الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يرسم الخوراسقف نزار وديع سمعان أسقفاً معاوناً مع حقّ الخلافة لأبرشية الموصل وكركوك وكوردستان، باسم مار نثنائيل نزار سمعان، في كنيسة الطاهرة الكبرى – قره قوش (بخديدا)، العراق

 
 

    في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة 7 حزيران 2019، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلي الطوبى، بالقداس الإلهي على مذبح كنيسة الطاهرة الكبرى – قره قوش (بخديدا)، العراق، وخلاله قام غبطته برسامة الخوراسقف نزار وديع سمعان، أسقفاً معاوناً مع حقّ الخلافة لأبرشية الموصل وكركوك وكوردستان، باسم مار نثنائيل نزار سمعان.

    بدايةً، دخل غبطة أبينا البطريرك إلى الكنيسة بموكب حبري مهيب، يتقدّمه الأساقفة والكهنة والشمامسة، على أنغام ترنيمة استقبال رؤساء الأحبار "تو بشلوم روعيو شاريرو" (هلمَّ بسلام أيّها الراعي الحقيقي)، وسط حشود المؤمنين الذي تجمهروا للمشاركة في هذا الإحتفال الروحي.

    عاون غبطتَه في القداس والرسامة صاحبا السيادة مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وكركوك وكوردستان، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي وأمين سرّ السينودس المقدس. وشارك في القداس والرسامة أيضاً أصحاب السيادة آباء السينودس المقدّس لكنيستنا السريانية الكاثوليكية: مار أثناسيوس متّي متّوكة، مار باسيليوس جرجس القس موسى الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا، مار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، ومار يوحنّا جهاد بطّاح النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية.

    كما حضر الأب خوسيه ناحوم سالاس القائم بأعمال السفارة البابوية في العراق والأردن، وأصحاب النيافة المطارنة السريان الأرثوذكس: مار أثناسيوس توما دقّما النائب البطريركي في المملكة المتّحدة، ومار تيموثاوس موسى الشماني مطران أبرشية دير مار متّى، ومار نيقوديموس داود شرف مطران أبرشية الموصل وكوردستان، وأصحاب السيادة المطارنة الكلدان: ميخائيل مقدسي مطران أبرشية ألقوش، وبشّار وردة مطران أبرشية أربيل، وميخائيل نجيب مطران أبرشية الموصل وعقرة، وصاحب السيادة أبريس مطران أربيل لكنيسة المشرق الآشورية، وعدد من الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والإكليريكيين من كنيستنا السريانية ومن الكنائس الشقيقة، وجموع غفيرة من المؤمنين من قره قوش وعموم أبرشية الموصل وكركوك وكوردستان، يتقدّمهم أهل الأسقف الجديد وذووه وأقرباؤه وأصدقاؤه، ووفد من أبناء رعية مار بهنام وسارة في لندن.

    كما حضر عدد من الرسميين المدنيين والعسكريين والفعاليات، من الحكومة العراقية المركزية ومن حكومة إقليم كوردستان.

    بعد الإنجيل المقدّس، ألقى غبطته موعظة روحية بعنوان: "... إن كنّا نتعب ونجاهد، فذلك لأنّنا جعلنا رجاءنا في الله الحي" (1 طيم :4)، تطرّق فيها إلى "النكبة المروّعة التي حلّت بأبرشية الموصل وكركوك وكوردستان العزيزة في السنوات الأخيرة"، معتبراً أنّ "هذه الأبرشية الغالية والأكبر عدداً في كنيستنا السريانية أضحت مثالاً للشهادة البطولية والعنفوان والصمود، في وجه قوى الشر التي أرادت قتل الرجاء في نفوسكم المؤمنة"، مذكّراً أنّ أبناء الأبرشية حملوا "الصليب على مثال المخلّص معلّمنا الإلهي، وحافظتم على إيمانكم وتراثكم ورجائكم الذي نال إعجاب العالم المخلِص شرقاً وغرباً".

    وأشار غبطته إلى أنّ "الأسقف الجديد، سيشارككم الرجاء، فوق كلّ رجاء، لكي تجدّدوا ثقتكم واتّكالكم التامّ على الذي وعد أن يبقى مع كنيسته طول الأيّام، وهو الذي طمأن تلاميذه الخائفين: ثقوا، إني غلبتُ العالم"، منوّهاً إلى أنّ "الأسقف الجديد استجاب إلى صوت آباء السينودس، فقرّر أن يودّع رعيته في المملكة المتّحدة، حيث خدم جماعةً مؤمنةً أحبّها وأحبّته، وحيث اكتسب خبرةً كنسيةً ورعويةً وسّعت آفاقه ليطّلع على شؤون الكنيسة الجامعة... وهو عارفٌ بحبّ يسوع الذي يقوّي ضعفه، وواثقٌ بالنعمة التي تملأ نقائصه".

