|
|
|
كلمة الرب نور بها استنير لاتكلم في العالم عنك. اعطني يدك لاسير بامان وارى جمالك. البرايا تسبح الرب على اختلاف اشكالها، افتح فمي لاسبحك انا الحرّ بتمييز مع سائر البرايا.
السروجي ينقد رجال الدين لان محبة المال دخلت الى البيع كالحية التي دخلت الى الفردوس. المقتنى هو سرقة للتلمذة وقد علمها يهوذا. يذكر ما اصاب بعض الجشعين في الكتاب المقدس مثل: حنانيا وصفيرا وجيحزي. الحية تعلم محبة الذهب والمسيح شجرة الحياة يعلم بغض الذهب.
السروجي يتباكى على التعليم الذي بات نائما والملافنة لم يعودوا مسموعين. يقول ان كل واحد يعرف بان يميز بين الخير والشر وبالرغم من هذه المعرفة لا زال البشر يقترفون الشر. البرارة يمكن اقتناؤها بمجرد ارادتنا، ولكن الغنى لا يمكن اقتناؤه بحسب الارادة. الحرية هي متساوية لجميع البشر، كما ورد في مثل الابن الشاطر.
الابنان الصغير والكبير هما الخطأة والابرار. اعطني حصتي يعني ارادتي. خدمة اسياد بلد بعيد تعني الابتعاد عن الله بالخطيئة وخدمة الابالسة. الخنازير تعني الشهوات، والخرنوب شهوات العالم. الشهوات تسبب الجوع وعدم الشبع، ولا تتم حسب الرغبة لان ارادة الانسان محدودة.
الابن الصغير تذكّر نفسه وصمم ان يعود الى ابيه لان البعيد عن الله هو بعيد عن نفسه. لو عرف الانسان نفسه لما اخطأ لئلا يلوث جمالها.! الطبيعة البشرية كانت جميلة قبل ان تخطيء، وبعد ان اخطأت تلزم التوبة ليعود جمالها اليها كالسابق.
الابن الصغير يستقبله ابوه لانه كان ميتا فعاش وضائعا فوجد وقدم له الحلة وذبح على شرفه العجل المسمن والبسه خاتم الوراثة. الايمان هو واحد للجميع، وحلة المعموذية هي واحدة للاولين وللاخيرين.
الابن الكبير يغضب ويلوم اباه لانه لم يسمح له ان يذبح جديا ليفرح مع اصدقائه علما بانه لم يتعدّ على وصاياه. يحاول ابوه ان يبين له بمحبة بان قلبه يسع كليهما وان كل ما له هو مُلك لابنه الكبير، لانه ظل معه.
الولد الكبير يمثل الكاملين. الكامل يطلب اجره بوجه مسفر ولا يعرف معنى للرحمة ولهذا يستغرب ويغضب من الله الذي يقبل الخطأة.
الولدان يرمزان الى الشعب والشعوب. الابن الكبير غضب: الشعب اليهودي ثار وخرج من بيت الآب لان الآب قبل توبة الابن الصغير. قبول الابن الصغير يعني دخول الشعوب الى ملكوت الله.
المخطوطات: لندن 14515ورقة284؛روما117ورقة260؛ روما 118ورقة 180؛باريس196 ورقة 127
يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. الميمر تفسيري وفيه نقد لليهود، ونقد لرجال الدين المسيحيين. يطرح ملفاننا الافكار الفلسفية والتفسيرية المعمقة. الميمر قطعة شعرية رائعة بالرغم من طول مقدمته ولا يمل القاريء من مطالعته. انه صفحة رائعة للسائرين في درب الكمال الرهباني. موضوع هذا الميمر يتكرر في الميمر المرقم 90. قد يرقى تاريخ تاليف هذا الميمر الى فترة الشباب لعله قبل غلق مدرسة الرها سنة 489م.
الدراسات:
الميمر السابع والثلاثون، على الابن الشاطر، قبطي، 414-426
Traduction anglaise, in, HTM, TV 54 (1994), pp. 11-37
للقديس مار يعقوب
على ذاك الابن الذي بدد امواله (لوقا 15/11-32)
المقدمة
1 ربنا، كلمتك كلها نور لمن يحبها، بها استنير لاتكلم في العالم عن خبرك،
2 ربنا، انت نهار عظيم لمن يسير فيك، /268/ بنورك اتحرك لاسير بدون عثرات،
3 العالم مظلم وانت نيّر يا ابن الله، بنورك ومعك اسير الى والدك،
4 درب العالم مليء بالفخاخ وكل العثرات، ربنا كن لي طريقا سوية واسير بك،
5 عِشرتك نور، وانت شمس البرارة، معك اسير في الموضع الخالي من العثرات،
6 المسكونة مليئة بالهوات والفخاخ والمصائد، ومَن يمسك بك هو اسمى واعلى من السقوط،
7 ربنا، انت امان ونور ودرب سوي، اعطني يدك لاسير بامانك وأرى جمالك.
البرايا تسبح الرب
8 هوذا البرايا على اختلاف اشكالها ترتل تسبيحك، افتح فمي لتسبيح جبروتك،
9 هوذا الايام والليالي في حدودها تفتح وتغلق لتنشر خبرك في الارض كلها،
10 الامسيات والصبحيات توقظ الناس بهجعاتها واوقاتها لتسبيحك بتمييز،
11 الصيفيات والشتويات تعلّم الارض بتغييراتها ومسيراتها بانك تبدّل اوقاتها،
12 البرد والحر اللذان يروحان ويجيئان للتدبير، /269/ يخبران كم انك ماهر في اعمالك،
13 ساعات النهار وهجعات الليل الاربع كلها تصعد التسابيح المتميزة لقدرتك البارية،
14 البحر بسفنه وبعواصفه وبامواجه يكرر بعجب كم ان قدرتك العاملة هي مخيفة،
15 الامواج العاتية ومعها الرياح العزيزة ترتل خبرك (قائلة):كم ان جبروتك عجيب،
16 اللجة الكبرى ولوياثان مع التنانين تستند عليك في عمق البحور في تخومها،
17 كل اليبس والارض وجبالها مع آكامها تسبحك وانت تحملها لئلا تقع،
18 هوذا السماوات تخبر بمجدك بطبائعها، ويبين الرقيع عمل يديك: كم انت جبار،
19 هوذا الخيمة الكبرى التي نسجتها وبسطتها قدرتك البارية ممدودة وقائمة فوق كل الجهات وهي مليئة بتسبيحك،
20 الشمس والقمر واشعتهما واشراقاتهما توقظ العالم بالمسيرة الكبرى لامداحك.
