|
|
|
|
|
|
ليتورجيا >> بحوث ليتورجيّا >> ميامر مار يعقوب السروجي >> الميمر السابع والستون |
|
|
|
السروجي يحارب البطالة: سلكت الدرب لاسير مع التعليم، وبما انني احببته فلا يتركني اتخلف عنه، ها انه يسحبني ليل نهار لاذهب معه، ان طريقه عظيمة والكسالى لا يسيرون عليها، لا يتخلى عني لو اردت ان اتركه، ويقوم ضدي بصفاقة مثل الحاكم، انا اهتم بالبطالة التي تنجب المضرات، وهو يجتهد ليكثر الاعمال للكسالى، وكأن التعليم يقول لي ما يلي: قم واخدم معي ايها الفاعل الضعيف، لماذا انت نائم،؟ اسهر وشاهد الجمال الجديد المخفي فيّ، فانه لا يظهر لمن يطلبونه بدون تعب، لو انت موجود عندي لا اشاهد فيك الكسل، فلا ينالني الا المجتهدون بنشاط، قم واظهر لي غلة الميمر التي جمعتها لان البطالة استولت عليك بحجج مختلفة ولذّت لك.
زوال العالم: العالم يزول والايام والساعات تدفع بعضها بعضا. ثوب العالم كمل وخيطه ليقطع. هلموا نستعد ايها الاخوة لنصلّ كما تعلمنا من الصادق ونهرب من الشرور لئلا يدركنا الهرب ويباغتنا في الشتاء، ما دامت الايام اعتيادية لنرَ نفسنا لئلا يصلنا العذاب في السبت وهو (سبت) الراحة.
لم اقل هذه الامور من فكري لئلا أُلام، الحقيقة التي في الكتب تشهد على عباراتي، اقرأ في البشارة وتجد هناك كل ما اقوله، وقد رُمزت بالغاز من قبل مخلصنا. وبعد هذا سأل الرسل: الى اين يا ربنا،؟ اجابهم: ليات النسور الى الجثة،؟ سمى شخصه للتلاميذ بالجثة، وسمى الابرار بالنسور الذين يطيرون في الهواء،.
يؤخذ الواحد ويترك الآخر اي الفصل بين المختارين والطالحين: لو لم تجرّ الاعمال الانسانَ الى الكرامة، لا يفيده ربوات العادلين الذين يسكنون معه، الابن البار لا ينفع اباه الذي اثم، والابن الخاطيء لا يحتمي بالاب العادل.
ينكسر القلم في يد المعلم بصورة غير اعتيادية ولن تُسجل به كتابة الى الابد، يترك الصبيان المدرسة المجتمعين فيها، ولن يُقدموا ايضا في صباح آخر حتى يتعلموا، تغيب وتزول الحكَم من الحكماء، ولن يعرف احد سوى الخوف من الانبعاث، تهجم الحيرة على الفلاسفة في افكارهم ولن يذكروا الا ان يقولوا فقط: الويل لنا، تنقطع قصة النظريات والاستفسارات ولن يُفسر هناك شيء ما عدا الويل، تعثر الكلمة وتسقط من اللسان، ويرعد فقط صوت النحيب من جهنم.
الرمز والصوت يدمران العالم ويهجم المخاض على الارض. نبؤة حزقيال على القيامة: في ذلك اليوم لن يفعل البكر هكذا، ولن يقيم الموتى بالشبه او بالظِل، رمزه يقلب الجثث بالتاكيد، ولا يقيم المدفونين بالاسرار لكن بالحقيقة.
سرعة الرمز: من الصعب ان اصف (هذه الامور)، ولا يصعب على صانع الكل ان يحققها كما يصعب عليّ، لساني ليس سريعا بتقلباته مثل رمزه، ولا جفن العين سريعا كامره، ايها المتميز لا تسمع الموضوع مثل كلمتي وحسبُ، لكن اجعل سمعك سريعا كالافكار، لا تنصت فقط كما اتكلم ببطيء، لكن اقبل (ان تسمع) كما افكر في ذهني. رمزُ الابن اسرع من العقل، وسرعته لا تُصطاد بالذهن، لا يوجد شيء لنقارن به مدى سرعته ما عدا طرفة الجفن فقط وهي ايضا ثقيلة، يقبض شبره وانحبست الارض في حفنته، ويجمع العظام من كل جهة بدون تعب، ولو تبعثر الجسد الى كل الجهات فهو في حفنته اذ لا يوجد شيء خارجا عنه
برهان السروجي" اللآليء في الكف": جرّب ما اقوله في شبرك، والبرهان الصغير يكفي لتعليمك، لو تبذر اللآليء في كل يدك، كم ستبتعد الواحدة عن رفيقتها،؟ ولو ابتعدت واحدة كثيرا تستقر على راس خنصرك، فتجلب يدك الى جهة ابهامك، لما تقبض ارادتك على شبرك فقد جمعتها وجلبتها الى الوسط بدون تعب.