    وشدّد غبطته على أنّ الأسقف الجديد "مدعوٌّ ليكون خادماً للجميع باسم يسوع الذي جاء لا ليُخدَم بل ليَخدُم... وعليه أن يبقى دوماً في اتّحادٍ مع يسوع الفادي، الذي يدعوه كي يتحلّى بالوداعة والتواضع وبذل الذات"، متطرّقاً إلى أهمّية وحدة الروح والهدف في العلاقة بين الأسقف والكهنة والمؤمنين "بالتعاون الصادق في بناء الوحدة الكنسية، تجاوباً مع مشيئة الرب يسوع، الذي أوصى تلاميذه أن يبنوا الوحدة في المحبّة"، موصياً الأسقف الجديد "بأن ينشد النصح والاسترشاد من أساقفة كنيستنا الذين سبقوه، وغيرهم من الأساقفة الشرقيين، ويتمرّس بالصبر والتواضع، إذيستشير ويقنع ثمّ يقرّر".

    وذكّر غبطتُه الأسقفَ الجديدَ بأنه "مؤتَمَنٌ على الإيمان الذي نقله إلينا آباؤنا القديسون، فيقدّس ويعلّم ويدبّر المؤمنين، بمنحه الأسرار الخلاصية... وبحثّه على القيم الإنجيلية والأخلاق المسيحية... وبتدبيره شؤون الأبرشية بالمشورة والنزاهة والتجرّد"، وهو "مؤتَمَنٌ على تراث كنيستنا العريق، إذ إنه مدعوٌّ للتمسّك بالروحانية المشرقية وبتراثنا السرياني الذي ساهم مساهمةً فعّالةً في الحضارة الإنسانية"، مؤكّداً أنّ "عليه أن يغذّي مشاعر الافتخار في نفوس المؤمنين، مذكّراً إيّاهم بأنهم الأحفاد والحفيدات لأجيالٍ من الشهداء والمعترفين، الذين تحمّلوا أنواع الاضطهاد والضَّيم، حبّاً بمخلّصهم وأمانةً لإنجيل المحبّة والسلام. كما أنه مؤتَمَنٌ على نشر حضارة المحبّة، وعلى أولوية الحوار الحياتي الصادق بين جميع فئات المجتمع الذي ينتمي إليه، دون تمييزٍ بسبب الدين أو الطائفة أو اللون أو العرق... ليُضحي رائد الحوار البنّاء، وفاعلاً حقيقياً للسلام".

    وتطرّق غبطته إلى "ما نشهده من مآسٍ ونكباتٍ حلّت بشعبنا وشرّدت جماعاتنا الكنسية في بلاد المشرق"، متسائلاً: "ألا تكفي عذاباتنا؟ ومتى ينتهي درب آلامنا؟ وهل هي مشيئة عظماء هذا العالم أن يغيّبوا باستئثارهم وأطماعهم شمس الشروق الدافئة في غروب بلادهم الباردة...؟"، معرباً عن ثقته "بأنّ مار نثنائيل نزار مطّلعٌ على الأوضاع الراهنة في الشرق، وما عاناه ويعانيه أبناء كنيستنا كما إخوتنا في الكنائس الشقيقة، من جراء الأزمات والنزاعات المخيفة التي نكبت بلداننا المشرقية، لا سيّما العراق وسوريا"، مؤتمناً إيّاه على "رسالة الدفاع، مع جميع المسؤولين النزيهين، كنسيين كانوا أو مدنيين، عن الحقوق المدنية والحرّيات الدينية لجميع المواطنين. وليكن الصوت الصارخ الشجاع لإله المحبّة والحقّ والفرح والسلام في هذه البقعة من العالم حيث وُلِدْنا، وحيث أرادنا الله أن نكون".

    وأكّد غبطته أنّنا "نحن السريان، إنطلاقاً من هذا المشرق المعذَّب عبرَ تاريخه القديم والحديث والمعاصر، أنرنا العالم بالعلم والمعرفة، ونثرنا مواهبنا شعراً وفكراً وترجمة. ولقد جاءت شهادتنا لإنجيل المحبّة والسلام، معمَّدةً بالدم ومكلَّلةً بغار الإستشهاد"، منادياً الضمير العالمي وأصحاب النوايا الصالحة ودعاة الحفاظ على حقوق الإنسان والمتبجّحين بالدفاع عن قضايا الشعوب المستضعَفة، إلى الوقوف معاً، بعد ما يحدث من الفظائع التي تُرتَكب باسم الدين، رافضين تسييسه، وداعين إلى عدم التمييز بين مذهبٍ وعرقٍ ولونٍ، نفوساً ونصوصاً.