يعقوب يتكلم
21 ربنا حرك فيّ ايضا تسبيحك مثل غني يوفر مجانا كل الاحتياجات لمن يطلبون منه،
22 لتكن كلمتي لمجدك ولاجلك بالالحان البسيطة بدون تعقيب الجسارة،
23 الطبائع الخرساء تسبّح اسمك كثيرا، ربولي حركني اكثر منها على تسبيحك.
الانسان-صورة الله يسبح بحريته، بينما الطبائع الصماء تسبح بدون تمييز
24 يليق بصورتك ان ترتل تسبيحك بتمييز اكثر من هذه (الطبائع) غير الحرة الخائفة منك،
25 لي وحدي توجد الحرية بين البرايا التي تسبّحك بمسيرة طبائعها السريعة،
26 بدون ارادتهما الشمس نيرّة، والقمر بهي، وقوة العساكر تسير بسرعة،
27 قوتك العظمى تغصب كلها للتسبيح، وليست حريتها التي تميز حتى تسبّح مخافتك،
28 بي انا الحر يجمل التسبيح لو اميز، لان ارادتي مسلطة لابطل او لاتحرك للتسبيح،
29 لو ابطل سأُقاصص من قبل العدالة لانها تطالب الاحرار بان يسبّحوا بتمييز،
30 ولهذا اسبحك يا ربي وانا خائف، ولو اني غير مستحق وغير كفؤ فهانذا اتجاسر،
31 كل الافواه ملزمة بتسبيحك، من يستحق ومن لا يستحق يرتل التسبيح،
32 ربي، تستحق ان تسبحك كل البرايا باشكالها: ذات الكلمة وذات الصوت والتي هي بلا صوت.
دعوة الى التسبيح وترك العالم
33 ايها المتميزون تحركوا للتسبيح بدل البرايا /271/ الجامدة، لانه بكم يليق التسبيح،
34 من يوفي ابن الله الذي جاء الى عالمنا لاجلنا دون ان يبطل من تسبيحه،؟
35 صعد ابن الله على الصليب بدل الخطأة ليعيدهم الى التوبة، وها انهم بطالون،
36 صوته العالي الذي فطر الصخور، وشق القبور لم يخفنا، فلنفتش على وجهه بالتوبة،
37 هوذا محبة العالم قابضة علينا كالحمّى، وقد جسنا الطبيب واعطى الوصفة ولم تفارقنا،
38 محبة الذهب جرح يصعب على المضمدين وقد نبتت في نفسنا ولا تخضع للشفاء،
39 الخطايا كمنت لنا في طريق العالم مثل اللصوص، ولا ندعو المنقذ لينجينا منها،
40 اظلمت نفسنا من المقتنيات التي احبتها، واشرق النور وهي لا تفتح له الباب ليدخل،
41 ضربنا المؤدب بقضبان مختلفة مثل الحاكم، وقلبنا القاسي لم يرعو من الشرور،
42 ضُربنا مثل اللصوص العبيد لاننا اذنبنا، وبعد الضربات تمردنا اكثر،
43 انه يعذبنا ويوبخنا حتى نبغض العالم، وبما ان محبته مغروزة في نفسنا لا نتركه،
44 انه يخيفنا بالاخبار لنهرب من العالم، ولاننا احببنا العالم كثيرا فها اننا متضايقون.
نقد لرجال البيعة
45 اشتد الشر، وهوذا محبة المال مضطرمة في البشر كاللهيب، وها انهم يحترقون بها،
46 خرّبت العالم وافسدت جماله وطاقاته، وها انه معاكس وقلق ومليء زورا وكذبا،
47 محبة الذهب خربت درب الملكوت، وها انها قد استولت على القديسين لتفسدهم،
48 دخلت الى الموضع البهي حيث يُخدم الثالوث كالحية الى الفردوس، وها انها تعكره،
49 اضلت الكهنة ليقتنوا الذهب، ومن يقدر ان يكون معافى ما دام ملح الارض قد فسد،؟
50 عكر الشيطان رأس النبع بمشورته البغيضة، ومن يتنقى لان البرية كلها تعكرت،؟
51 أُمرنا بالا نقتني في العالم اثنين (قميصين)، وها قد ضاعفنا امورا كثيرة، وماذا اقول،؟
52 لا يسمح لنا ان ناخذ نعلَين وعصا في الطريق، وها قد اخذنا الاسرّة واغطيتها،
53 أُمرنا بان نسير في البلدان بدون مزود، وها قد كدسنا اكياس الذهب، ومن لا يبكي،؟
54 لا يوجد عندنا تعليم يوحنا /273/ وسمعان، لان الذهب افسد كل جماله،
55 الآن فسدت تلمذة بولس، فها قد اقتنى التلاميذ القرى والارياف،
56 قطعان الغنم والرعاة للمسيحيين الذين كانوا قد أُمروا بان يرعوا قطيع ابن الله،
57 هوذا التلاميذ قد اقتنوا بدل النفوس الحيوانات، لما ياتي صاحب القطيع ماذا يقولون له،؟
58 ايها التلميذ، لقد علّمك معلمك ان تعطي ما هو مُلكك، الآن كيف انت غني بما ليس هو مُلكك،؟
59 المقتنى للتلاميذ هو سرقة علمها يهوذا، ومعلم هذا ليس يسوع،
60 سرق حنانيا من مقتناه ومن امواله، ولما احس به سمعان الصفا القى جثته،
61 ماذا سيحدث لمن يسرق ما ليس مُلكه، فهوذا رب سمعان ينظر اليه ويسكت عنه،؟
62 لم يهمل العادل اهمالا من الانتقام، انه يضرم النار ليلقي الطماعين في جهنم،
63 انه يطيل اناته ليجلبهم الى التوبة، ولو لم ياتوا فهوذا اللهيب يعقب الدينونة.