السروجي ينهي الميمر بدون الاطالة ليكمله في يوم آخر باسهاب: الى متى اطيل كلمتي على هذه القصة، ومهما اكثر الكلام فانا لا افي الموضوع حقه،؟ موضوع الآخرة مخيف ومفجع على السامعين ولا يُحدد من قبل القوالين في عباراتهم، كان الميمر يتطلب بعدُ كلاما، فهوذا الوقت يصرخ حسب نظامه (قائلا): اختم موضوعك، هوذا القصة معروضة ومهيأة لتوصف من قبلي، غير انه وُضع تخوم للوقت من قبل الواجب، كان (يلزم) تخصيص يوم للميمر غير انني لا اقدر ان ارافقه ليبلغ الى نهايته، اظل الآن في منتصف المسافة واحتفظ به عندي لانني بعد يوم ادنيه من النهاية، ربي لتمكث كلمتك عندي كما سالتُ منك، حتى يوصف الميمر العظيم من قبلي باسهاب.
المخطوطة: روما 117 ورقة 158
يرد في البداية اسم مار يعقوب. الميمر قطعة شعرية رائعة أسلوبه جذاب ولا يمل المرء من مطالعته والتأمل فيه. لقد وردت آبيات منه في ليتورجية دفن الموتى في البيعة السريانية. استعمل ملفاننا عبارة الاخوة او اخوتي ونعت نفسه بالكسلان ولو انه يحب العلم والتعليم. تكلم عن نهاية العالم القريبة (لعله قصد نهاية القرن الخامس وبداية السادس!). يعطي مثال نهاية التدريس في المدرسة، لعله يفكر ايضا بغلق مدرسة الرها سنة 489م. عبارة نهاية العالم القريبة لو لم تكن عبارة البلاغة قد تشير الى فترة شيخوخة السروجي يوم الّف هذا الميمر اي حوالي سنة 510-515م.
على الآخرة الذي قاله مار يعقوب
المقدمة
1 سلكت الدرب لاسير مع التعليم، وبما انني احببته فلا يتركني اتخلف عنه،
2 ها انه يسحبني ليل نهار لاذهب معه، ان طريقه عظيمة والكسالى لا يسيرون عليها،
3 لا يتخلى عني لو اردت ان اتركه، ويقوم ضدي بصفاقة مثل حاكم،
4 انا اهتم بالبطالة التي تنجب المضرات، وهو يتنشط ليكثر الاعمال للكسالى،
5 وكأن التعليم يقول لي ما يلي: قم واخدم معي ايها الفاعل الضعيف، لماذا انت نائم،؟
6 اسهر وشاهد الجمال الجديد المخفي فيّ، فانه لا يظهر لمن يطلبونه بدون تعب،
7 لو انت موجود عندي لا اشاهد فيك الكسل، فلا ينالني الا المجتهدون بنشاط،
8 قم واظهر لي غلة الميمر التي جمعتها لان البطالة استولت عليك بحجج مختلفة ولذّت لك،
9 وصلت الآخرة، لماذا انت عاطل عن عملك، قم واظهر للعالم الموضوع: هوذا النهاية،؟
10 انظر الى البرية التي تزدحم لتعبر الى اللاشيء، وارفع صوتك لتتكلم عن الآخرة،
11 تامل في الارض هوذا مخاض الآخرة يهجم عليها فلا تتهاون من الكلام عن النهاية،
12 يا اخوتي اصغوا الي اذاً بتمييز لاتكلم باختصار (قائلا): هوذاالعالم يزول،
13 لا نتهاون بالميمر الذي يكرز الحقائق، لنسمع منه باهتمام ما يقوله لنا،
14 /838/ لم نتهاون لما اخطأنا مدة طويلة، فلا تتهاون بسرعة عن موضوع الحياة،
15 ولو كانت الاطالة في الخطيئة محبوبة، فلا تُظهر التهاون لكلمة الحياة.
