|
|
|
|
|
|
ليتورجيا >> بحوث ليتورجيّا >> ميامر مار يعقوب السروجي >> الميمر الحادي عشر |
|
|
|
يطلب السروجي كلمة الرب ليسير فيها بدون عثرات لكي يتبع الرب النيّر. العالم شرير وهذه العبارة ترد في كل ميامره تقريبا. يدعو الانسان ان يتخلص منه. بالرغم من شر العالم فان الانسان يحب ان يعيش فيه. الجميع يعرف ما هو الخير والشر، ما ينقص الانسان ليست المعرفة ولا الملافنة بل الارادة.
السروجي ينقد الشاب ولا يعتبره مثقفا لانه تبجح بالمعرفة بينما هو بعيد عن المعرفة ومليء بالكبرياء لانه لم يعرف وصايا موسى ليتمرن عليها فكيف يطلب وصايا الكمال حسب العهد الجديد.؟
صوت الاغنياء مرتفع وصوت الفقراء خافت. لعل السروجي تعرف الى حكم احيقار واستقى منها هذه الفلسفة النقدية للغنى.
حياة الكمال تبدأ ببيع المقتنى لاجل الملكوت وهذا ما يحزن الشاب فيتراجع. لم يفضحه المسيح لانه يحترم حرية الانسان. ابان له الطريق المؤدية الى الملكوت وتركه حرا حتى يسلكها، لو سلكها لشتل نفسه في الفردوس بجوار شجرة الحياة-المسيح.
المخطوطات: روما 117 ورقة 277؛ روما 118 ورقة 200؛ باريس 196 ورقة 144
يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب وفي النهاية اسم الطوباوي مار يعقوب الملفان. الميمر موجه الى صديق صالح، لعله احد المتوحدين!. في هذا الميمر يبين ملفاننا ثقافته الفلسفية وشجاعته لينقد الغنى ويطالب بحق الفقير الذي يخفت صوته ولا يسمعه احد حتى لو تكلم بالصدق!. قد يرقى تاريخ تاليفه الى فترة الشباب يوم كان يعلم في منطقة الرها اي الى حوالي سنة 480-490م.
للقديس مار يعقوب
على ذلك الشاب الذي قال لربنا: ماذا اعمل لارث الحياة الابدية؟
(متى 19/16-26؛ مرقس 10/17-31؛ لوقا 18/18-30)
المقدمة
1 ربناكلمتك ممتلئة نورا لمن يحبها، اعطني كلمتك لاسير بها بدون عثرات،
2 العالم مظلم، وانت يا ابن الله نيّر، ربي، بك اسير لانك محبوب جدا لمَن يتبعك.
العالم شرير وسبله خطيرة
3 سبيل العالم خطيرة ومليئة بكل العثرات، الويل لمن يمشي عليها ويا له من فقير،
4 العالم شرير، ومليء فخاخا وعثرات وكل الشرور، وهو مظلم وخداع لمن يمشي فيه،
5 ربنا انت الرفيق الصالح، والنور العظيم والطريق الممتليء حياة وخيرات لمن يمشي فيها،
6 طوبى لمن ابغض الغنى والمقتنيات واحنى كتفه وحمل نير فقرك،
7 مَن لم يقتن في العالم شيئا هو اغنى من اغنياء العالم كله لو اقتناك،
8 لو اقتنى الانسان العالم كله ولم يقتنك، فهو فقير ومعوز وخجل ومحتقر ومليء ويلات،
9 ربنا انت ثروة كبرى يا ابن الله، ولؤلؤة لا تُسرق من مقتنيها،
10 العالم يكذب ومن يتكل على ثروته يضل نفسه، لان الثروة التي وجدها ليست حقيقية،
11 نبت البارحة واغتنى اليوم ولن يوجد غدا، فاين هي الثروة لان صاحبها ليس موجودا ليتمتع بها،؟