ايليا وجيحزي- سمعان ويهوذا
64 انه يفحص البشر بالنار، خَف ايها التلميذ وعلّم وأفزِعْ من لا يفزع من جهنم،
65 انت لا تقتن، وعلّم من يسمعك هكذا: غنى العالم هو مشنقة لمن يقتنيه،
66 هوذا ابن الغرباء الذي لم يقتن شيئا في السماء، وهوذا جيحزي الذي اقتنى لباس البرص والاسم النتن،
67 سمعان الصفا الذي ترك مُلكه صار قيم البيت، ويهوذا الذي اخذ رشوة اشترى له المشنقة،
68 احكم انت الآن بين القاني وغير القاني، لمن العارُ،؟ ولمن الاسم الحسن.؟
الحية تعلم محبة الذهب
69 الحية الكبرى التي اخرجت آدم من الفردوس تعلمك ايها التلميذ ان تقتني الذهب،
70 تتقيأ من ذلك السم الذي تناثر منها بين الاشجار لتسقيك لما تعلمك ان تقتني الذهب،
71 ذاك التعليم الذي كانت قد وضعته في اذن حواء، تضعه في قلبك عندما تجرّك نحو المال.
المسيح-شجرة الحياة يعلم بغض الذهب
72 محبة الغنى هي الثمرة المليئة موتا التي قطفتها حواء من شجرة المعرفة،
73 شجرة الحياة تريد ان تعطي فقط الحياة للبشر الذين لا يقتنون الزوائد،
74 المسيح يعلم: ابغض الذهب وهلم واقتن لحياة، وتوشوش الحية: اقتن الذهب وافتخر به،
75 هوذا تعليم ابن الله محتقر ومهمش، والعالم كله يسلك حسب تعليم الحية،
76 الغنى محبوب وارتبط به التلاميذ ولو لم يكن يلزم ان يقتنوا شيئا ما عدا ربنا،
77 ها انهم منصرفون وراء الغنى بدون تمييز، ومحبة المال مضطرمة فيهم كاللهيب،
78 مشورة الحية محبوبة جدا، ولو انها قتالة، وتعليم ابن الله محتقر ومداس.
التعليم مهمش
79 لا احد يفسح المجال للكلمة وللتعليم لان الشر كثر وقد تحير الملافنة،
80 المتعلمون لا يريدون ان يستفيدوا من العلم، ولا يلقي المعلم الفضة على المائدة،
81 بمحبة المال نام التعليم كما لو كان بسبات، بحيث يغتني كل واحد كما في حلم لا يدوم.
الخير والشر (رومية 7/13-24)
82 كل واحد يعرف بان الغنى لا ينفع اصحابه، وكل واحد يقول: ان العالم وغناه يزولان،
83 من لم يقتن في العالم شيئا هو الممدوح، ولا احد يشاء ان يبغض الغنى كما هو بغيض،
84 كل واحد يحب ويمدح البرارة، وكل واحد ينهزم هزيمة منها ولا يفعلها،
85 الخطيئة بغيضة ولا احد يريد ان يهرب منها، ويشتمونها وهم يفعلونها بتصرفاتهم،
86 لما يُوصف خبر احد العادلين السامي، يقول كل واحد: يا ليتني اصير هكذا (مثله)،
87 انه مطمور في الخطيئة ويشتهي البرارة، ويذم نفسه لانه لو لم يرد لما كان يخطيء.
كل واحد يمكنه اقتناء البرارة، ولكن ليس من السهل اقتناء الغنى
88 البرارة سهلة الاقتناء بالنسبة لكل واحد، ولو اراد لاقتناها العالم كله،
89 ليس من السهل اقتناء الغنى ولو يحبه كل واحد، وليس كل من شاء صار غنيا كما شاء،
90 عند الله كل من شاء اصبح بارا، لان البرارة لا تُحجب من ان يقتنيها كل واحد،
91 الله اعطى الحرية للبشر، والانسان يقتني البرارة بحريته،
92 وهكذا تصنع الحريةُ الاثم ولا تُمنع، لانه لو مُنعت ليست بحرية.
الانسان متساو في الطبيعة والحرية
93 انت تفهم من تعليم ابن الله بان للبشر الحرية بالتساوي،
94 ولو كان الوقت مناسبا لمحبة التعليم لكنتُ اقول ان الحرية كلها متساوية،
95 الواحد ليس غير حر والآخر حرا، بل كل احد متساو في الطبيعة وفي الحرية،
96 الله اعطى ايضا الاعضاء والاتقان والحرية للبشر بالتساوي،
97 ومن اراد ان يفعل الاثم هو مسلط، ومن يفعل البرارة لا يمنعه.
تفسير مثل الابن الذي بذر امواله (لوقا 15/11-32)
98 تعرف من مثل الابن الصغير بان للبشر الحرية بالتساوي،
99 تعليم ابن الله مليء نورا، ايها المظلمون استنيروا بنهار البرارة،
100 عليك ان تتعلم من قصة الابن الصغير الذي بدد كل ما كان يقتنيه بان الحرية كلها متساوية.
الابرار والخطأة-الابن الكبير والصغير
101 كان يقول: كان لرجل ابنان، الابن الكبير والابن الصغير لوالد واحد،
102 في المثل كان الرجل قد سمى اللهَ الاب، (وسمى) الولدَين كل جنس البشر،
103 وبما ان له الابرار والخطأة ايضا، فقد سماهما: الابن الكبير، والابن الصغير،
104 سمى الابرار: الابن الكبير، لانهم كانوا مع الله، واحبوه كثيرا منذ البداية،
105 وسمى الخطأة: الابن الصغير، لانهم تأخروا ولم يقتربوا من الله الا في النهاية.
