الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يزور دير السيّدة العذراء مريم في تلّ ورديّات – الحسكة، سوريا

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الخميس 16 كانون الأول 2021، قام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بزيارة إلى دير السيّدة العذراء مريم في تلّ ورديّات – الحسكة، سوريا.

    رافق غبطتَه في هذه الزيارة صاحبُ السيادة مار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها، وصاحبُ النيافة مار موريس عمسيح مطران أبرشية الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس، والخوراسقف جوزف شمعي المدبّر البطريركي لأبرشية الحسكة ونصيبين، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، والأب أنطونيوس الحنّو كاهن رعية مار جرجس للسريان الأرثوذكس في الحسكة وأمين سرّ مطرانية الجزيرة والفرات، والشمّاس الإكليريكي فادي مرجان.

    أمام مدخل الدير، استُقبِل غبطتُه من قِبَل الأب الربّان أفرام الحنّو رئيس الدير، وجموع المؤمنين من الكنيستين السريانيتين الكاثوليكية والأرثوذكسية، إلى جانب وفد من كنيسة المشرق الآشورية في تل تمر وريف الخابور برئاسة الأب باكوس، يرافقه أعضاء لجنة رعيته، ممثّلاً سيادة المطران أفرام أثنيل، مطران كنيسة المشرق الآشورية في سوريا، والموجود خارج البلاد.

    دخل غبطته إلى كنيسة الدير على أنغام ترانيم استقبال رؤساء الأحبار، وأقام تشمشت (خدمة) العذراء، ثمّ صلاة السهرانة، طالباً شفاعة أمّنا مريم العذراء من أجل إحلال السلام والأمان في سوريا، وخاصّةً في منطقة الجزيرة.

    ثمّ ألقى نيافة المطران مار موريس عمسيح كلمة ترحيبية بغبطته، قال فيها: "نستقبلكم في هذا الدير مع أهلنا من ريف الخابور، أهلنا الأحبّاء الأعزّاء الذين بقوا اليوم ملحاً في هذه الأرض بسبب الظروف القاهرة القاسية التي مرّت عليهم، من جراء الدواعش والإرهاب، واقتلعت وجودنا، ولكنّنا شوكة في حلق الجميع، وسنبقى في هذه الأرض. نرحّب بكم باسم رئيس هذا الدير الذي يكافح منذ 21 سنة بجدّ ونشاط، ولم يترك الدير حتّى في أحلك الظروف القاسية التي مرّت على المنطقة بوجود إرهابيين، وباسم الجنود المجهولين الذين يخدمون معه في هذا الدير".

    وتابع نيافته: "اليوم فرحة كبيرة، وقد كُتِب هذا التاريخ بأحرف من نور بقدوم صاحب الغبطة إلى هذا الدير، وهي ليست المرّة الأولى التي يزوره فيها، لأنّنا نفتخر بسيدنا البطريرك، فهو ابن الحسكة والجزيرة وهذه الأرض الطيّبة. اليوم بارك غبطته الدير، ونلنا بركته مع شفاعة أمّنا الطاهرة العذراء مريم. وفي هذه الأيّام الحلوة التي نعيش فيها الفرح فرحَين، اليوبيل الذهبي لكهنوت صاحب الغبطة، واليوبيل الفضّي لأسقفيته، وندعو أن يصير ذهبياً أيضاً بقوّة الله. أدام الرب حياتكم ذخراً وفخراً وبركةً للكنيسة".

    وأردف نيافته: "فأهلاً وسهلاً بكم يا صاحب الغبطة بين أهلكم في أرضكم، هذه الأرض التي أنجبت رجالاً عظام وأعمدةً في الكينسة. وفي هذه الأيّام المباركة، نعيش فرح الميلاد، ونطلب من مولود المغارة أن يمدّ بحياة إمامَين من أحبار الكنيسة وعامودَين من أعمدتها: مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، ومار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي".

    وختم نيافته كلمته بالقول: "دمتم يا صاحب الغبطة إلى سنين عديدة في رعاية وقيادة هذه الكنيسة الشقيقة المباركة، ونطلب صلواتكم من أجل الجزيرة الجريحة التي مزّقها الإرهاب والهجرة والضغوطات من كلّ أنواعها، ولكن إن كان الله معنا فمن علينا. بارخمور سيّدي صاحب الغبطة".

