الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بعيد بشارة العذراء مريم في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت

 
 

    البطريرك يونان: "قبل كلّ شيء على المسيحيين أن يتّحدوا ويدركوا أنّ خلاص لبنان لا يكون بالنظر إلى كرسي رئاسة الجمهورية في بعبدا، لكنّ خلاص لبنان يكون بالمواطنين الصالحين النزيهين الذين يريدون أن يبقى لبنان حيّاً، ويكون حقيقةً شعلةً ورسالةً في محيطه". 

 

    صباح يوم الأحد 26 آذار 2023، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد بشارة العذراء مريم بالحبل بالرب يسوع، وذلك على مذبح كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت. 

    عاون غبطتَه صاحبا السيادة مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومنسّق رعوية الشبيبة، بحضور ومشاركة الآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية ومن دير الشرفة. وخدم القداس الشمامسة الإكليريكيون طلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية. 

    كما شاركت في حضور القداس وفود من أخويات بيروت، وفرسان العذراء مريم، والطلائع، والشبيبة، وحركة مار شربل – بيروت، وجموع من المؤمنين من أبناء رعية سيّدة البشارة في بيروت ومن مختلف رعايا أبرشية بيروت البطريركية. 

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، اعتبر غبطة أبينا البطريرك أنّنا "تعوّدنا، وهذه ميّزة لنا، أنّنا في القداس الإلهي نكون فرحين، لكن، كما تعلمون منذ سنوات، وللأسف الشديد، لا نجد الفرحة والبسمة على وجوهنا بسبب ما نعانيه ونقاسيه هنا في لبنان، وكذلك في بلدان الشرق الأوسط". 

    ونوّه غبطته إلى أنّنا "نحن اليوم في عيد بشارة العذراء مريم، نسأل الرب، بشفاعة سيّدة البشارة، أن يبشّرنا بالفرح الحقيقي، وبنجاة لبنان من هذه الدوّامة المخيفة التي ألمّت به. ولا لزوم أن نشرح بالتفصيل ونكرّر الكلام عن هذه الأوضاع المأساوية التي نعيشها، ولم يكن أحدٌ منّا يتوقّع وينتظر أن تَحدُث، إلا أولئك الذين نسمّيهم مسؤولين سياسيين على الساحة المدنية، ولا نعرف إلى أيّ درجة كانوا يلمّون بالوضع وبما سيحدث لنا". 

    ولفت غبطته إلى أنّنا "نحن اليوم، كمريم العذراء، ننتظر هذا الكلام المعزّي: "لا تخافي يا مريم لقد نلتِ نعمةً لدى الرب". نعم، جميعكم، أيّها الأحبّاء، أعطاكم الرب النعمة كي تستطيعوا أن تتحمّلوا الأوضاع المخيفة التي حلّت بنا، لذلك نجدّد كلّنا هذا الإيمان الراسخ والثقة البنوية بالله تعالى، لأنّه وحده يُدعَى أباً بإيماننا المسيحي، أباً للجميع، ونحن جميعنا أولاده وأبناؤه وبناته. هذا الأمر يذكّرنا أنّه ليس هناك أب يريد إلا أن يجعل أولاده سعداء ويعيشون الفرح الحقيقي، لأنّهم كلّهم أولاده". 

    وأشار غبطته إلى أنّه "في رسالة مار بولس الرسول إلى أهل غلاطية والتي تُلِيت علينا، سمعنا كلمة الناموس تتردّد مرّاتٍ كثيرةً، الناموس كلمة باللغة اليونانية، وهي تعني القانون والشريعة، تعني الشرائع بالنسبة إلى بولس، هذه الشرائع التي كان العبرانيون يتمّمونها، البعض منهم كانوا متمسّكين بها، أي أنّهم إذا قاموا بكلّ ما ينصّ عليه الناموس أي القانون الديني أو التقليدي، فهذا يعني أنّهم يتمّمون إرادة الله. بينما بولس الذي كان واحداً من هؤلاء المتشبّثين والذين يعيشون هذه العلاقة مع الله بحفظهم الشريعة الموسوية، أعطانا ثورة إيمانية حقيقية، أي أنّنا لا نخلص بإتمامنا الشريعة والناموس، إنّما نخلص بالرب يسوع وبالإيمان. فعلى المسيحي، الذي يسعى حقيقةً إلى عيش الإيمان، أن يتجاوز الكثير من القوانين الشكلية، كي يقدر أن يتّحد بالرب. من هنا، علينا أن نتذكّر أنّه مهما عظمت الصعوبات والتحدّيات، فعلى القوانين التي ترعى علاقتنا في الكنيسة مع الله، أن تكون نابعةً من علاقتنا بالرب يسوع الذي يخلّصنا". 