    وفي ختام موعظته، هنّأ غبطتُه الأسقفَ الجديدَ وعائلته وأهله وذويه، سائلاً الله، بشفاعة أمّه مريم العذراء الطاهرة، أن يبارك خدمته الأسقفية، كي يؤدّيها "بكلّ أمانةٍ وسخاءٍ وتجرُّدٍ، حسب روح الإنجيل وتعليم الكنيسة، ويضحي الأب والأخ والصديق لجميع من يقصده" (تجدون نصّ الموعظة كاملاً في خبر آخر لاحق على موقع البطريركية الرسمي هذا).

    كما وجّه غبطته كلمة تهنئة وبركة إلى أبناء الأبرشية باللغة السريانية في لهجتها المحلّية المحكيّة (السورث).

    وقبل المناولة، ذهب الأسقفان المعاونان إلى وراء المذبح حيث يعتكف الأسقف المنتخَب منذ بداية القداس، وهو مغطّى الرأس بخمارٍ أبيض، وأحضراه إلى وسط الخورس، ليسأله البطريرك أن يقرأ صيغة إيمانه. عندئذٍ قرأها، ثمّ وقّعها وسلّمها إلى غبطته، الذي بدأ برتبة الرسامة بصلاة البدء والأناشيد السريانية الخاصة.

    ثمّ كلّف غبطة أبينا البطريرك أسقفاً لإعلان الكرازة، وتلا غبطته صلاة وضع اليد واستدعاء الروح القدس، إذ صعد إلى المذبح وبسط يديه على الأسرار المقدّسة مرفرفاً فوقها، ثمّ وضع يده اليمنى على رأس المنتخَب، وغطّاه ببدلته الحبرية، فيما حمل الأسقفان المعاونان كتاب الإنجيل مفتوحاً فوق رأس المنتخَب.

    وبعد إعلان رسامة الأسقف الجديد باسم "مار نثنائيل نزار"، وضع غبطته على رأس المرتسم المصنفة، وألبسه الغفّارة والأمفوريوم أي البطرشيل الكبير، وسلّمه صليب اليد، وألبسه التاج. وبعدها أجلس غبطتُه الأسقفَ الجديدَ على كرسي، فحمله كهنةٌ رافعينه ثلاث مرّات، وفي كلّ مرّة يعلن غبطته: "أكسيوس" أي مستحقّ، ويجيبه الإكليروس والشعب: "إنه أهلٌ لذلك ومستحقّ"، وسط تصفيق الحضور وأهازيج الفرح والسرور. وقرأ الأسقف الجديد إنجيل الراعي الصالح.

    ثمّ، وبحركةٍ ليتورجيةٍ رائعةٍ يتميّز بها الطقس السرياني، أمسك غبطته العكّاز من الأعلى، ووضع كلٌّ من الأساقفة آباء السينودس المقدّس يده تحت يد غبطته بالتدرّج بحسب أقدمية الرسامة الأسقفية لكلٍّ منهم، ووضع الأسقف الجديد بدوره يده تحت أياديهم. ثمّ رفع غبطته وكلٌّ من الأساقفة يده عن العكّاز، ورفع غبطتُه يدَ الأسقف الجديد إلى الأعلى مسلّماً إيّاه العكّاز، فبقي العكّاز في يد الأسقف الجديد الذي بارك به المؤمنين.

    وبعد المناولة، أكمل الأسقف الجديد القداس الإلهي، وألقى كلمةً بالمناسبة، شكر فيها العزّةَ الإلهيةَ، وقداسةَ البابا فرنسيس، وغبطةَ أبينا البطريرك، والأساقفةَ، والكهنةَ، وأهلَه وذويه وأصدقاءَه، وجميعَ الذين عمل معهم في خدمته الكهنوتية، والحضورَ جميعاً، طالباً منهم أن يصلّوا من أجله كي يوفّقه الرب في خدمته الجديدة.

    وتُليت رسالة تهنئة للأسقف الجديد من نيافة الكردينال Vincent Nicholas رئيس أساقفة أبرشية Westminister - لندن، المملكة المتّحدة، وكذلك كلمة تهنئة من رعية مار بهنام وسارة السريانية الكاثوليكية في لندن التي كان يخدمها الأسقف الجديد.

    وبعد البركة الختامية، تقبّل الأسقف الجديد التهاني من الحضور جميعاً. ألف مبروك.

 

إضغط للطباعة