الايام تزول
16 اين هي الايام التي مضت مع ازمنتها، فاننا نهتم ببطالة زمنية وقصيرة،؟
17 ماذا جمعنا من الامس الذي مضى بعد رفاقه، لنفتش عن اعمال مفيدة لليوم،؟
18 لو طار الامس كالحلم مع فوائده، لنفكر بان اليوم ايضا هو متساو مع نده،
19 هوذا الايام تعبر في درجات الواحد تلو الآخر، واليوم لا ينتظر صديقه ليذهب معه،
20 هوذا اليوم مسرع ليفسح المجال لياتي الغد، وطريقه مسرعة كانها طريدة لكي ينتقل،
21 الطريق السريعة تشبه الازمنة في دورانها، وتبرهن على زوال العالم الذي ينتقل،
22 هوذا الايام تصرخ على جسر العالم: اذهبي ايتها (الايام) الاولى ليُفسح مجال (للايام) التي بعدك،ِ
23 هوذا المساء يطرد الصباح لينتقل حتى يفسحا المجال ليعبر ايضا (النهار) القادم،
24 الليالي تركض بقوة من الايام وكل واحد منها يكرز جهرا على النهاية،
25 خروج النهار مرتبط بدخوله، لما يتسلط الصباح على الارض يطارده المساء،
26 بعد ان تصبح (الدنيا) علينا تظلم، وهوذا يوم بعد يوم يوصلنا الى النهاية،
27 هوذا طريقنا تُسلك بالايام كما لو كان بالاميال يوصلنا هذا (الميل) وينقلنا الى ذلك،
28 اليوم كم كان بعيدا عنا ثم جاء وداهمنا، والآن بعد ان اتى ها انه يمضي ليذهب،
29 لا يطيعنا ليمكث عندنا عشرين ساعة، لانه يكتمل بعدد اثنتي عشرة ساعة ثم يطير،
30 الساعات لا تعطي للنهار مدة اطول، لان الازمنة تركض لتنتقل بموجب مقياس واحد،
31 هوذا السنون تركض نحو الجسر وتزاحم الواحدة الاخرى لتذهب الى النهاية،
32 هذه الطريق التي لا تتوقف مسيرتها تسرع لتقف على النهاية مع جميع من هم عليها،
33 هوذا السدية ممدودة لتسير عليها الشمس، وتسعى الازمنة لتتوالى الواحد بعد الآخر،
34 كمل اذاً ثوب العالم وبلغ الى حده، وهوذا خيطه قائم وها انه كمل ليُقطع،
35 الحياة تسلك مسيرة سريعة لتهرب منا، ولا يخطر على بالنا بان مسكننا حلم يطير،
36 /840/ وبقدر ما هو فكرنا مسيع لئلا يفهم، هوذا جمال زمان لا يثبت يدغدغنا،
37 حياة اليوم اقصر من حياة الامس، وهوذا الغد يقفز درجة بالنسبة لليوم الذي يليه،
38 الآن لما بداتُ اتكلم قصرت مدة الازمنة عما هي عليه،
39 بعد قليل ستقصر مدته اكثر لان المدة ليست متساوية في بداية الموضوع وفي نهايته
40 الساعة تدفع الساعة لتقترب من النهاية، والآخرة هي ازاءنا ووصلت لتاتي بدون ريب،
41 يوما بعد آخر تنتهي ايامنا وتزول كلها، ولا نفكر باننا نسير نحو الخروج (من العالم)،
42 هوذا يوم ربنا يصل الينا بعد قليل ويذكّرنا كم ان قلبنا مسيع هنا،
43 هو يبين لنا بان مسكننا هو ظِل ويعذبنا بانسحاق النفس لاننا احببناه،
44 فيه تُزاح غيمة الضلالة عن الفكر، ويصير صحو على النيات ويكشفها.
لنصلّ لئلا يكون هربنا في الشتاء او في السبت (متى 24/20)
45 هلموا نستعد ايها الاخوة ونهرب من الشرور لئلا يدركنا الهرب ويباغتنا في الشتاء،
46 ما دامت الايام اعتيادية لنرَ نفسنا لئلا يصلنا العذاب في السبت وهي (سبت) الراحة،
47 لنصلّ اذاً كما تعلمنا من الصادق لئلا يكون هربنا في الشتاء ولا في السبت،
48 لماذا مثّل يومه بالشتاء وبالسبت وحذرنا كثيرا وافهمنا لئلا نهرب فيهما،؟
49 في الشتاء لا احد يجمع الغلة من حقوله، ولا يقوم بعمل في السبت حسب الناموس،
50 الآخرة هي راحة، الويل لمن له العذاب، لنتعب الآن لئلا يصلنا الجهد وقت الراحة،
51 لنبنِ اساس الحسنات ونستتر به لئلا يتساقط علينا المطر الوابل الذي يستاصل الجبال،
52 لنبطل قليلا من فعل الظلم لئلا يصلنا التعب بعد ان يبطل العالم كله.
