لكنيستنا وتراثنا ولغتنا السريانية. 

    كما ألقى سيادة المطران ميتيا ليسكوفار السفير البابوي في العراق كلمة بالإيطالية، قام بنقلها إلى العربية سيادة المطران نزار سمعان، وفيها أعرب السفير البابوي عن شعوره بالكثير من الفرح والرجاء المتأتّيين من القلوب المملوءة من الرب يسوع المخلّص، واعداً بنقل هذه الصورة والمشاهد الرائعة التي عاينها اليوم في قره قوش إلى قداسة البابا فرنسيس، ناقلاً من قداسته البركة الرسولية إلى الجميع، وخاتماً بعبارة "الرب معكم".

    بعدئذٍ تتابعت المسيرة وصولاً إلى أمام دار المطرانية، حيث صعد غبطة أبينا البطريرك إلى سطح المبنى، ومنح غبطته البركة الختامية بالصليب الكبير المُزدان بأغصان الزيتون، بعد أن أدّى الأساقفة والكهنة والشمامسة تشمشت (خدمة) والدة الله مريم العذراء. 

    ثمّ انصرف الجميع وهم يلهجون بالشكر العميم للرب يسوع الذي أتاح لهم فرصة الاحتفال بهذا العيد والعرس التاريخي الفريد والرائع في أرض الآباء والأجداد. فشكراً لله على عطيته التي لا يُعبَّر عنها!. 

 

إضغط للطباعة