12 لا يفرح بغنى الحلم إلا الجاهل، ولا يحب المقتنى الذي مدته هي نهار (واحد)،
13 ينام غنيا ومتى ما نهض الانسان لا يوجد غناه، لماذا يفرح الا لانه يضل بالكذب،؟
14 ايها القاني، لو كان المقتنى غير زائل، /250/ ايها القاني انت ستزول من مقتناك،
15 إما سيتركك ويزول عنك وانت تنظر اليه، وإما ستتركه انت للآخرين بدون ارادتك،
16 لا توجد امكانية ليكون كل غناك مُلكك ما لم تبغضه وتوزعه على المعوزين،
17 لو هو مُلكك اعطه اذاً لمن هو محتاج لتجده لما تحتاج الى الارباح،
18 لماذا يضلك ويحثك ويقلقك حتى تركض يوميا وراء ربح غير ثابت،؟
19 ها انك تركض لتضيف كل يوم على مقتناك ، وبعد جمعه يُترك كله في ساعة واحدة،
20 ها انك حكيم، ها انك مستنير، ها انك تركض، ها انك نشيط، ها انك تدبر، ها انك تجمع،
21 والنشاط والحكمة والاستنارة قد ملأت بيتك بكل خيرات وفيرة،
22 لو وصلك قليلا من وهج الحمّى، سيبطل كل النشاط والاستنارة،
23 وستبطل الحكمة ومحبة المال، وستبغض كل هذه الامور التي تحبها،
24 وستصير عبدا مطيعا للمرض، وستترك مقتناك لانه لا ينجيك،
25 اين هو سعيك،؟ اين هي كل حكمتك،؟ اين هو همّك لانك اهتممت بالارباح،؟
26 ها انك ضعيف، ها انك محتار، ها انك بطال، ها انك تحترق بالحمّى، ومَن يريحك،؟
27 ادعُ مقتناك، واجلب ذهبك، واجمع غناك فاذا انقذك من الضيق فانه مُلكك،
28 وبما ان الغنى لا يقدر ان يطفيء الحمّى، فكيف يفيد،؟ وما لا ينفع ما هي فائدته،؟
29 لا تتعب فيه لانه لا يحبك كما احببته، ليس مُلكك، فلماذا تتعذب بما ليس مُلكك.؟
تجد غناك في السماء لو وزعته هنا على الفقراء
30 ها انه مخزون ومحفوظ، وانت تحرسه لئلا يذهب، انه سيبقى وانت سيأخذونك، وماذا ستفعل،؟
31 لو اردتَ يصبح غناك مُلكك بسهولة لما يُرسل في درب الملك بواسطة الفقراء،
32 سيسبقك الى الموضع السامي المليء سعادات، ويصير كله مُلكك لتتصرف به،
33 لماذا تركض لتهيء بيتا ليس مُلكك، مسكنك هو ظِل، وانت مهتم كثيرا باموره،
34 مظلة الازمان سوف تُستأصل وتُطوى، اهتم ببنائك العظيم لانه ابدي،
35 بنشاطك، لا تتعب كثيرا لاجل امور غريبة /252/ لان كل ما يظل منك هنا ليس مُلكك.
دعوة الى تشييد النفس الساقطة
36 ايها النشيط لماذا تضل وانت حكيم،؟ ايها الحكيم، لماذا تسعى وراء الاباطيل،؟
37 ايها العارف لماذا تحب البيت الذي سيسقط، وهوذا النفس ساقطة في الاثم ولا تنهضها،؟
38 شيّد شيّد النفس التي اسقطتها باثم يديك، وبعدئذ تهتم لتبني بيتا ليس مُلكك،
39 انه لاثم بان يكون البيت مشيدا ومليئا خيرات والنفس التي هي مقصورة الملك فاسدة،!
40 رذلتَ ما هو مُلكك، وها انك نشيط بما ليس مُلكك، النفس مقتلعة، والبيت مشيد ومليء خيرات.