مجيء الرب مخيف
53 لنفكر الآن كم ان ذلك المجيء هو مخوف، لعل الخوف سيمنعنا قليلا من المضرات،؟
54 انه لقنوط عظيم لما تُطرد البرية لتزول، وتهرب كل الاتقانات كالدخان بالريح،
55 الصوت الذي يخرج بسرعة يلقي الرعب، ويرتجف العالم ويترنح لانه سيتغير،
56 ستنقبض ايادي جميع الحرفيين عن العمل، لان الخوف المرعب يبطلها ويجعلها ترتجف وترتخي،
57 الفلاحون ايضا يتركون فدادينهم ولا يفكرون بعدُ بالغلات ولا بالحقول،
58 الرمز يدرك ايضا المهندسين في عماراتهم، ولا يقوّمون الاساس الاخير الذي فوجئوا فيه،
59 الفاعل يترك الشغل القاسي الذي كان مرتبطا به، ولعله يفرح اذ تخلص منه بواسطة النهاية،؟
60 الخوف يفرغ الاخدار المعقودة من قبل العرائس، ويلقي زينتهن على الارض ويهرّبهن،
61 يخاف الختن ويقفز ويخرج من خدره ويهرب بسرعة بدون اكليل،
62 اكليل الملك يقع على الارض ولا ياخذه، ويقف بخوف مع جيوشه مثل خادم في الجيش،
63 تهرب الجيوش من المملكة بذلك الارتباك، ولن يطيع العبد سيده حسب الناموس،
64 تزول الرتب عن الحكام بالم عظيم، ولن تُكرم كراسي الرئاسة،
65 يقع الرعب على التجار في الدروب، ولن يجمعوا تجارة كل الارباح،
66 يندهش ويتحير السارق بالقنوط العظيم، والخوف يدرك اللصَ ويحيره،
67 ترتخي ايدي كل واحد عن كل شيء، ويستولي الندم على كل الافكار بالم،
68 تهرب الام الشفوق من احبائها، والمرضع لا تعود لتاخذ جنينها،
69 لا تعود الوالدات الى اثمارهن، ولا المتزوجات يمكثن بمحبة لدى رجالهن،
70 من لا يبكي لما يسقط الاطفال من الاكناف ولا تنحني الام بخوف لتنشل طفلها.؟
في النهاية يُفصل بين الصالحين والطالحين (متى 24/40-41)
71 لم اقل هذه الامور من فكري فلا أُذمّ، الحقيقة التي في الكتب تشهد على عباراتي،
72 اقرأ في البشارة وتجد هناك كل ما اقوله، وقد رُمزت بالغاز من قبل مخلصنا،
73 في ذلك الحين يكون اثنان في سرير واحد، ياخذون الواحد ويتركون الآخر وحيدا،
74 وهكذا ايضا تكون اثنتان في رحى واحد، الواحدة تؤخذ والاخرى تتخلف عن رفيقتها،
75 ايها الحكيم لنتعقب عن قوة هذه الكلمات: الى اين تصل تفاسيرها بالتاكيد،؟
76 ديان الكل اظهر رمزا في تعليمه على الفصل الذي سيصير بين البشر في الآخرة،
77 هنا عرّف بقوله اثنان واثنتان على وئام الاخوة والابناء والاهل،
78 وبقوله ايضا ياخذون الواحد عاد وبرهن على الفصل بين الابرار والخطأة.
حيث الجثة هناك تجتمع النسور (متى 24/28)
79 وبعد هذا سأل الرسل: الى اين يا ربنا،؟ اجابهم: ليات النسور الى الجثة،
80 سمى شخصه للتلاميذ بالجثة، وسمى الابرار بالنسور الذين يطيرون في الهواء،
81 لما يطير المختارون الى العلى العالي يظل الاثمة في العمق الحزين حتى يتعذبوا،
82 النسور تطير الى قمة الهواء بسرعة، والطير الكسلان يثقل جناحه ويسقط ارضا،
83 الريش السليم يرتفع في العلى والاجنحة الخالية من الريش تصير طعاما للهيب،
84 محبو العلى يطيرون بتمييز، ويغرق محبو الاسفل في العمق بثقلهم،
85 الاجساد النقية ترتفع وتصعد الى العلى والاجسام الدنسة تنزل سوية الى است الشيول،
86 بنو اليمين يتوجهون الى العلى بسرعة، ويغرق جناح بني اليسار الضعيف،
87 نسور العلى تشتم رائحة الجسد الحي وتطير للقائه بسرعة لتحلّ عنده،
88 العادلون يرفعون الاجنحة الى العلى للقاء الابن، ويظل الملعونون في موضع عميق ومقفر وحزين،
89 وكما ان جسد الصالحين هو خفيف حتى يرتفع، هكذا يثقل جسم الاشرار حتى يغرق،
90 وبقدر المسافة التي يقطعها هولاء ليصعدوا الى الملكوت، هكذا يرجع اولائك الى العمق الى جهنم،
91 داؤد سمى موضع الاشرار: الشيول السفلى، وقال: ليرجع الاثمة الى الشيول،
92 لما يتوجه الابرار الى العلى كما قيل، يرجع الاثمة الى العمق كما هو مكتوب،
93 هولاء يصعدون الى العلى العالي المجيد، وهولاء ينزلون الى العمق السفلي الكئيب،
94 هوذا الفصل الذي يصير هناك للجهتين: ينشيء الهوة بين الابرار والخطأة.
