الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس عيد القديس مار اغناطيوس النوراني بطريرك أنطاكية الشهيد

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الإثنين 20 كانون الأول 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد القديس مار اغناطيوس النوراني بطريرك أنطاكية الشهيد، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت. 

    عاون غبطتَه صاحبا السيادة مار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية. 

    كما شارك في القداس أصحاب السيادة: مار ربولا أنطوان بيلوني، ومار فلابيانوس يوسف ملكي، ومار غريغوريوس بطرس ملكي، والآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية وأبرشية بيروت البطريركية ودير الشرفة، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات، وبعض المؤمنين. 

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان: "وأخذ طفلاً وأقامه في وسطهم وحمله على ذراعيه وقال لهم: من يقبل مثل هذا الطفل باسمي فهو يقبلني"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "عيد القديس مار اغناطيوس وهو اليوم الذي فيه تجتمع كنيستنا البطريركية وتحتفل بالذبيحة الإلهية تكريماً لهذا الشهيد الشهير، أحد آباء الكنيسة الرسوليين". 

    ونوّه غبطته إلى أنّ "اغناطيوس، وفي طريقه إلى روما حيث نال إكليل الاستشهاد، كتب سبع رسائل، كلّها حنان ومحبّة تجاه الذين يمرّ بينهم في مدن آسيا الصغرى - تركيا اليوم، إلى روما. وهذا يذكّرنا أيضاً أين الكنيسة والمسيحية في هذه المدن التي مرّ عليها قديسنا الشهيد، والتي كانت تعجّ بالمؤمنين، وأعطَتْنا الآلاف من الشهداء والقديسين، واليوم لم يعد لهم ذكر في هذه المناطق التي مرّ عليها قديسنا الشهيد اغناطيوس". 

    ولفت غبطته إلى أنّ "اغناطيوس باليونانية تعني النوراني، وأيضاً يُلقَّب بتيوفوروس - حامل الله، وهو نفسه يقول هذا عن ذاته. والكنيسة تعترف به أنّه من أهمّ الشهداء وآباء الكنيسة، والذي ترك لنا تعاليم نتعلّمها إلى اليوم في دروس اللاهوت، عن الثالوث الأقدس، وعن الإفخارستيا، جسد الرب يسوع ودمه، وعن الكنيسة الجامعة. فأول من يذكر الكنيسة الكاثوليكية أو الجامعة هو اغناطيوس، قَبْل قانون الإيمان الذي سنّه المجمع النيقاوي في أوائل القرن الرابع، وهو أوّل من تكلّم عن تأسيس الكنيسة حول الأسقف، وعن الرابطة المتناغمة ما بين الأسقف وكهنته". 

    وأشار غبطته إلى أنّ "البعض شكّك بصحّة نسبة هذه الرسائل إلى هذا القديس الشهيد، لكن لدينا دراسات متعمّقة تنسب إليه هذه الرسائل، ولو أنّ فيها نصوص منسوخة طويلة وفيها أيضاً النص المختصر، لكنّ الجميع يقبلونها، خاصّةً علماء تاريخ الكنيسة". 

    وتأمّل غبطته "بمقطع جميل جداً من رسالة مار اغناطيوس إلى كنيسة روما، يعتبر فيه اغناطيوس نفسه أنّه هو الحنطة التي تطحنها الوحوش حتّى يصبح خبز الله، وهذا شيء جميل جداً. لكن يجب أن نتذكّر أنّه ليس فقط بالكلام والتمنّيات طُحِن هذا القديس، لكنّه طُحِن حقيقةً بأسنان الوحوش، وأصبح اليوم من أعظم القديسين في الكنيسة. ونحن ككنيسة سريانية، تعرفون جيداً أنّ البطاركة اتّخذوا الاسم الأبوي لاغناطيوس الذي كان الخليفة الثاني لمار بطرس على كرسي أنطاكية. فبطرس أسّس الكنيسة في أنطاكية، ثمّ توجّه إلى روما، وبعده أسقف أنطاكية أفوديوس، ويأتي بعده اغناطيوس النوراني". 