ليست المعرفة ناقصة في الانسان ما ينقص هي الارادة
41 لم ارد ان اكون لك معلما ايها الصديق الصالح: لا احد تنقصه المعرفة: كيف يعيش،
42 كل واحد حكيم، كل واحد يعرف ما يفيده، وفي كل واحد توجد معرفة ما يفعله،
43 كل انسان يعرف، لكن كل انسان لا يريد ان يعمل، الارادة الصالحة ناقصة لا المعرفة،
44 الدرب المؤدي الى الحياة ممهد ومليء نورا، ومصفوفة فيه كل الوصايا كالنيرات،
45 ومن يريد ان يدخل الى الحياة فالباب مفتوح، ولو اراد لا يمنعونه وسيدخل حالا،
46 لا ينقص الملافنة في العالم الشرير، انما العالم ابغض التعليم الالهي،
47 الله صار معلما للبشر، وبالوصايا التي وضعها في الكتب فقّههم،
48 اعطى ناموسا مليئا نورا من جبل سيناء، وبالوصايا مهد درب الملكوت،
49 وارسل ابنه كنهار النور العظيم، وبه استنار كل العالم وجمل واقتنى الحياة.
الشاب يسأل ليجرب لا ليتعلم (متى 19/6)
50 بعد هذا التعليم المليء عجبا، كل العالم تعلّم واستنار كالنهار،
51 كان احد المحتاجين يسأل ابن الله (قائلا): ماذا افعل لارث حياة الله،؟
52 الشاب المتبختر المعوز المليء هذرا سأل بالاثم دون الحاجة الى السؤال،
53 استفسر بروح الكبرياء، وبفكر مليء خيلاء ليظهر نفسه مثل عارف،
54 ومن كلمته يعرف الانسان انه غير عارف، لانه لو عرف لما كان يسأل: ماذا اصنع،؟
55 ايها الشقي، قل لي هل انت حكيم، او انت ابله، هل تريد ان تتعلم، او تشاء ان تصير معلما،؟
56 كشف الله درب الحياة لكل الجنس البشري، /254/ ليمشوا عليه بدون حجاب،
57 لو لم تر الى الآن سبيل الحياة، فلو كنت حكيما لماذا هي خفية عنك بينما هي ظاهرة،؟
58 لو تعرف وتستفسر فانت جسور، ولو لا تعرف بعدُ فانت ابله،
59 في كل الاحوال انت ناقص استنادا الى سؤالك، لان الغنى نفخك، وها انك تتكلم بامور زائدة،
60 ذاك كان يسأل عارفَ الكل الناظر الى افكار القلب (قائلا): ماذا اصنع لارث الحياة،؟
61 برر نفسه وصعد ووقف (على درجة) الكبرياء، وشرع يتكلم مع مخلصنا مثل متميز،
62 اراد ان يبين نفسه للجمع مثل حكيم يسعى الى الحياة الجديدة حتى يقتنيها.
صوت الغني مرتفع في الجماعات
63 كان غنيا وتكلم متكلا على ثروته: روح الغنى صوته مرتفع في الجماعات،
64 فم الفقر مسدود حيثما وُجد، وفي العالم لا يُعطى له المجال ليتكلم،
65 الفقير صامت ولا يصغون الى كلمته ابدا، ولا يسمحون له بالكلام وإن كان حكيما،
66 حتى لو كان الغني بليدا فان روحه سامية وكلمته علنية وله المجال ليتكلم،
67 اراد الشاب الجاهل ان يتكلم مع مخلصنا مثل غني وظن بانه سيُمدح،
68 كان يسأله: ماذا اصنع لارث الحياة،؟ الكلمة واضحة ولم تكن بحاجة الى سؤال،
69 سمعه ربنا وكان يعرفه قبل ان يتكلم، وبتواضعه اطال اناته على ذلك الكبرياء.