اعطني حصتي تعني: اعمل ارادتي
106 الابن الصغير الذي قال لابيه: اعطني حصتي، يعني: اسمح لي ان اعمل كل ارادتي،
107 وزع الاب واعطى المقتنى للاخوَين، وسمى الحرية المقتنى الذي كان قد وُزع،
108 وزّع لهما مقتناه اعني ساوى ووزع للبشر تلك الحرية،
109 للبار وللخاطيء حرية واحدة، وقد اعطاها الرب بالتساوي لهذا ولذلك،
110 ذاك المقتنى الذي وزعه الاب بين الاخوَين هو تلك الحرية التي اعطاها متساوية للبشر،
111 ذاك الخاطيء الذي كان قد تكنى بالابن الصغير اخذ الحرية كالحصة من الاب.
البلد البعيد هو الارادة الشريرة البعيدة عن الله
112 وخرج وذهب الى بلد بعيد عن بيت الاب، وعاش هناك بتبذير مع العاهرات،
113 ذاك المقتنى الـذي اعطاه اياه ابوه لما وزعه، صرفه بصورة سيئة وصار محتاجا في الحياة الشريرة،
114 البلد البعيد الذي ذهب اليه ذاك الخاطيء، هو الارادة الشريرة البعيدة عن الله،
115 يبعد قلبه من الله وحينئذ يخطيء، كانه ذهَب الى بلد آخر ليخطيء هناك،
116 كأن الرب ليس موجودا هناك ولا يراه فيخطيء، ولا يوجد الرب في ضميره،
117 ولهذا كُتب بانه ذهب الى بلد بعيد /279/ وصرف امواله وهو يعيش بتبذير،
118 أبعد نفسه عن الله لما كان يخطيء، واخضع حريته لتصنع الاباطيل،
119 البتولية الكنز العظيم الذي تملكه الطبيعة افسدها بالزنى والفجور وضاعت منه،
120 واحتقر ايضا القداسة الدرجة الثانية، ولم ينظّم نفسه حتى يعيش بقداسة،
121 وقد خضع للشراهة والطمع، وفقد كل الحرية وهو يزني بجنون،
122 لما يكون واحد بعيدا عن الله يفعل هذه (الامور) كما لو لم يكن الرب موجودا في البلد ليرى اثمه،
123 لما كان هذا يعيش بتبذير داهمه هناك العوز والفقر،
124 مَن هو بعيد عن الله هو فقير جدا، وجائع، ومتعب، ولا يجد الحياة ابدا،
125 مَن يسمع كلمة ربنا بوضوح يخاف ان يخطيء لئلا يبتعد عن الله،
126 تلك الارادة الشريرة التي اقتناها الابن الصغير جعلته في البعد عن الله لما كان يخطيء.
الابن الصغير يخدم اسياد البلد اي الابالسة (لوقا 15/13-16)
127 ولما ضعف وافسدت الخطيئة حريته لحق باحد اصحاب البلد ليخضع له،
128 ابن الله يسمي اصحاب البلد الابالسة الذين صاروا اسيادا وآلهة بالضلالة،
129 في ذلك البلد حيث ابتعد الناس عن الله، ودخل فيه الآلهة والسادة ليُسجد لهم،
130 وفيه ارتفع قرن الوثنية العالي، وخضع الناس لعبادة الاباطيل،
131 ودخل وقام الابالسة على رأس عبادة الاصنام العالي وصاروا مثل الاسياد للعالم ليُسجد لهم فيه،
132 في ذلك البلد حيث تُعبد الخطيئة كثيرا، الابالسة والجنّ هم اصحابه كما قيل،
133 الابن الصغير لما ابتعد عن ابيه كان قد لحق باحد اسياد البلد وخضع له،
134 الخاطيء ضل لما ابتعد عن الله وخضع لابليس الذي يحب الاباطيل.
الابن الصغير يرعى الخنازير اي يخضع للشهوات
135 مسكه ابليس محبة العالم الذي خضع له وسلّمه ووهبه لاهواء الشهوات الشريرة،
136 وارسله ليرعي الخنازير، وكان يشتهي ان يشبع من الخرنوب ولا يعطون له،
137 في المثل، ربنا سمى الخنازير بالاهواء الشريرة، وشهوات العالم الشرير بالخرنوب.
تحذير للخاطيء
138 ليفزع كل واحد من تفسير المثل العظيم، /281/ وسوف لن يخطيء احد لو استمع اليه بوضوح،
139 المثل يعلم من يفهم بدون نقاش بانه لما يخطيء احد، يكون في البعد عن الله،
140 ويعرّفنا ايضا بانه لما يسقط احد في الخطيئة، يتبع ابليس الذي يلهبه بالشهوات،
141 وابليس ذاته الذي يحب ويتوق الى الشهوات، بها يسحب ذلك الانسان ليُستعبد له،
142 ويركض ليعبد الاباطيل مجانا وبدون فائدة كأنه قد جُعل راعيا للخنازير،
143 الويل لك ايها الخاطيء، اين تتدهور لما تخطيء،؟ انك (تقع) في بلد بعيد عن الله وهو ليس هناك،
144 الويل لك ايها الشقي لاي سيد تخضع،؟ هل للابليس الذي نهبك بالاباطيل حتى يشرب دمك،؟
145 ابغض الخطيئة لان ابليس هو سيدها، وهو الذي يزين الشهوات امام الخطأة،
146 لا تخضع لاحد من اسياد بلد الاثم، ها انه يوجد لك ربّ كل البلدان،
147 واحد هو ربك، فلا تذهب عند الارباب، الرب هو ربك فاكفر بابليس لانه ليس ربك،
148 ابغض الخطيئة لانها محبوبة من قبل الشيطان، /282/ انك ابن الاحرار فلا تخضع للاباطيل،
149 لا تُفسد تلك الحرية التي أُعطيت لك من قبل الله وتُخضعها للشهوات،
150 لا تذهب من بيت الآب باثم يديك الى بلد بعيد عن الحرية وعن التبكيت.