كل واحد يُكرم باعماله
95 لما كان يعلم ربنا قال: من بيت واحد سيؤخذ واحد، وسيُترك آخر،
96 لو لم تجرّ الاعمال الانسانَ الى الكرامة، لا يفيده ربوات العادلين الذين يسكنون معه،
97 الابن البار لا ينفع اباه الذي اثم، والابن الخاطيء لا يحتمي بالاب العادل،
98 البتول الطاهرة لا تخلص الام التي زنت، والاخ الكامل لا يفيد اخاه المتراخي،
99 من هذه الامور التي علمها ربنا تعلم بان واحدا ياخذونه والآخر يتركونه بتمييز،
100 الخوف يرعب الاختين في بيت واحد، ولا تقدران ان تستفسرا سوية عن السبب،
101 العلى يخطف تلك الكاملة لتطير في الهواء، واللجة تسحب الاثيمة لتتعذب فيها،
102 الواحدة تؤخذ للقاء الختن كما قيل، وتُترك الاخرى لتعود الى الشيول كما كُتب،
103 الصوت يُرجف البنت وامها المطمئنتين فتخافان وترتجفان لما تُفصلان لتنتقلا،
104 يفصل الاخوة كالاعضاء من بعضها بعضا، ويلقي الانقسام في وحدتهم ويبعثرها،
105 يُسقط وياخذ الابناء كالامعاء، ولا مجال لبطن الام لكي يحبهم،
106 تُقطع محبة النساء من رجالهن، ولن يعرف الشريك (شريكه) بسبب الخوف،
107 المرأة تُعتبر مثل غريبة من قبل بعلها، واذ كانت خاصته لم تعد خاصته لانها فصلوها عنه،
108 الزيجة لن تعود الى الزواج، والابوّة لن تحب احباءها،
109 ومحبة الاخوة لن تثبت كما كانت لان تلك المساواة تُفصل من الاختلاط،
110 الخوف يقطع الخبر الوارد بين الاختين، ولن تنتهي تلك القصة التي تابعتاها،
111 ولو كانتا مربوطتين سوية في رحى واحد، ستُفصلان من وحدتهما كما هو مكتوب،
112 ولن تكتمل كلمة المحبة عندهما، لان الخوف المرعب يبطّلهما (ويبطل) كلماتهما،
113 يقطع حديث البنت الحبيبة مع امها، ويبطل كلام الملافنة والباحثين،
114 ينكسر القلم في يد المعلم بصورة غير اعتيادية ولن تُسجل به كتابة الى الابد،
115 يترك الصبيان المدرسة المجتمعين فيها، ولن يُقدموا ايضا في صباح آخر حتى يتعلموا،
116 تغيب وتزول الحكَم من الحكماء، ولن يعرف احد سوى الخوف من الانبعاث،
117 تهجم الحيرة على الفلاسفة في افكارهم ولن يتذكروا الا ان يقولوا فقط: الويل لنا،
118 تنقطع قصة النظريات والاستفسارات ولن يُفسر هناك شيء ما عدا الويل،
119 تتعثر الكلمة وتسقط من اللسان، ويرعد فقط صوت النحيب من جهنم،
120 لن يتسلى احد ولا يسلى رفيقه لان كل واحد سيشرب المرارة وهو يتعذب،
121 الشاب لن يسند الشيخ وهو يتالم، والاب لن يشجع ابنه لئلا يكتئب،
122 يفصل كل واحد عن رفيقه بخوف عظيم ويقع الرعب حتى ينتقل الواحد عن رفيقه،
123 هوذا ربنا قد تكلم عن الدينونة الاخيرة: ياخذون الواحد ويتركون الآخر كما قلنا.