    وشدّد غبطته على أنّ "النقطة التي يجب علينا أن نركّز عليها جميعنا، أيّها الأحبّاء، نستخلصها من جواب مريم الأخير للملاك: "ها أنا أمةٌ للرب". وفعلاً يجب أن نتحلّى بالتواضع والخضوع التامّ لله تعالى، لأّننا وُجِدْنا كي نتمّم إرادته، حتّى ولو كنّا لا نفهمها. فالحكمة الإلهية تبقى سراً في حياة كلّ إنسان، لكنّ إيماننا يقتضي منّا أن نكون دائماً منفتحين على الله وحكمته، فنقبلها رغم أنّنا لا نستطيع أن نفهمها. وليس بإمكاننا أن ندّعي أنّنا نفهم لماذا تحدث الكوارث الطبيعية، ولماذا تسقط مئات أو آلاف الضحايا بسبب زلزال مثلاً، كما حلّ في سوريا وتركيا في الأسابيع الماضية، ولماذا المظالم التي تحدث بسبب خطايا البشر، وعلى الأخص لماذا هذه المعاناة التي يعانيها اللبنانيون عامّةً، والمسيحيون خاصّةً، مع أنّنا نعرف كلّنا أنّ المسيحيين كانوا في بداية تأسيس لبنان الحديث، ويريدون أن يكون لبنان بلداً للجميع، بلد حرّية، وبلد حقوق إنسانية، وبلد ما نسمّيه العيش المشترك". 

    وتساءل غبطته قائلاً: "نتساءل ونقول للرب إنّنا نقبل كلّ ما تريده منّا في حياتنا، لكن في الوقت عينه، يجب أن نكون مستعدّين كي نقوم بواجباتنا، فلا نكتفي بالكلام، بل علينا أن نحثّ المسؤولين، سواء أكانوا مدنيين أو كنسيين، لأنّ هذا الوضع غير مقبول، ولا يجب أن نوزّع الإتّهامات حولنا، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. فقبل كلّ شيء، على المسيحيين أن يتّحدوا ويدركوا أنّ خلاص لبنان لا يكون بالنظر إلى كرسي رئاسة الجمهورية في بعبدا، لكنّ خلاص لبنان يكون بالمواطنين الصالحين النزيهين الذين يريدون أن يبقى لبنان حيّاً، ويكون حقيقةً شعلةً ورسالةً في محيطه". 

    وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة والدته مريم العذراء سيّدة البشارة، بكلّ ثقة بنوية، كي يجعل من هذه البشارة، بشارة الفرح والرجاء حقيقةً في حياتنا وفي عائلاتنا وفي لبناننا وفي محيطنا الشرقي، حتّى نستطيع أن نكمل رسالتنا، ونكون أبناء وبنات حقيقيين لله". 

    وقبل البركة الختامية، وجّه سيادة المطران شارل مراد الشكر إلى غبطته باسم الحاضرين على ترؤّسه هذه المناسبة، داعياً لغبطته بالصحّة والعافية والتوفيق في رعاية الكنيسة في كلّ مكان. 

    ثمّ قدّمت وفود أخويات بيروت هدية رمزية إلى غبطته، عربون محبّة وشكر وإكرام. 

    وبعدما منح غبطته البركة الختامية، استقبل المؤمنين الذين قدّموا له التهاني البنوية بهذه المناسبة، في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأبناء مع أبيهم الروحي.

 

إضغط للطباعة