الشهوات (لوقا 15/15)
151 بالمثل المخيف الذي وضعه ابن الله في كتابه، خَف من الاثم الذي افسد حرية الانسان،
152 كان الابن الضعيف قد لحق باحد اسياد البلد اي بابليس الذي يضل البشر عن الله،
153 ارسله هذا ليرعى الخنازير، وكان يشتهي ان يملأ بطنه من الخرنوب ولم يكن يقدر.
لا تتم الشهوة حسب مراد المشتهي
154 الشهوات تسبب الجوع لا الشبع، كالخرنوب الذي ليس طعاما سليما،
155 كان يشتهي ولا يعطون له ليملأ بطنه: لا يقدر احد ان يتمم عمله كشهوته،
156 يشتهي الذهب من هو مسبي بمحبة المال، غير انه لا يقدر ان يقتني الذهب بقدر ما يشتهي،
157 يود الزاني ايضا ان يدنس امرأة رفيقه، فتنهزم الحرة ويخجل الجاهل لانه لم ينفذ مأربه،
158 بالشهوة البغيضة يريد ان يزني بالكثيرات، /283/ غير ان بعضهن لا يملن الى عهارته،
159 يود ان يلبس الثياب الحسنة ولا يجدها، ولعله يتزاحم على الاطعمة ايضا ولا يجدها،؟
160 لا يقدر ان يملأ بطنه من الخرنوب، ولا يسمحون له ان ينفذ ارادته كما يشاء،
161 يشتهي كثيرا ولا تكتمل كل شهوته، وانه محتاج كل يوم ليُشبع الرغبات (؟)،
162 لا توجد فرصة ليتم الشبع من الخرنوب، ولا يشبع احد لما يشتهي الاباطيل،
163 الخاطيء متعب، ونفسه لا تسعد بتعبه، انه يرعى الخنازير: عمل قاس واجرة مخجلة،
164 يتيه في الجبال والآكام والعثرات، والقطيع المؤذي يعذب مَن يرعاه،
165 الاهواء البهيمية شريرة ومليئة موتا، ويسعى الجاهل نحو الشهوات وهو لا يشبع،
166 الخطايا فخاخ، ومحبة الذهب مشنقة، والشراهة شهوة مليئة بالزبل البغيض،
167 شهوة العينين مزالق في البلد الطاهر، والحقد هو الحية التي تتقيأ السم الذي يقتل النفس،
168 الخاطيء متعب تعبا جسيما في جهاد مسيرته، ولو لم يعد من العثرات، فالآخرة هي النار.
الابن الصغير يتذكر نفسه (لوقا 15/17)
169 الخطيئة سحقت الابن الصغير الذي اقترفها بكثرة، وقد ذبل بالشهوات التي احبها،
170 رأى الشقي بانه لا يقدر ان يشبع منها، ولا يسمحون له ان يقتنيها حسب ارادته،
171 تضايق الشقي بسبب عثراته وكربه واستعباده لانه تذكر بانه كان ابن الاحرار،
172 فكر الخاطيء بانه لو لم يرد لما كان يخطيء، ولو لم يشأ ان يفعل الاثم لما غصبه احد،
173 فاستيقظ كما من سبات الشهوات، وولول لانه راى في اية حياة دنيئة تحلّ نفسه،
174 جاء عند نفسه، هلم واسمع وتعجب ايها المتميز: ان من يخطيء يصير بعيدا حتى عن نفسه،
175 لما جاء عند نفسه، قال هكذا: كم من اجراء يشبعون خبزا في بيت ذويّ،
176 جاء عند نفسه، لانه كان بعيدا حتى عن نفسه لما كان بعيدا عن الله ويفعل الاثم،
177 من يعرف ما هي النفس يصعب عليه ان يخطيء لئلا يفسد جمالها السامي والطبيعي،
178 حالما ينسى احد الله ينسى نفسه، /285/ ولا يعود يتذكر النفس ولا الله،
179 جاء عند نفسه، لانه اراد ان يجيء عند الله، وعرف حالا مَن هو،؟ وابن من هو،؟ وكيف هو.؟
عودة الابن: طبيعة الانسان جميلة قبل الخطيئة (لوقا 15/18)
180 كان قد رأى نفسه وفكّر في شخصه، وخاف لانه اخطأ، فعاد قافلا الى بيت ابيه،
181 وجد الطبيعة الجميلة التي كانت مقتناه كم انها قد فسدت بالشهوات غير الحسنة،
182 رأى بان الله براه حسنا، وبدون دنس، وبارادته وقع في الخطيئة وصار بغيضا،
183 جاء عند نفسه لانه لما كان يخطيء لم يكن عندها، وعرف ما هي، فاشفق على جمالها الذي فسد،
184 حالما جاء ورأى نفسه رأى الله وذمّ نفسه: عمّن ابتعد لما كان يخطيء،؟
185 تذكّر بيت ابيه الكبير وخدامه وضيوفه واموره الحسنة،
186 وتذكر مائدة ابيه الكبرى المليئة شبعا، وهو يتعذب بالفاقة،
187 وفكّر الشقي بعبيد ابيه واجرائه وبالمائدة التي منها يشبع ايضا البرانيون.