الصوت والرمز يدمران البرية
124 لما تُسجر البرية بالحرارة وبالخوف، سيتحير العالم كله وينسى ما هو مُلكه،
125 الخوف يرعب الناس بقوة، وبالرمز يقلب بسرعة الاتقانات،
126 يهدم المنزل على السكان بخوف شديد، ويهجم البناء ويلقيه على البنائين،
127 يُسقط البيوت على السكان ويهدمها، وينقض المنازل ويوقعها على اصحابها،
128 بالرمز يذرّي النواويس البهية وزينتها، ويبدد ويلقي القصور وسكانها،
129 يرسل صوته على المقصورات ويخربها، ويطير ويجتاز في المدن ويقلبها،
130 يقطع ويلقي الجبال القوية ويسقطها، ويهدم الكهوف العالية ويحطمها،
131 يصرخ في البحر ويجففه كما هو مرسوم، وبصوته يخرب الانهار كما هو مكتوب،
132 يمزق ويلقي اكليل النور الموضوع على الرقيع، وفي الظلمة يذري اختامه المليئة ضياء،
133 يلقي العصا في عجلات الشمس لئلا تدور، وتتوقف الطريق السالكة الى كل الجهات،
134 يربط ويلقي القمر والطريق التي كان يسلكها، ويبطّله لئلا يستمر على التغييرات،
135 تتناثر الكواكب كتين اخضر من الاشجار، ويظلم ويهرب ضياؤها الواسع امتداده،
136 تبلى السماوات كثوب عتيق، وتتناثر وتتهرى كمعاطف وهي تتغير،
137 تقف الشمس مجردة من اشعتها، ويشق القمر ثوب نوره الذي كان متشحا به،
138 يشلح الهواء اللون الذي كان يلبسه، ويتشح بالحِداد الما على البرية.
هجوم المخاض على الارض
139 يهجم المخاض بغتة على الارض لتركع وتلد الاجنة المطمورين التي كانت حبلى بهم،
140 كل الارض تصرخ بالم مثل الوالدة لابادة الاولاد العديدين المطمورين فيها،
141 القبور تتقيأ الموتى الموجودين فيها كالانهار، وتتشقق الصخور لتفسح المجال للقوات.
نبؤة حزقيال على القيامة (حزقيال 37/1-14)
142 يقترب العظم من العظم رفيقه كما هو مكتوب، والعصب الى رفيقه كما يقال،
143 هناك لا يكرز حزقيال على الموتى، لان رب الانبياء يدعو الموتى (قائلا): قوموا من هناك،
144 لن يقوموا (بالنبؤة) مرتين وبصوتين، انما يرتفعون الى العلى برمز واحد،
145 هناك لن يكون منظر او شبه، لكن سيكرز هناك الحقيقة بصورة فعلية،
146 حزقيال راى شبها مستعارا كما لو كان بالسر، وبنبؤته بعث الموتى بدون موتى،
147 في ذلك اليوم لن يفعل البكر هكذا، ولن يقيم الموتى بالشبه او بالظِل،
148 رمزه يقلب الجثث بالتاكيد، ولا يقيم المدفونين بالاسرار لكن بالحقيقة،
149 يذرّي الجبال ويجمع العظام التي كانت مبعثرة، ويُسقط الآكام ويبني قامات الناس،
150 يقضي على الارض وينسج الاجسام ويجددها، ويحطم المسكونة ويجلب الاجساد ليركّبها،
151 يعتّم الشمس ويلقي النور في البؤبؤين ويجعل القمر يغيب ويلقي الضياء على الوجوه،
152 يستاصل الغابات ويشتل الاضراس التي كانت منزوعة ويكسر الدلب ويصفّ الاسنان التي كانت متناثرة،
153 يخرب البساتين ويشتل الاعضاء في الاجسام، ويكسر الارزات ويقوّم القامات بالمجد،
154 يفرغ اللجج ويجري الحياة لمن كانوا موتى، ويصرخ بالصوت ويترنح ويقوم جميع الراقدين،
155 الرمز يمشي على بطن الموت الشره ويبعجه ويخرج طعامه وهو غير فاسد،
156 صوت الانبعاث يستاصل الشيول ويذرّيها، فتسقط اسوارها ويخرج الشعب السجين.
اين غلبتك يا موت واين شوكتك يا شيول؟ (هوشع 13/14)
157 كان النبي قد راى الشيول والموت يُسجنان، وفي نبؤته رفع صوته ليسخر منهما،
158 يا موت، اين هي غلبتك فها انك تُقهر،؟ ويا شيول الوهنة اين شوكتك، لقد غُلبت،؟
159 ابتُلع الموت الشره بالغلبة، وبالقيامة تُستاصل الشيول لئلا تعتمر بعدُ.