    وألقى الأب باكوس كلمة باسم كنيسة المشرق الآشورية، أعرب فيها عن الفرح والسرور باستقبال غبطته باسم سيادة المطران مار أفرام أثنيل، والموجود خارج البلاد، لافتاً إلى ما تعتريه من مشاعر الرهبة والخشوع وهو يقف أمام غبطته، وهو أحد الآباء العظام، والذي يمثّل القديسين والرسل الأطهار والرعاة الصالحين الذين حافظوا على الإيمان وعلّمونا كلام الرب يسوع ويرعون المؤمنين بالمحبّة والقداسة، طالباً بركة غبطته وصلاته من أجل حفظ الكنيسة والشعب المؤمن في هذه المنطقة في ظلّ هذه الظروف الصعبة، ومن أجل أن يحلّ السلام والأمان في سوريا.  

    ثمّ وجّه غبطة أبينا البطريرك كلمة أبوية بعنوان "المسيح أمس واليوم وغداً"، نوّه فيها "إلى هذا البيان الواضح في الرسالة إلى العبرانيين، أنّ الرب يسوع هو ابن الآب الأزلي، وهو الكلمة الأبدي، وهو سيبقى معنا كما وعد كنيسته، ليس فقط عندما نكون فرحين ومبتهجين ومحتفلين بالعيد، إنّما بالأخصّ أيضاً عندما نحتاج إليه في ساعات الظلمة التي تعيشونها في أيّام وأشهر وسنوات المعاناة والنكبة التي حلّت بكم وبنا منذ سنوات هنا في سوريا، لا سيّما في هذه المنطقة من سوريا، حيث آباؤنا وأجدادنا أتوا مهجَّرين ومقتلَعين من بيوتهم وأديرتهم وكنائسهم إلى هنا، إلى هذه الأرض الطيّبة، وأنعشوها بعرق جبينهم، وأضحت هي المخزن والأهراء لسوريا بكاملها".

    ولفت غبطته إلى أنّنا "نشعر معكم بهذه المصيبة التي حلّت بكم، ونتألّم لآلامكم، ونحسّ ونشارككم بأحزانكم. لكن بما أنّ يسوع وعدنا أن يبقى مع كنيسته حتّى انقضاء الدهر، مهما حلّ بنا فنحن لن نخاف، مهما أصابنا من مكروه وضيقات واضطهاد ونكبات، فنحن سنبقى شعب الرجاء".

    وأشار غبطته إلى أنّ "الأب باكوس تكلّم عن الرعاة الذين يرعون الكنيسة بالمحبّة وبالقداسة، نحن يا أبونا شعرنا معكم ورافقْنا الكثيرين من شعبكم في درب آلامهم عندما هاجمهم هؤلاء الرعاع والعصابات الإرهابية التكفيرية الذين يخلطون الدين بعصبيتهم الخاطئة والشريرة. نحن كنّا معكم وصلّينا من أجلكم، وأذكر أنّنا قمنا بمظاهرة في لبنان إلى أمام مبنى الأمم المتّحدة، وطالبْنا بالعدل وبإجراء التحقيق ومحاكمة أولئك المجرمين، وأن يكون للمسيحيين أجمعين، إن كانوا آشوريين أو سريان أو أرمن أو غيرهم من الكنائس، أن يكون لهم الحقّ أن يعيشوا بكرامتهم في أرض آبائهم وأجدادهم كما هم، يساهمون مع أبناء وطنهم في إحياء هذا البلد الحبيب سوريا، لتكون بلداً حضارياً، بلداً ذا دستورٍ مدني، بلداً يجمع الجميع تحت كنف الإتّفاق والأخوّة والمشاركة النزيهة في بناء الوطن".

    وجدّد غبطته شكره الجزيل إلى نيافة المطران مار موريس عمسيح "من كلّ قلبنا لِما قمتم وتقومون به من تنظيمٍ لهذه الزيارة البطريركية، مع الخوراسقف جوزف شمعي، والآباء الكهنة والشمامسة وأعضاء اللجان من كلّ الكنائس. إنّنا نفتخر بكم، ونعدكم أنّكم ستبقون في قلوبنا، وستبقى ذكرى هذه الزيارة، بمعونة الرب وبشفاعة العذراء والدة الإله مريم التي يخدم ديرها هنا حضرة الأب الربّان أفرام بكلّ تقوى وتضحية، إن شاء الله سنظلّ متّحدين دوماً أمام الرب بالصلاة وبالرجاء الوطيد".

    وقدّم الأب الربّان أفرام الحنّو إلى غبطته هدية تذكارية، هي أيقونة للعذراء مريم على ورق البردي، عربون محبّة وشكر وإكرام. كما أهدى غبطته إلى الربّان أفرام نسخة من كتاب "أكثر من نصف قرن من الخدمة والعطاء"، والذي أعدّته البطريركية بمناسبة يوبيل غبطته الكهنوتي الذهبي ويوبيله الأسقفي الفضّي.

    بعدئذٍ انتقل غبطته إلى صالون الدير حيث التقى بالمؤمنين في لقاء أبوي، ونالوا بركته.

 

إضغط للطباعة