موسى والمسيح طبيبان ومعلمان
70 قال ربنا: اتريد ان تحيا، احفظ الوصايا، فوضع على جرحه الضماد الاول الذي ركّبه موسى،
71 رأى انه لم ينتفع من الضماد الاول الذي كان قد وضعه النبي العظيم، لكنه لم يبدّل الضماد،
72 موسى انزل من جبل سيناء ضمادا عظيما، وبه ضمد جرح الشعب الذي كان مجروحا،
73 كالعقار المليء حنانا للمرضى، وضع الناموس للشعب وضمده وصار حسنا،
74 لما زال قرح الاثم من ورمه، جاء ابن الله وغيّر له ضمادا آخر،
75 امر موسى بالا يزني احد ومنع الزنى، وقال ربه: لا تنظر الى المرأة بالشهوة،
76 بتعليمه المليء عجبا، منع ابن الله عن الانسان الفكر الذي ينجب الزنى،
77 وهذا الضماد لا يترك اي اثر للجرح، وقد وضعه رب موسى على النفس لما ضمدها،
78 امر موسى بالا يشتهي احد ما ليس له، وعلّم النفس بالا تطمع على الزائد،
79 جاء ربنا وعلم البشر بان يعطوا ما هو مُلكهم لمن هو محتاج،
80 غيّر ابن الله الضماد لجرح العالم، لكن فكر الآسي هو واحد لا يتغير،
81 ملّق الجرح رويدا رويدا لما ضمده، لانه لو غصبه لهرب المريض منه،
82 لو كان يقول لمن يزني: لا تزن، لما سمع لان كلمته كانت قاسية جدا،
83 لو كان يقول لمن ينهب رفاقه ان يصرف ويعطي مما هو مُلكه، لما كان يستجيب،
84 منع اولا زخم الشر من فاعليه، حتى يبطلوا اولا من الشرور التي كانت تُقترف،
85 بالناموس ربط العالم الشرير حتى يتخلى عن الشرور، كما لو كان بالسلاسل والاكبال،
86 لما تمرن الناس وتعلموا الحسنات، اصعدهم درجة اخرى نحو الخيرات.
ربنا مثل معلم وطبيب
87 ومثل المعلم المليء محبة للتلاميذ /257/ كان يجذبهم رويدا رويدا الى تعليمه،
88 المعلم الماهر لا يكتب شيئا للطفل الا بعد ان يكرر له الدرس الاول الذي اخذه،
89 الطبيب الجيد لا يبدل ضماد الجرح الا بعد ان يظهر الجرح بانه قد تحسّن،
90 ولهذا طبيبنا ومعلمنا ابن الله لم يضف تعليما لذلك الغني،
91 انما طالبه بان يمرن نفسه على الناموس الاول وبعدئذ يرتفع الى الروحانية.
الشاب جاهل حتى انه لا يعرف وصايا موسى
92 ايـها الشاب اثبت على وصايا موسى العظيم، واقرأ في الناموس واعمل كل ما هو مكتوب فيه،
93 لن اضيف، ولن اعلمك ماذا تصنع، ما لم تتبحر (في الناموس) وتحفظه وتكرره،
94 ذاك الناموس يدخلك الى الحياة الجديدة، فاقرأ فيه، اقرأ فيه، وهو يعلمك ماذا تصنع،
95 اذا اردتَ ان تدخل الى الحياة احفظ الوصايا، قال الجاهل: ما هي لاحفظها،؟
96 ذاك الناقص لم يكن يعرفها معرفة، ولهذا سأل حتى يتعلم ما هي،
97 ادّعى بانه مثل بار ومثل حكيم، /258/ وبرهن بانه خاطيء وبليد،
98 لم يكن الجاهل المتجاسر يعرف البرارة، ولم يشعر بوجودها، ولم يكن قد صادف الحكمة،
99 لم يكن يعرف اية هي الوصايا الالهية التي بها يحيا العالم،
