الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يترأّس رتبة جنّاز ودفن المثلّث الرحمات مار غريغوريوس الياس طبي رئيس أساقفة أبرشية دمشق سابقاً، دير الشرفة، لبنان

 
 

 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة 28 نيسان 2023، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، رتبة جنّاز ودفن المثلّث الرحمات مار غريغوريوس الياس طبي رئيس أساقفة أبرشية دمشق سابقاً للسريان الكاثوليك، في كنيسة دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان. 

    شارك في الرتبة صاحب السيادة المطران باولو بورجيا السفير البابوي في لبنان، وصاحب السيادة المطران أنطوان عوكر ممثّلاً صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وصاحب النيافة المطران مار ثيوفيلوس جورج صليبا ممثّلاً صاحب القداسة مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، وصاحب السيادة المطران جورج أسادوريان ممثّلاً صاحب الغبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك، وسيادة الأباتي مروان سيدي ممثّلاً صاحب الغبطة البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، وأصحاب السيادة المطارنة من كنيستنا السريانية الكاثوليكية ممثّلين آباء السينودس السرياني المقدس، وهم: مار أثناسيوس متّي متّوكة، ومار ربولا أنطوان بيلوني، ومار فلابيانوس يوسف ملكي، ومار غريغوريوس بطرس ملكي، ومار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة بدير الشرفة ومسؤول رعوية الشبيبة، وسكرتير السفارة البابوية في سوريا، والآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية ودير الشرفة وأبرشية بيروت البطريركية، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات، والشمامسة الإكليريكيون طلاب إكليريكية سيّدة النجاة بدير الشرفة. 

    كما حضر الرتبة معالي الوزير السابق الأستاذ جوزف سويد، والأستاذ نزار الشمالي رئيس بلدية درعون – حريصا، وجمع من المؤمنين، وفي مقدّمتهم إخوة وأخوات المثلّث الرحمات، والأهل والأقرباء الذين حضروا بمعظمهم من خارج لبنان خصّيصاً للمشاركة في هذه المناسبة الأليمة.  

    خلال الرتبة، تليت الصلوات والترانيم والقراءات بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، بلحن أليم ومؤثّر.

    وبعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة تأبينية بليغة، بعنوان: "نحنُ نعلمُ أنَّهُ إذا هُدِمَ بيتُنا الأرضي، وما هو إلا خيمة، فلنا في السمواتِ مَسكِنٌ من صُنعِ الله، بيتٌ أبديٌ لم تَصنعْه الأيدي" (2قور 5: 1)، تحدّث فيها غبطته عن سيرة حياة المثلَّث الرحمات مار غريغوريوس الياس طبي الذي انتقل "من هذه الفانية، مسلّماً حياته لمشيئة الآب السماوي، بعد أن لبّى نداء الخدمة الكهنوتية التي عاشها بالتفاني مدّة 54 سنة. كما دعَته الكنيسة لتسلّم للرعاية الأسقفية لأكثر من 27 سنة، إن في الكرسي البطريركي وفي أبرشية لبنان، وإن في أبرشية دمشق، حيث خدم ورعى الأبرشية مدّة 18 عاماً".

    ونوّه غبطته إلى أنّ المثلَّث الرحمات "لبّى دعوة الرعاية والتقديس والتدبير، سواء هنا في لبنان أو في أبرشية دمشق العاصمة، وعمل بما حباه الله من مواهب وطاقات لخير كنيسته وأبرشيته، أكانت علمية أو لغوية أو قانونية، في ظلّ معاناة الحرب التي ألمّت بلبنان، ثمّ بسوريا، حيث غطّت قرابة نصف فترة خدمته الأسقفية".

    ولفت غبطته إلى أنّ المثلَّث الرحمات نشأ "في عائلة مسيحية صالحة وتقيّة. وُلِدَ في ماردين، وانتقل مع أفراد عائلته إلى مدينة القامشلي، إثر النزوح إلى سوريا من ماردين السريانية العريقة والشهيدة، التي اشتهرت بشهدائها وشهيداتها، من أساقفة وكهنة ورهبان وراهبات ومؤمنين. وكان سليلَ آباء وأجداد عانوا الاضطهادات المريعة، ولكنّهم ظلّوا أمناء للرب يسوع الفادي، ولم يكفّوا عن اللجوء إلى والدته مريم العذراء في زمن الشدّة والاضطهاد والمحن، يبتهلون إليها كشفيعة قادرة وأمّ حنون".

    وأشار غبطته إلى أنّ المثلَّث الرحمات "تابع دورسه الابتدائية في مدرسة الطائفة في القامشلي، ثمّ دعاه الرب منذ صغره كي يتبعه في درب التكرّس الكهنوتي، فقصد إكليريكية "سيّدة النجاة" الصغرى في دير الشرفة عام 1953، حيث نهل، مع الدراسة، روحانية التلمذة للمعلّم الإلهي مدّة سبع سنوات. وكنّا من زملائه، إن في إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية الصغرى، وإن في كلّية انتشار الإيمان في روما، حيث نال شهادتي الليسانس في الفلسفة واللاهوت، لما يقرب من اثنتي عشرة سنة، وكنّا نتهيّأ لسرّ الكهنوت بكلّ اندفاع وحماس، ونفكّر كيف نستطيع أن نخدم كنيستنا المنتشرة في بلاد شرقنا العزيز".