    وتطرّق غبطته إلى الأوضاع الراهنة في الكنيسة، فقال: "علينا أن نتذكّر أنّ كنيستنا اليوم تعيش المرحلة المخيفة التي عاشها اغناطيوس والمسيحيون في زمن الاضطهادات، كنيستنا اليوم مشتَّتة. والبعض يفكّرون أنّ الكنيسة هي فقط الكرسي البطريركي في لبنان، ولا يفكّرون بأنّ كنيستنا السريانية منتشرة في كامل الشرق الأوسط، واليوم غالبية أبناء وبنات كنيستنا أضحوا في المهجر. علينا أن نتذكّر أنّنا لسنا وحدنا هنا، بل يجب أن نتوجّه بأفكارنا نحو إخوتنا وأخواتنا الذين ينتسبون إلى كنيستنا الأنطاكية، وأن نبذل كلّ الجهود كي نعيش دعوتنا المسيحية بالفعل وليس بالأقوال وبالتمنّيات، بطريركاً وأساقفةً وكهنةً ومكرَّسين ومؤمنين". 

    وتناول غبطته زيارته الأخيرة إلى أبرشية الحسكة ونصيبين: "قمنا في الأسبوع الماضي بزيارة إلى أبرشيتنا المتألّمة حقيقةً في الجزيرة السورية، الحسكة ونصيبين، فزرنا كلّ الكنائس، كاثوليكية وأرثوذكسية وإنجيلية، ما عدا كنائس دير الزور ورأس العين، فمنها محتلّة ومنها الوضع الأمني فيها غير مستتبّ بسبب الحرب ما بين الحكومة والثوار أو داعش. ففي رأس العين مثلاً كانت لدينا كنيسة ومدرسة، وكانت منتعشة روحياً. وللأسف وجدنا أنّ الكثيرين من أولادنا يعيشون هذا الوضع المؤلم جداً، وليس هناك أفق يشجّعهم كي يبقوا، والأغلبية تنظر إلى الخارج بهدف الهجرة والتغرّب".  

    وتابع غبطته: "في لبنان لدينا الأزمة المخيفة من اقتصاد وسياسة، وكثيرون من الموجوعين يعيشون هذه المرحلة الصعبة جداً. وفي سوريا والعراق يحتاج أولادنا إلى صلواتنا ومحبّتنا الفاعلة كي نتمكّن من القول إنّ هذه الكنيسة تلتئم بهذا التناغم وبرابطة الوحدة التي طلب منّا الرب يسوع أن نعيشها: كونوا واحداً كما أنّي أنا والآب واحد". 

    وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة القديس مار اغناطيوس الشهيد، أن يتحنّن علينا وعلى جميع المسيحيين، وبشكلٍ خاص على كنيستنا المنتشرة في عدّة بلدان في الشرق، والتي تحتاج إلى رابطة المحبّة والرجاء الحقيقي، حتّى نستطيع كلّنا أن نعيش دعوتنا المسيحية بالوحدة مع الرب يسوع والوحدة فيما بيننا، فنشهد للرب يسوع أنّه هو مخلّصنا، ونتبع مثال قديسينا وشهدائنا، كالشهيد مار اغناطيوس". 

    وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الختامية بذخيرة القديس اغناطيوس. ثمّ تقدّم جميع الحاضرين فنالوا بركة هذا القديس العظيم. 

    وبعد القداس، التقى غبطته مع الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات في لقاء أبوي تقليدي بحسب العادة كلّ عام، في جوّ من الفرح الروحي والمحبّة المتبادّلة، حيث قدّم الجميع التهنئة لغبطته بروح بنوية، سائلين الله أن يديمه بالصحّة والعافية ويعضده لمواصلة خدمته الرسولية، راعياً صالحاً وأباً حنوناً ومدبّراً حكيماً لكنيستنا السريانية التي تبادله المحبّة والطاعة والولاء. 

 

إضغط للطباعة