100 واذ هو لم يقرأها ولم يحفظها، اقترب عند ربنا ليُعتبر مستفسِرا في الجمع امام الكثيرين،
101 تعثر ووقف وانكشف بانه غير عارف، بل جاهل بدأ في موضوع لا يعرفه،
102 سأل الشقي ماذا افعل لارث الحياة،؟ وقيل له: احفظ الوصايا ولم يكن يعرفها،
103 وشرع يعقّب (قائلا): ما هي لاحفظها،؟ وكررها المعلم الحاذق ولم يملّ:
104 لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد ابدا شهادة زور في العالم،
105 اكرم اباك واكرم امك، ولك الحياة، فبالوصايا يحيا من يحفظها،
106 بدأ المتكبر يستعمل الكذب لما كان يقول: حفظتُ هذه كلها،
107 كذب كثيرا، وتجاسر كثيرا، وضل كثيرا، وبالكبرياء سقط في فخ الكذب،
108 ارتبك وبدأ يكذب لانه كان قد تجاسر ليسأل باللامعرفة،
109 كان يعد بانه حفظ كل الوصايا، وكان يكذب بقوله انه حظها منذ صغره،
110 بينما لم يكن الشاب يعرف ما هي، فكيف حفظها كلها وهو شاب كما قال،؟
111 في شبابه كان بليدا ومحتقرا ومليئا ضلالة، في صغره ماذا كان يعرف سوى ان يخطيء،؟
112 لم يكن ربنا يريد ان يلقنه تعليمه الروحي لانه وجده جسديا،
113 ولهذا تركه بين يدَي موسى المعلم ليؤدبه وبعدئذ يعطيه ليقرأ كتاب الكمال،
114 بدأ يدعي جزافا بانه حفظ الوصايا، وعملها وكملها منذ صباه،
115 وبدأ يرتل الجاهل في ذلك القرن العالي ويرفع صوته ويكثر كلمات الكذب،
116 ها قد حفظت الوصايا منذ صباي، فاضف لي شيئا جديدا من تعليمك.
جواب المسيح للشاب: كن كاملا
117 قل لي ايها الشاب، لقد احتقرت موسى ووصاياه، هل تطلب مني ان احدثك عن المزيد،؟
118 كل وصايا موسى هي محفوظة كما تقول، /260/ وها انك تطلب وصايا اخرى جديدة،
119 انت اذاً اسمى من الناموس ومن الوصايا، وانت اسمى من موسى الذي وضع الناموس،
120 وانت كامل، وانت روحي كما تقول، وتريد ان تسمع روحيا كلاما كاملا،
121 وانا عندي كلام عظيم وروحي، وشفقت عليك شفقة لانني وجدتك جسديا،
122 جرح نفسك ليس معافى ليأتي الى الكمال، ولهذا تركتك لموسى الطبيب حتى يفحصك،
123 انك لم تفسر الهجاء الذي تركه موسى، ولهذا لم اعطك السِفر العظيم،
124 انك ناقص بالنسبة (الى العهد) القديم لانك لم تفهمه، وها انك تدعي بان تقرأ (العهد) الجديد بوضوح،؟
125 لا ينقصني الكلام السامي لاقدمه لك، انت لا تملك اذنا تسمع روحيا،
126 لو تريد ان تصير كاملا كما تقول، اذهب وبع كل مقتناك واعط للفقراء،
127 ولا تقتن في العالم شيئا من كل ما تقتني، ولو تركتَ لك (قميصين) اثنين لتلبسهما لستَ كاملا،
128 كل ما تملكه على الارض وزّعه على الفقراء، /261/ ولا تترك لك من مقتناك ولا شيئا،
129 كل اموالك وممتلكاتك وامورك بعها بلا رحمة واعطها للفقراء،
130 واعطِ كل ما لك للفقراء فرحا، وسيُكنز لك كنز في العلى، وتعال اتبعني،
131 وبعدما تتجرد من امور العالم الشرير، ساعلمك كيف تحيا مع تلاميذي.