    واستذكر غبطته مرحلة الدراسة اللاهوتية في روما للمثلَّث الرحمات، ثمّ سيامته الكهنوتية وخدمته الراعوية، فسيامته الأسقفية، فقال غبطته:

    "في عام 1961، أُرسِل الإكليريكي الياس لتحصيل العلوم الكهنوتية، إلى الجامعة الأوربانية في روما، مع رفاق صفّه، ومن بينهم المثلَّث الرحمات مار يعقوب بهنان هندو، رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين سابقاً، وهناك نال الإكليريكي الياس شهادتَي الليسانس في الفلسفة واللاهوت. وفي 4 أيّار 1969، سيمَ كاهناً بوضع يد المثلَّث الرحمات مار اقليميس اغناطيوس منصوراتي المعتمَد البطريركي في روما، مع رفيقه وصديق العمر المطران بهنان هندو، إن في سنوات الإكليريكية في لبنان وروما، وإن في رعية مار بطرس وبولس في القامشلي. ثمّ أُرسِل مجدَّداً إلى روما كي ينال الدكتوراه في القانون الكنسي".

    وتابع غبطته: "تمّت سيامتنا الأسقفية نحن الإثنين، بوضع يد المثلَّث الرحمات مار اغناطيوس أنطون الثاني حايك، في السابع من كانون الثاني لعام 1996، في كنيسة مار بطرس وبولس في القامشلي. وخدم في لبنان بصفة معاون ونائب بطريركي ورئيسٍ للمحكمة الكنسية، وممثّلاً في اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط، ثمّ في أبرشية دمشق في ظروف بالغة الصعوبة ومحفوفة بالمخاطر، حيث شارك رؤساء الكنائس في الدفاع عن الوطن، داعياً لتحقيق العدل والمساواة وتأمين المواطنة الكاملة".

    وتناول غبطته الخدمة الأسقفية للمثلَّث الرحمات في أبرشية دمشق، حيث "عانى الكثير من الآلام والضغوطات من جراء الأوضاع الصعبة في سوريا وآثار القصف على مركز الأبرشية في باب شرقي – دمشق. ومع ذلك ظلّ صامداً بين المؤمنين من أبناء رعاياه في دمشق وفي سائر ريفها، إلى أن سلّم الأمانة إلى خليفته المطران مار يوحنّا جهاد بطّاح".

    وقدّم غبطته التعازي إلى آباء السينودس، لا سيّما إلى الحاضرين منهم، وإلى أبرشية دمشق، وإلى إخوة المثلَّث الرحمات وأخواته وعائلاتهم، مؤكّداً على أنّنا "شعبُ إيمانٍ ورجاءٍ، لا سيّما ونحن نعيش أفراح قيامة مخلّصنا يسوع المسيح من القبر، وقيامته هي عربون قيامتنا. لذلك عندما نفقدُ عزيزاً، نجدّدُ فعلَ إيماننا وثقتنا بالمعلّم الإلهي القائل "أنا معكم كلَّ الأيام وحتّى انقضاء الدهر" (مت 28: 20). ولأنّ مسيرتَنا الأرضية، مهما طالت أو قصرت، عليها أن تتكلّل بنور القيامة، وتكون انعكاساً لمحبّة الله للبشر، فنحن قادرون بنعمته تعالى على تحمُّل فراق الأحبّاء مهما كان قاسياً علينا، متذكّرين أنّنا جميعاً أهل السماء، وأنّ حياتنا على هذه الفانية ما هي إلا مسيرة نحو الأبدية".

    وختم غبطته موعظته مبتهلاً "بالصلاة إلى الرب يسوع، بروح الإيمان والرجاء، كي يمنح فقيدنا الغالي الرحمة والسعادة الأبدية، بشفاعة أمّنا العذراء مريم، سيّدة النجاة، وجميع القديسين والشهداء" (تجدون النص الكامل لموعظة غبطته التأبينية هذه في خبر آخر خاصّ على صفحة الأخبار هذه). 

    وخلال الرتبة، ووسط الترانيم السريانية الشجيّة، حمل الكهنة والشمامسة جثمان المثلّث الرحمات وطافوا به في زيّاح مهيب حول المذبح الرئيسي، ثمّ داخل الكنيسة، مودِّعاً المذبح والكنيسة بجهاتها الأربع، وإكليروسها ومؤمنيها، وسط جوٍّ من الرهبة والخشوع والحزن.  

    بعدئذٍ تلا سيادة السفير البابوي رسالة التعزية التي وجّهها قداسة البابا فرنسيس عبر أمين سرّ دولة الفاتيكان نيافة الكردينال بييترو بارولين، وفيها أعرب قداسته عن تعزيته الحارّة ومشاركته الحزن بعزاء الإيمان، شاكراً الله على سنوات الخدمة التي أمضاها المثلَّث الرحمات، وسائلاً الله أن يستقبله في رحمته ونوره الأزلي.

    ثمّ قدّم المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، الشكرَ إلى جميع الذين تقدّموا بالتعازي، باسم غبطته وآباء السينودس وأبرشية دمشق، معدّداً أبرز المعزّين من رؤساء الكنائس وإكليروس بمختلف درجاتهم، وفي مقدّمتهم صاحبا القداسة مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، ومار آوا الثالث بطريرك كنيسة المشرق الآشورية، إذ أرسل كلٌّ منهما رسالة تعزية إلى غبطة أبينا البطريرك. وسأل اللهَ أن يتغمّد المثلَّث الرحمات في ملكوته السماوي مع الأبرار والصدّيقين والرعاة الصالحين.

    وفي نهاية الرتبة، نُقِل الجثمان ليوارى في مثواه الأخير في مدفن الأحبار والكهنة الراقدين تحت الكنيسة الكبرى في الدير.

 

إضغط للطباعة