التوبة (لوقا 15/18-19)
188 حالما اقتربت التوبة من الخاطيء تذكر الله وعظمته وخدامه،
189 والقديسين كم انهم قريبون من الله، والابرار وكم ان مكافاءاتهم حسنة،
190 وكم من جمال للمختارين عند الله، وباية درجة يقف الكاملون وهم منتصرون،
191 وكم من عادل قريب من الله، اما هو فانه ملقى وبعيد عن الله بالاثم الذي اقترفه،
192 حالما يعود الانسان ويأتي الى التوبة يفكر بهذه (الامور) كلها وهو يتنهد،
193 ويتأسف بسبب هذا الجمال الذي فقده، ويحزن على حريته التي انحرفت كثيرا،
194 ويقوم ضده الخجل مثل الحاكم ليحني رأسه مثل الخجِل بسبب الاثم الذي صنعه،
195 الخاطيء محتقر لانه خسر هذا الجمال الذي تملكه الطبيعة وصار بغيضا ومعرضا للاهواء،
196 ويرى الآخرين في الفضيلة وفي الكمال وفي العدالة وفي الاختيار، بينما هو مهمل،
197 كل من اقترب من الله انتصر وتمجد، والخاطيء خجِلٌ وبغيض والكل يزجره،
198 رأسه منحن ولا يسهل عليه ان ينظر الى السماء، وفمه مغلق ولا قوة فيه ليصلي،
199 يرى بانه صرف كثرة ايامه في البطالة، /287/ واخطأ كثيرا وافسد نفسه التي كانت جميلة،
200 اما الشقي فانه بعيد عن الله بسبب اثمه، واشخاص آخرون قريبون منه بتمييزهم،
201 واذ كانت الحرية متساوية (مع حرية) الابرار، هو سقط في الخطيئة وصار خاطئا لانه شاء.
الابن الصغير
202 في البشارة ابن الله سماه بالابن الصغير لانه تأخر، وفي النهاية أتى عند الله،
203 جاء الى نفسه وشرع يتنهد ويقول كلمات تثير محبة ومراحم الابوّة:
204 كم من اجراء موجودين في بيت ابي يشبعون خبزا، وهانذا اموت جوعا بين الغرباء.
الطبيعة جميلة قبل ان تخطيء: الولد يشبه اباه
205 ما لم يقع الانسان في الخطيئة هو ابن الله، وهو بهي ومحبوب وله طبيعة مليئة جمالا،
206 رأى الله بان طبيعته حسنة جدا، فالولد جميل مثل الوالد كلما لم يخطيء،
207 الطبيعة كلها جميلة ومليئة برارة، ولاجل جمالها تستحق ان تصير ابن الله،
208 ولما تسقط في محبة العالم وتبدأ تخطيء، يضيع منها الجمال السامي والطبيعي،
209 وتنحدر من سمو البنين، لان جمال الطبيعة قد فسد.
اعمال الرحمة
210 ويبدأ المرء حالا يشفي باعمال البرارة تلك الجروح الصادرة من الحرية،
211 ويحتاج ان يتنشط في عمل البرارة مثل الاجير الذي يعمل ليملأ بطنه خبزا:
212 قليلا من هنا وقليلا من هناك، وايضا من هناك: بانسحاق النفس وبدموع الالم والطلبة،
213 يُلبس العراة، ويشبع الجياع، ويتفقد اليتامى، لعله يجد المراحم ليعود الى الله،214 شاء الابن الصغير ان يقوم في هذه الدرجة ولم يكن يشتهي كرامة البنين،
215 الابن لا يخطيء لان زرعه فيه، ولا يخضع ليصنع الاثم لانه طاهر مثل والده،
216 ولما يخطيء ينزل الى درجة الاجراء، ليسعى وراء البرارة ويحيي نفسه،
217 وبالعمل، وبالطلبات، وبالصدقات يدخل من باب البيت لئلا يهلك،
218 وبما انه كان ابنا وافسد جمال الابناء، فقد صار اجيرا فيتعب ليعيش من البيت.
للمرء الحرية الكاملة ليتوب
219 مَن يخطيء ولا يوجد الله في مسيرة دربه هو من الغرباء الى حين اقترابه من التوبة،
220 انه مستعبد بالشهوات لاحد اسياد البلد، وهناك يعبد الاباطيل بين الغرباء،
221 وحالما يريد ان يعود ويأتي عند الله، لا يمسكه اسياد البلد ليمكث هناك،
222 ما دام الله لا يمنعه من الذهاب لانه اراد ان يذهب، كيف يقدر الشرير ان يمنعه لو اراد ان ياتي،؟
223 شاء الخاطيء ان يخطيء فاخطأ كما شاء، واراد ان يرجع، فلا يوجد شيء يقدر ان يصدّه،
224 سقط كما شاء، وقام كما شاء وهو مسلط، لان الحرية لا تُغصب لعمل شيء ما،
225 الابن الصغير اراد ان يرجع ويأتي ليرى اباه، ولم تقاومه كل دغدغة الشهوات،
226 والشيطان الذي عمل معه لم يمنعه من دربه، ولا الابالسة قدروا ان يبطّلوا حسناته،
227 ولا محبة العالم ربطته كعادتها، لانه حالما شاء ان يأتي اتى، ولم يصدّه احد.