الشاب لا يتحمل حياة الكمال
132 الشاب سمع كلاما اسمى من الناموس، فخاف من الموضوع لانه فهم بانه لا يطيقه،
133 المطلب فتح جرحه العميق فضعف الوهن ولم يقدر ان يتحمل الجرح لانه كان مريضا،
134 انكسر قلبه من التعليم الروحي، لانه كان متمسكا بالمقتنى الجسدي،
135 وجد ما هي درجة الكمال السامية، فاغمي عليه وسقط ولم يكن يقدر ان يصعد عليها،
136 كان مضطربا بافكار حزينة، ولم يكن يقدر ان يردّ الجواب لربنا،
137 تصاعد الحزن من فكره كالدخان، وانطفأ وتلاشى نور وجهه بسبب الضيق،
138 الالم الداخلي اخذ وازال الجمال الخارجي، ورآه كل الجمع بغيضا فاحتقره كثيرا،
139 كان قد تغير لون وجهه الوردي، واحتُقرت كلمته السامية لكونه غنيا،
140 احنى رأسه لانه كان يمشي بعنق عال، وسقطت روحه لانه كان يحسب نفسه بارّا،
141 رأى الدرب الذي يسير عليه من هو كامل، فتراجع ولم يكن يقدر ان يمشي فيه،
142 رأى وعرف كل الجمع بانه كان كذابا وثرثارا ومتكبرا وغير صادق.
الله لا يكشف سر الناس لئلا يُفضحوا
143 كان قد اشرق تواضع وحكمة وتعليم ابن الله (وظهر) كم انه نيّر،
144 عرف الجمع بانه اشفق شفقة على الغني، ولم يقدم له ذلك التعليم منذ البداية،
145 ظهرت رحمته ولطفه: كم انه يريد ان يحيا كل واحد حيثما وُجد،
146 وكم انه يشفي دون ان يفضح البشر، لكنه يطيل اناته ويضمد بتواضع،
147 طلب الشاب منه (قائلا): ماذا اصنع لارث الحياة،؟ وكان يعرف بانه لم يكن يقبل التعليم،
148 واذ عرفه، لم يوبخه امام الكثيرين لانه ليس معتادا ليفضح مَن يقترب منه،
149 لم يقل له: انك لا تقدر، ولا تتحمل، ولستَ صادقا، وانت كذاب فانتقل وولِّ،
150 لكنه قبله، واصغى اليه، وسمعه بلطف، ووضع عليه الضماد، ولو سمعه لكان يشفيه،
151 لما قال له: احفظ الوصايا فلو سمعه وذهب وحفظها، لما كانت تلحق به تلك الفضيحة،
152 لكنه كان قد طلب ان يخطف درجة ليست مُلكه، فسقط وصار اضحوكة في الجمع بكثرة جسارته،
153 محبة العالم كانت قابضة عليه كالحمّى، وهي التي اسكتته ولم يكن يقدر ان يتكلم،
154 كان مرتبطا بذهبه وبمقتناه، ولما طلب ابن الله منه ان يحلّه منها خارت قوى الضعيف.
بيع المقتنى وتوزيعه على المحتاجين يعني التجرد
155 درب الحياة اسمى كثيرا من السائرين (عليه)، وقليلون هم الناس الذين يمشون نحو الموضع السامي،
156 توجد فيها الاميال، ومراحل البرارة، وفيها موضع لكل طغمة لتسير فيه،
157 لو سقى احد كأس المياه للعطشان، فانه يمشي فيها وله اجر من العدالة،
158 لو يقول احد فقط كلمة حسنة لقريبه، فهو قريب من درب الحياة ويمشي عليه،
159 ومهما يضيف على الحسنات، فله المجال ان يمشي بوضوح في السبيل التي تُدخل الى الحياة،
160 لو تمسك ذاك الغني بوصايا موسى العظيم، لكان من السهل عليه ان يرث الحياة الجديدة،
161 ولو باع كل ما كان يقتنيه كما أُمر واعطى للمحتاجين، لكان يحيا في مسيرة دربه،
162 لم يكن يقدر ان (يرتفع) الى سمو الدرب العالي حتى لو وزع كل ثروته على الفقراء.