مهما تعددت ظروف الموت سينبعث الموتى دون ان يفقدوا شيئا من اجسادهم
160 يصعد الموتى من البالوعة التي نزلوا فيها، وتطير الاجسام من الحفرة التي غرقت فيها،
161 تتحرك الاجساد وتنفض عنها الغبار، وتطير افواجا افواجا من التراب،
162 تهتز الارض وتعطي الاجسام المطمورة فيها..،
163 ان يخفي احد الشمس بحفنتيه اسهل من ان تخبيء الارض في النهاية احد الموتى،
164 من السهل ان يضيع جبل عال وسط الطريق من ان ينسى جزءا صغيرا في احد الاجساد،
165 كل الاجساد التي خنقها البحر، واكلتها الاسماك، وابادتها الدبابات، وجرفتها المياه، واخفتها اللجة،
166 والتي ماتت في الحرب، ونهشتها الطيور، واكلتها الحرب، ومزقتها الحيوانات،
167 والتي احرقتها النار، وسلبها اللصوص، واحتملت العذابات، وقطّعها الحكام،
168 والتي اضاعها السبي، وصارت طعاما للاسود، واكلها الطير، وتناولتها الغربان والعقاب،
169 والتي ماتت على الجبال، وشبعت منها كل حدأة، ورقدت في الشقوق، واخفتها الكهوف العالية،
170 والتي اخفتها الهزة (الارضية)، وطمرتها التلال العالية، ومزقتها الاسود اربا اربا،
171 كل هذه (الاجساد) التي هلكت بكل انواع الموت تقوم كلها بسرعة برمز واحد،
172 بصوت واحد يهرب الموت، وتسقط الشيول، وتتحرك العظام، وتنشأ الاجسام وتتشدد الاجساد،
173 ويقوم الموتى، وتتشقق الصخور، وترعد القبور، وتردّ الارض، ويتقيأ البحر، ويمد العمق،
174 ويُطالب الدبيب، ويعطي الطير، ويبطل السيف، وتطير وتاتي من كل الجهات العظام المبعثرة.
يعقوب يتكلم
175 من الصعب ان اصف (هذه الامور)، ولا يصعب على صانع الكل ان يحققها كما يصعب عليّ،
176 لساني ليس سريعا بتقلباته مثل رمزه، ولا جفن العين سريعا كامره،
177 ايها المتميز لا تسمع الموضوع مثل كلمتي وحسبُ، لكن اجعل سمعك سريعا كالافكار،
178 لا تنصت فقط كما اتكلم ببطيء، لكن اقبل (ان تسمع) كما افكر في ذهني.
رمزُ الرب ينفذ كل شيء بسرعة
179 رمزُ الابن اسرع من العقل، وسرعته لا تُصطاد بالذهن،
180لا يوجد شيء لنقارن به مدى سرعته ما عدا طرفة الجفن فقط وهي ايضا ثقيلة،
181 يقبض شبره وانحبست الارض في حفنته، ويجمع العظام من كل جهة بدون تعب،
182 ولو تبعثر الجسد الى كل الجهات فانه في حفنته لانه لا يوجد شيء خارجا عنه،
183 ولو صار الجسم ذرّات في كل المواضع يتجمع لما ينقبض شبر رمزه،
184 لو تبعثرت اعضاء الموتى في الجهات فانها محتواة مع رفيقاتها في راحة يده،
185 كل قطر الارض كلها هذه مساحته: كما يبتعد موضع الخنصر عن الابهام.
لآليء في الكف تجمعها الارادة بسرعة فائقة
186 جرّب ما اقوله في شبرك،، والبرهان الصغير يكفي لتعليمك،
187 لو تبذر اللآليء في كل يدك، كم ستكون بعيدة الواحدة عن رفيقتها،؟
188 ولو ابتعدت الواحدة كثيرا ستستقر على راس خنصرك، تجلب يدك الى جهة ابهامك،
189 لما تقبض ارادتك على شبرك فانك جمعتها وجلبتها الى الوسط بدون تعب،
190 وهكذا ايضا يجمع الرمز من كل الجهات العظام المبذورة بسرعة تزيد ربوات الاضعاف.
الارض تحبل وتلد الموتى في ساعة واحدة (اشعيا 66/8)
191 استولت الحيرة على اشعيا بهذا الخصوص، فسأال بعجب سؤالا مليئا تمييزا،
192 كان قد شاهد الارض تلد الموتى بسرعة وتنثر وتلقي القوات كما لو كان برمز،
193 راى الترابَ ينقلب ويُنشيء الاجسامَ، وجموع الناس تتحرك وتصعد من التراب،
194 حدّق وراى بعين النبؤة الخفية بان الارض تحبل وتلد الموتى في ساعة واحدة،
195 قام بعد هذا ليسأل وهو يتنبأ، فالّف سؤالا بعجب ليعرضه (علينا)،
196 من سمع بهذا الامر الجديد الذي صار،؟ او من شاهد مثل هذه الامور تحقق،؟
197 الارض تحبل في يوم واحد بسرعة، وفي ساعة واحدة تلد الشعوب رمزيا.