دعوة الى التوبة بكامل الحرية
228 ايها الخاطيء حالما شئت ان تاتي فانك تاتي، ولا توجد قوة تقدر ان تمنعك من الاستفادة،
229 رِدْ واترك تلك الرعاية ذات الاجرة البخسة: الخنازير القذرة اي اهواء كل الضلالة الشريرة،
230 هلم عند نفسك كما جاء ذاك الوارث الجاهل، لانه حالما اتى صار حكيما ودعا اباه،
231 انتبه لئلا تنسى بيت الله الكبير، ها انك ملقى وبعيد عنه مثل الغريب،
232 وهوذا العادلون يتمتعون فيه بسعي سيرهم، ويتمجد فيه الكاملون بجمال اشكالهم،
233 ووليمته مليئة بكرامات جميع الابرار، وانت بعيد ومهمل ومطرود بين الغرباء،
234 هلم ايها الخاطيء وشاهد اباك الذي ينتظرك، لقد تأخرت كثيرا هلم وادخل قبل ان يغلقوا الباب،
235 بالتوبة تُشفى النفس لما تتأذى، ومنها تقتني كل الجمال الذي فسد،
236 اقتنِ ايها التائب تفكير الابن الصغير، لان ابن الله قاله لتعليمك انتَ،
237 هلم عند نفسك واطلب المراحم كما طلبها ذاك، لان الآب يقبل ان يسامح من يطلب منه،
238 ايها الخاطيء خذ نفس تفكير الابن الصغير، وهو يدخلك لتصير وارثا في بيت أبيك،
239 هلم عند نفسك كما عاد ذاك من العثرات، واطلب الغفران بضمير منسحق،
240 داهمه جوع شهوات لا تملكها، /291/ ولا يسمحون لك ان تشبع منها، فلماذا انت واقف،؟
241 هلم الى مائدة الله المليئة شبعا، واملأ بطنك من لذاته الروحية،
242 فكر ايها الخاطيء بان كل من اقترب من الله شبع من خيراته، وها انه يسمن من ملذاته،
243 الابن الصغير عذبه الجوع والعوز، وبعدئذ عاد ليأتي الى بيت ابيه،
244 كان قد تذكر تلك اللذة التي تربى فيها، فتضايقت نفسه وشرع يتكلم وهو يبكي:
245 كم من اجراء يشبعون خبزا في بيت ابي، وانا اهلك جوعا، فماذا افعل.؟
الاب يلتقي الابن الصغير
246 اعود عند ابي وابكي واتنهد واطلب منه واقول له: يا ابي خطئتُ في السماء وامامك،
247 ولا استحق ان اكون من الآن وصاعدا ابنك، لان خطيئتي اعظم من ان تُغفر،
248 لست ابنا، لان ذنبي ليس ذنب الابناء، ساكون اجيرا، والحياة معك هي نعمة لي،
249 لو شبعتُ الخبز مع اجرائك، فان خبز بيتك المليء شبعا هو نعيم لي،
250 عاد واتى الابن التائب ليرى اباه، واذ هو بعيد سبقته مراحم الابوّة،
251 اراد ان ياتي، ولانه اراد تحنن ابوه عليه، /292/ فخرج واستقبله وهو بعدُ بعيد من بيت الاب.
كان الابن الصغير ميتا فعاش
252 تاثر ابوه لانه رأى الميت قد عاش، وفرح بالحي الذي عاد واتى من الهلاك،
253 استقبل ذلك المفقود كما لو كان من كنف الشيول، وابتهج بانبعاث الميت الذي قام من القبر،
254 واذ كان مسرورا، سقط على عنقه واحتضن ابنه، وكان يقبّله كما لو جلب ثروة الى بيته،
255 لم يذمه لكونه قد ذهب، ولم يسأله لماذا تأخر، ولم يستفسر عما جرى لمقتناه،
256 ولم يطالبه بجلب الحصة التي خرجت معه، ليُقبل بعدئذ الوارث العائد الى بيت ابيه،
257 ولم يتأسف على المقتنى الذي بُذّر، ولم يتضايق حتى يطالبه بالمقتنى الذي خسره،
258 وهكذا استقبله كما لو ذهب وجلب معه الثروات وكل الكنوز الى بيت ابيه،
259 كان قد فرح بالوارث ولم يتأسف على المقنيات التي خسرها عبثا وبتبذير،
260 رؤيا الابن ومحبة الابناء الساخنة قامت مقام الغنى، لانه كان يفتش على (ابنه).
الابن الصغير اخطأ في السماء وامام ابيه ولا يستحق ان يُدعى ابنه
261 قال الفتى: يا ابي، خطئت في السماء وامامك، وفعلت الاثم ولا استحق ان اكون ابنك،
262 اصيرُ في بيتك اجيرا صغيرا، وساشتغل محتملا الاهانة والتوبيخ،
263 لا احد يقدر ان يقيس كم ان السماوات هي عالية، ولا ان يقيس كم ان جهالتي هي عظيمة،
264 اعتراف الوارث الذي عاد كان محبوبا، وقبله ابوه كمقتنى عظيم جدا،
265 وهكذا قبله بدون ذمّ وبدون تذمر، وكان يحببه كما لو لم يكن ملاما من قبل العدالة،
266 ويحتضنه ويقبّله ويكرمه وكان يحبه كما لو كان ابوه مدينا له دينا.
الاب يقدم لابنه الصغير الحلة والخاتم والحذاء ونحر العجل المسمن
267 وامر حالا سكان بيته والخدام ليجلبوا الحلة الرئيسية التي في حوزة الاب،
268 ويضعوا الخاتم في يد الوارث العائد ويحتذي الطفل حذاء في رِجليه من بيت الاب،
269 وامر الاب فذُبح الثور المسمن، وفعل الخدام كما امر صاحب البيت،
270 وصخب البيت بصوت التسبيح والترتيل والافراح التي حدثت بسبب الوارث العائد،
271 فرح اهالي الاب بالميت الذي عاش، وتعالى النغم والالحان واصوات التسبيح العظيم المتنوعة.
الابن الكبير (لوقا 15/25-32)
272 واذ كانوا يتنعمون، جاء الكبير الذي كان في القرية /294/ وسمع الصوت وبدأ يسأل عن اللحن:
273 ما هذا،؟ قال العبيد: اخوك جاء وفرح ابوك بعافيته، فهلم وافرح انت ايضا،
274 حالما سمع الابن الكبير غضب وعاد، ولم يرد ان يدخل ويفرح بالوارث العائد،
275 اما الاب الذي لا يجزّيء مراحمه ابدا، فقد خرج ايضا وراءه ليجلبه ويفرح معه،
276 وبدأ الابن الكبير يلوم مراحم ابيه ويذم ذلك اللاملام ويقول له:
277 كم من سنة اخدمك مثل عبد يا سيدي، ولم تعرني جديا لاتنعم به،
278 قال ابوه: يا ابني انت معي كل ايامك، ولم تنتقل ولم تبتعد من عند ابيك،
279 كل شيء لي هو لك لانك الكبير وانت الوارث، اما اخوك فيدخل من باب النعمة،
280 انت معي، واخوك القادم لم يكن معنا، كان ميتا وعاش، ولانه عاش هلم ونفرح به،
281 وبما انه كان ضائعا ووجدناه لنفرح اليوم، من لا يفرح بغرض اضاعه اذا وجده،؟
282 اخوك ضاع، لا تحزن لاننا وجدناه، اخوك كان ميتا وعاش اليوم فمَن لا يفرح.؟
الاب الرحوم يحاول ارضاء ولديه
283 مَن لا يتعجب بالاب المليء بكل حنان، وهو كله بحر مراحم لا يُحدد،؟
284 الابن الصغير الذي اتى قبِله لئلا يذهب، وتوسل الى الكبير بمحبة لئلا يغضب،
285 محبته كانت تسع الصغير والكبير، ومراحمه تضمهما ولم يكن يهمل واحدا منهما.
