الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس خميس الفصح ورتبة غسل أقدام التلاميذ في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف - بيروت

 
 

    غبطة أبينا البطريرك يونان: "للأسف وصلنا اليوم في لبنان إلى هذا الوضع المخيف، فهؤلاء الناس الذين يعتبرون أنفسهم المسؤولين والمتزعّمين، لا يبالون بشيءٍ لأنّهم سبقوا وأمّنوا أوضاعهم... الغلط عند المسيحيين، عند أولئك الذين يسمّون أنفسهم رؤساء ومسؤولين وأوصياء على المسيحيين في لبنان، والذين يعتبرون أنّهم يدافعون عن لبنان، لكنّهم في الواقع يشاركون وللأسف في خراب لبنان". 

 

    في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الخميس 6 نيسان 2023، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بقداس خميس الفصح ورتبة غسل أقدام التلاميذ، وذلك في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت.  

    عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية والكاهن المسؤول عن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، بمشاركة جمع غفير من المؤمنين من أبناء الرعية ومن إرسالية العائلة المقدسة.  

    بدايةً ترأّس غبطته رتبة الغسل بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، حيث قام بغسل أقدام 12 شخصاً من المؤمنين، يمثّلون تلاميذ الرب يسوع الإثني عشر. ثمّ احتفل غبطته بالقداس الإلهي بمناسبة خميس الفصح.  

    وفي موعظته بعد رتبة الغسل، بعنوان "أعطيتُكم مثالاً لكي تفعلوا كما فعلتُ أنا إذ أحببتكم وغسلتُ أقدامكم"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن احتفال الكنيسة المقدسة في هذا اليوم "بخميس الأسرار أو خميس الفصح. كما تابعتم هذا الاحتفال الذي يمتاز بالأناشيد السريانية العريقة والمعبّرة، إذ احتفلنا برتبة غسل الأقدام، وهذه الرتبة في كنيستنا السريانية هي من أكثر الرتب تأثيراً، والتي تدعونا للتفكير والتأمّل، كيف أنّ الرب الإله المتجسّد الذي هو إله الكل، كلّ الكون، ينحني ويغسل أقدام تلاميذه. هذا ما يخبرنا إيّاه الإنجيل المقدس بحسب يوحنّا بشكل واضح".  

    ولفت غبطته إلى أنّنا "سمعنا الشمّاس ينشد هذا الفعل الإلهي الذي يدهشنا كما أدهش التلاميذ، وبالأخصّ بطرس، شمعون كيفا، الذي كرجُل يعرف أنّ المسيح يجب أن يكون ملكاً، فلم يستطِع أن يفهم كيف أنّه ينحني أمامه ليغسل له رِجله، ويسوع أعلمه أنّه سيفهم ذلك فيما بعد. وفعلاً نعرف أنّه بعد قيامة يسوع، فهمَ التلاميذ كلّ ما كان يسوع يقوله لهم. فقد جسّد لنا يسوعُ المحبّةَ، ليس فقط بالقول، ولكن أيضاً بالفعل". 

    وذكّر غبطته المؤمنين أنّنا "نعرف أنّ أكثرية الأغاني تدور حول الحبّ، ونحن نُعجَب بالذين يغنّون وينشدون الحبّ، ولكن غالباً ما تكون هذه الأناشيد فارغةً من الحقيقة، بينما يسوع جسّد هذا الحبّ بفعل التواضع الذي شهدناه اليوم في هذه الرتبة". 

    ونوّه غبطته إلى أنّه "كانت هناك عادةٌ لدى الشعوب القديمة، وكذلك لدى الشعب العبراني، أنّه عندما يأتي ضيفٌ تقوم إحدى النساء الخادمات وتغسل له رِجله. فإذاً كان هذا الغسل عائداً إلى الخدّام، لكنّ يسوع أبهر التلاميذ، فقام هو نفسُه وغسل أقدامهم. ونعرف ما قاله لهم بعدئذٍ: تعلّموا منّي، يجب أن تكونوا متواضعين، وأن تكونوا حقيقةً محبّين، ليس فقط بالكلام والمشاعر، لكن أيضاً أن تحترموا بعضكم، وتلبّوا احتياجات بعضكم، وتدافعوا عن بعضكم، وتعيشوا حقيقةً العدل بين بعضكم، حتّى لا يقول أيّ أحدٍ أنّه الكبير، إنّما يجب أن يكون الخادم". 