الاحياء يطيرون سوية مع الموتى الى العلى (1تسالونيقي 4/17)
198 هناك تتزاحم الصفوف بعد الصفوف وتتشكل الافواج للارتفاع من التراب،
199 الاحياء يرون الموتى يقومون كانما من السبات، ويتعجبون وينذهلون ويندهشون من الاعجوبة،
200 البشر الذين يبلغون الى يوم الآخرة، يظلون في الحياة ولا يذوقون الموت،
201 يدركهم الصوت الرهيب الذي يقيم الموتى، ولا يُتركون ليصلوا الى وعد الموت،
202 وعن هذا يشهد الرسول روحيا، وهذا الحل هو مُلكه وحسب تفسيره،
203 كان يقول:جميعنا لا ننام نوما، ونحن الاحياء لن ندرك ايضا اولائك الذين رقدوا،
204 سيقوم الموتى من القبور وهم غير فاسدين بسرعة بطرفة العين بالقرن الاخير،
205 والذين هم احياء يتغيرون ايضا ولا يموتون ويطيرون سوية في الهواء لملاقاة البكر،
206 ولو كان الموتى يسمعون صوته ويترنحون ويقومون، كيف يعود الاحياء الى الموت لما يرونه،؟
207 اتضح كما قيل بان الامر هو هكذا: الجيل الاخير اللامائت يمسي احياء.
بعد القيامة سيتغير البشر (1قورنثية 15/51)
208 هناك سيصير تغيير للبشر والحيرة تؤلمهم اكثر من الموت،
209 يرتجفون ويخافون من ذلك الصوت الذي يقيم الموتى، ويغيرهم الخوف المستمر كالموت،
210 يتزاحمون محتارين من كل الجهات، وهم يطاردون بالرؤى المخيفة التي ستحدث،
211 سينظرون الى المعجزات التي تتم ويرون العجب في هذا العالم وهو يتغير،
212 الخوف يعذبهم بقوة بواسطة الرمز، لما ينحل سقف المسكونة ليرتفع،
213 هناك ستتزاحم الاصوات على الاصوات باستمرار، وتتحير وتنذهل كل الافكار من الخوف،
214 تتوالى الشقوق الواحد بعد الآخر بقوة، وترتجف البرية التي يرعبها الخوف العظيم،
215 هناك يزأر الرعد المخيف بقوة، ولا احد ينبس بكلمة فمه بسبب الحيرة،
216 السمع ايضا يضطرب بالاصوات الصاخبة لان الخوف العظيم يلقي الرعب على البرايا،
217 لما تتفجر الجبال لتسقط على الآكام، وتصرخ الارض بسبب التنهدات التي تظهر فيها،
218 لما تتفطر الكهوف العالية لتنهار، وتميل وتسقط الاعالي لتملأ الاعماق،
219 لما تتبعثر الحصيات بالصوت الذي يصطدم بها، ويفطر الرمز الصوانَ بسرعة،
220 لما تذوب الحجارة بغليان اللهيب، ويحترق معها تراب الارض باللهيب،
221 لما تُنزع اسس العالم الموجودة تحت الارض، وترتجف المسكونة من اسسها هي وكل ما يوجد عليها،
222 لما يُهدم برج العالم على سكانه، وينحل قعر الازمنة لئلا يقوم بعدُ،
223 لما يكدس الرمز المسكونة تلالا تلالا، ويقلب كل الاتقانات لتجديدها،
224 لما يقوم الموتى بالصوت بطرفة العين، ويطير الاحياء بدون فساد لملاقاة الختن.
يعقوب يتكلم
225 الى متى اطيل كلمتي عن هذه القصة، ومهما اكثر الكلام فانا لا اوفي الموضوع حقه،
226 موضوع الآخرة مخيف ومفجع على السامعين ولا يُحدد من قبل القوالين في عباراتهم،
227 كان الميمر يتطلب بعدُ كلاما، (لكن) هوذا الوقت يصرخ حسب نظامه (قائلا): اختم موضوعك،
228 هوذا القصة معروضة ومهيأة لتوصف من قبلي، غير انه وُضع تخوم للوقت من قبل الواجب،
229 كان (يلزم) تخصيص يوم للميمر غير انني لا اقدر ان ارافقه ليبلغ الى نهايته،
230 اظل الآن في منتصف المسافة واحتفظ به عندي لانني بعد يوم ادنيه من النهاية.
الخاتمة
231 ربي لتمكث كلمتك عندي كما سألتُ منك، حتى يوصف الميمر العظيم من قبلي باسهاب.
|
|
|
|
|