الابن الكبير والابن الصغير رمزان للشعب والشعوب
286 الشعب يحسد الشعوب الضائعة، ولان الله قبلها فقد غضب وخرج،
287 الله يريد ان يقتني جميع الشعوب، ولو فتش عليه جميع الشعوب فانهم ورثته،
288 ويريد ان يحيي الآخيرين والاولين لانهم سيّان لديه، ويود ان يعيد جميعهم،
289 وهكذا يفتح بابه للابرار وللخطأة، ويدعو جميعهم ليحييهم،
290 ويريد ان ياتي الخطأة الى التوبة، ويحرس الابرار ويحبهم حتى يورثهم،
291 وبدافع محبته يحمل ثقل الجهتين، ومراحمه تكفي لتحيي كلتيهما،
292 البار كل ايامه هي مع الله، ولهذا فهو الابن الكبير والاول،
293 وله يقال: كل شيء املكه هو مُلكك، لان الابرار يرثون الارض وهي مُلكهم،
294 ولو اتى الخاطيء الى التوبة يجد المراحم ويرث الحياة في بيت الآب.
الابن الكبير يعدد فضائله
295 كم من سنة اخدمك يا سيدي، انا بارّ واتوسل مثل الخاطيء،
296 انا لم اخطيء واتوسل كل يوم مثل مَن اخطأ، ولم تسمح لي ان افكر بالراحة في دربك،
297 خفتُ منك، ومن تهديداتك، ومن اوامرك، ومن تحذيراتك، ومن نواميس عزتك،
298 في تعليمك لم تسمح لي ان اقتني (ثوبين) اثنين، ولو نظرتُ الى امرأة واشتهيتها فقد زنيتُ،
299 لو قلتُ: راقا، سقطت في جهنم، ولو قلت لاخي: يا جاهل يشتد الحكم،
300 لو أُخذ مني قميصي اترك معطفي، واذا لا افعل هذه الامور تعرضني للعذاب،
301 كم من سنة جُعلتُ عبدا لمخافتك، ولم تسمح لي ان احل واحتقر واحدا من هذه الامور،
302 لم اتجاوز قط على اوامر عزتك، ولم اتنازل الى (فعل) نقيصة صغرى لانقض كلماتك،
303 لقد حفظتها كلها ولو هي قاسية وقوية، ولم اجد راحة في دربك منذ ان عرفتك،
304 عدم اعطائك لي جديا صغيرا يعني بانني لم اتنازل لافعل حتى اصغر نقيصة.
الكامل لا يطلب المراحم لانه يستحق اجره، ولا يفهم كيف يرث المذنب بالمراحم
305 للكامل مثل هذه الكلمات امام الله، وصوته عال ويطلب اجره بوجه مسفر،
306 ولا يحتاج ان يطلب المراحم في الدينونة امام العدالة، لانه لم يُجرب بالخطيئة ليطلب المراحم،
307 ولهذا لما يدخل الخاطيء الى الدينونة، لا يظن الكامل بانه يوجد له مجال ليحيا،
308 ولهذا كان يريد الابن الكبير ان يغضب، لانه راى التائب يدخل بالمراحم ويرث،
309 وقال الابن الكبير للاب بصوت عال: انا لم انقض قط كلماتك واوامرك،
310 وابنك هذا الذي جنّ بالاباطيل، واعطى كل ميراثه للعاهرات،
311 وبدد وخسر كل ما كان يقتنيه على الغاجرات، ها قد اكرمته ليتنعم بالثور المسمن.!
الله يفرح بتوبة الخاطيء
312 الله يفرح بهذا الذي وجهه مسفر، ويريد ان يمد اليد لينهض من سقط،
313 ولو يريد الخاطيء ان يأتي الى التوبة يوفر له الفرصة ليحيا هناك بمراحمه،
314 والخاطيء لما يصير مع التائبين يُتكئه ويُجلسه على مائدته مع الابرار.
حلة المعموذية هي واحدة للاولين وللاخيرين
315 لما عاد الابن الصغير من العثرات، البسوه الحلة الرئيسية التي كان يملكها الاب،
316 الحلة كانت واحدة للاخيرين وللاولين وهي غير ممزقة حتى يأخذ كل واحد منهم نصفها،
317 تلك (الحلة) الرئـيسية أُعطيت للابن الصغير، ولم تكن توجد اخرى ليلبسها الابن الكبير،
318 الايمان والمعموذية هما واحد لله، وواحد هو الثوب الذي اعطاه من المياه للمعتمذين،
319 واحدة هي الذبيحة التي بها طهر جميع الخطأة، وبخاتم واحد هي مختومة كنوز بيت الله،
320 واحـد هو حذاء العروس التي صعدت من المياه، حذاء النور الذي به تدوس الحيات،
321 ابن الله هو صديق التوبة، فهلموا ايها الخطأة واتكئوا في وليمته ليسعدكم،
322 مراحم الآب الحنون مبسوطة على الخطأة، مَن لا يأتي الا مَن يبغض حياته،؟
323 الابن الصغير جعله وارثا مع الكبير، لان التوبة تبعث الموتى برمز الآب.
الخاتمة
324 كان ميتا وعاش، وصار رجاء لجميع الخطأة، لانه من السهل ان يعيشوا بالتوبة، مبارك الحنّان على الكل.
كمل (الميمر) على ذلك الابن الذي بذر امواله
|
|
|
|