اتّباع يسوع يعني السير في طريق الكمال
163 كان لربنا كلام آخر ليقوله له، ولهذا كان يقول له: هلم ورائي،
164 لما يوزع (احد) كل ما يقتني على الفقراء، لا يصير بهذا كاملا وروحيا،
165 يفرغ المرء فراغا من الامور، لما يُوزع كل ما يقتني حتى يربح حياته،
166 ويلقي عنه ثقل العالم ليسهل الركض في درب البرارة دون ان يكون مكبلا،
167 اذهب وبع واعطِ للمحتاجين، وتعال ورائي، وسأريك كل درب الكمال،
168 لو باع وذهب وراءه كما قال له، لكان يسمع كلاما اسمى من (الكلام) الاول:
169 لو اراد ان يذهب وراءه، لكان يقول له: لو ضُربتَ هيّء خدك لمن يلطمك،
170 ولو اخذ اناس اشرار قميصك منك، اتركه في ايديهم، واتركهم يأخذون ايضا معطفك،
171 ولو ابغضوك، ولو اضطهدوك باركهم، وصلّ لاجلهم لو يضربونك واحببهم،
172 ولو قاضوك لا تهتم حتى تتكلم، ولو اضطهدوك انتقل بمحبة وبدون تذمر،
173 ولا تأخذ لك عصا للطريق، ولا مزودا، ولا كيسا، ولا قوت كل يوم،
174 ولا تهتـم ابدا بماذا تأكل لو انت تلميذ، ولو لك الزائد استنادا الى هذه الامور ها انك من الشرير،
175 ذاك الغني ارتخى، وخاف، و تضايق قبل ان يسمع هذه الامور، ولم يقدر ان يسمعها،
176 سمع صوت بيع المقتنى، فاضطرب لانه لم يكن يريد ان يبيع شيئا من مقتناه،
177 كان يحب ذلك المقتنى الزمني اكثر من درب الكمال العظيم،
178 ولانه سمع بانه كان سيُوزع على الفقراء لم يسعه ان يسمع لانه كله كان مليئا بمحبة الثروة،
179 لما يبيع احد كل ما يقتني ويعطيه للفقراء، يبدأ يطلب السير في طريق الكمال.
شتل الشجرة في العالم الجديد يتطلب التعب
180 كما ان الشجرة لما تُقلع من موضع لتوضع في موضع آخر تتطلب جهدا،
181 ولما يوزع احد كل ما يقتني على الفقراء، فقد استأصل نفسه من العالم كالشجرة،
182 وشتلُ نفسه في العالم الجديد يتطلب التعب ويحتاج الى السقي والى كل سيرة البرارة،
183 ولو لم يحب من يبغضونه كما أُمر، ولو لم يقبل ان يعدّ الخد لمن يضربه،
184 ولو يتراخى ويهتم بالغد، لن ينجح في ارض الحياة حيث شُتل هناك كالشجرة،
185 متى ما اخذ الفقراء مقتناه، فانه مستأصل من هنا، ومشتول هناك ويلزم الكثير لتربيته،
186 ولو لم تسقه التدابير الالهية لا يُسمح له ان يعطي الثمار في العالم الجديد،
187 ما لم يعش روحيا لا ينتفع هناك لما يكون مستأصلا من هذا العالم وتكون ثروته موزعة،
188 ولا يعطي الثمار لما يكون منصوبا في ارض الاحياء لو تاه فكره في العالم على الامور،
189 ولانه لا يقتني شيئا في العالم يقدر ان يرث/267/ الحياة الجديدة فيما لو اشتهى ان يقتني شيئا،
190 ولهذا كان قد اشفق ربنا على الغني اذ لم يبين له اية هي طريق الكمال،
191 لانه كان يعرف بانه لا يقدر ان يسير فيها لانه مرتبط كثيرا بالمقتنى ولم يكن يتركه،
192 وبما ان الشاب اجبر ربَّنا، فقد علّمه ماذا يعمل، ولما تعلم، فانه لم يرد ان يعمل كما أُمر.
الخاتمة
193 محبة الغنى خنقت نفسه التي كانت مظلمة، ربي، نقتنيك انت لانك الغنى العظيم لمن يقتنيك.
كمل الميمر على الشاب الذي قال لربنا ماذا اعمل لارث الحياة الابدية الذي الفه الطوباوي مار يعقوب الملفان
|
|
|
|
|