    وأشار غبطته إلى أنّنا "للأسف نعرف كم من الناس يسمّون أنفسهم رؤساء في لبنان، نعم، هذا رئيس، وهذا شيخ، وهذا أمير. للأسف وصلنا اليوم في لبنان إلى هذا الوضع المخيف، فهؤلاء الناس الذين يعتبرون أنفسهم المسؤولين والمتزعّمين، لا يبالون بشيءٍ لأنّهم سبقوا وأمّنوا أوضاعهم". 

    وتابع غبطته: "في العراق وسوريا، تعرّض تلاميذ المسيح لأنواعٍ شتّى من الاضطهادات، واليوم بيننا الكثير من العائلات من المهجَّرين من العراق بشكلٍ خاص، ومن سوريا، من إرسالية العائلة المقدسة، أتوا إلى لبنان وهم يحافظون على إيمانهم وإيمان آبائهم وأجدادهم، ويشاركون في الصلوات بكلّ تقوى وبكلّ محبّة للرب يسوع وللكنيسة". 

    وأردف غبطته: "لكن نحن هنا في لبنان، أسباب هذا الوضع المخيف ليست خارجية، وليست لدى الطوائف الغير مسيحية، لكنّنا جميعنا نشهد ونقول لبعضنا البعض: الغلط عند المسيحيين، عند أولئك الذين يسمّون أنفسهم رؤساء ومسؤولين وأوصياء على المسيحيين في لبنان، والذين يعتبرون أنّهم يدافعون عن لبنان، لكنّهم في الواقع يشاركون وللأسف في خراب لبنان". 

    وأكّد غبطته على أنّ "الرب يسوع علّمنا هذا المثل، ليس فقط بالقول لكن بالفعل، وذكّرنا أنّ علينا أن نكون مع بعضنا إخوةً وأخواتٍ، ونتحمّل بعضنا مهما كانت الظروف التي نجابهها صعبةً وقاسيةً، من خلافات نفسية وفكرية، وقناعات مختلفة، فيجب علينا أن نبذل جهدنا كي نقبل بعضنا بروح المسيح، حسب قلب الرب يسوع الذي قال بشكلٍ واضح: تعلّموا منّي فإنّي وديعٌ ومتواضع القلب". 

    وختم غبطته موعظته بالقول: "سنختم هذه الرتبة بالذبيحة الإلهية، لأنّ اليوم هو خميس الأسرار، وقد رتّلنا ترنيمة "ܓܢܶܝܢ ܥܰܒܕ̈ܶܐ ܒܥܶܠܺܝܬܳܐ ܕܐ̱ܪ̈ܳܙܶܐ اجتمع الخدّام عبيد الرب يسوع في علّية الأسرار"، ونعلم جيّداً أنّ الرب يسوع، في هذا اليوم الخميس، أعطانا مثالاً بالتواضع، وأعطانا سرّ الكهنوت وسرّ الإفخارستيا، بذبيحة ذاته، كما سمعنا في الإنجيل: هذا هو جسدي، وهذا هو دمي. وسيتكلّل ذلك يوم الجمعة العظيمة غداً، والتي فيها يتمّ فداؤنا على خشبة الصليب، ليس بالقول إنّما بالفعل، كي يتمجّد الرب يسوع بالقيامة يوم الأحد". 

    وتضرّع غبطته "إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، كي يباركنا جميعاً، ويقوّينا في معاناتنا، ويحمي شبابنا وصغارنا من كلّ الأخطار، حتّى نستطيع أن نكون فعلاً عائلة كنسية واحدة تمجّد الرب على الدوام". 

    وقبل نهاية القداس، طاف غبطته في زيّاح حبري داخل الكاتدرائية وفي ساحتها. ثمّ، وبعد فترة من السجود والتأمّل، منح غبطته المؤمنين البركة الختامية.

 

إضغط للطباعة