غبطة أبينا البطريرك يحتفل بالقداس لطلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بمناسبة حلول عيد الميلاد ورأس السنة - دير الشرفة

 

    في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة ١٩ كانون الأول ٢٠٢٥، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي لطلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بمناسبة حلول عيد الميلاد ورأس السنة، وذلك على مذبح كنيسة دير سيّدة النجاة البطريركي - الشرفة، درعون – حريصا.

    عاون غبطتَه الأب كريم كلش، بحضور ومشاركة صاحب السيادة مار أفرام يوسف عبّا، والمونسنيور حبيب مراد، والأب سعيد مسّوح، والأب مجد ميدع، والطلاب الإكليريكيين.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بالإشارة إلى أنّنا "نعيش هذه الأيّام أفراح زمن مجيء الرب يسوع بتجسُّده بالروح القدس من مريم العذراء، وقد قضيتم، أيّها الإكليريكيون الأعزّاء، فصلاً من التنشئة الروحية والعلمية، واليوم تستعدّون لترجعوا إلى أبرشياتكم، وإلى بيوتكم ورعاياكم، حتّى تقدّموا هذه الشهادة الرائعة التي أدّيتُموها في هذه الأشهر الثلاثة من السنة الدراسية الجديدة، وتُبيِّنوا أنّكم مصمِّمون على اتّباع الرب يسوع الذي دعاكم بدعوته لتكون حياتكم شبيهة بحياة التلاميذ الأولين".

    ولفت غبطته إلى انّه "امتياز كبير لكم أن تستعدّوا للكهنوت في هذا الدير العريق الذي سيشارف على ٢٤٠ سنة على تأسيسه كدير بطريركي وإكليريكية بطريركية، وهذا الأمر يجعلنا نسترجع بالذاكرة العشرات بل المئات الذين أمّوا هذا الدير وتربّوا فيه، وتابعوا دعوتهم واشتهروا فيه وأضحوا بطاركة وأساقفة وكهنة أمناء لكنيسة الرب يسوع ولدعوتهم لاتّباعه".

    ونوّه غبطته بأنّنا "سمعنا من رسالة مار بولس العبارة الأولى: "أَطيعوا آباءكم"، فالطاعة مهمّة جداً، كما نعرف كلّنا، لا سيّما في هذا الزمن حيث هناك الكثير من التشويش ومن الأفكار التي تجعلنا نتساءل أين هي الحقيقة، بينما الحقّ هو الرب يسوع الذي دعانا. وبهذا القول "أَطيعوا آباءكم"، لا يعني بولس آباءكم وأمّهاتكم بالجسد، مع أنّ طاعتهم وإكرامهم أمر ضروري: أكرِم أباك وأمّك. لكن بالنسبة إلينا، نفكّر بطاعة رؤسائنا الذين اهتمّوا بنا وأكملوا مسؤوليتهم وحرصوا على تنشئتنا على روح المسيح بالذات، كي نرضي قلب الرب يسوع الأقدس".

    وأكّد غبطته على أنّ "الطاعة للرؤساء الروحيين اليوم واجبة في الكنيسة في كلّ العالم، وليس فقط هنا في لبنان والعراق وسوريا ومصر والشرق، فالطاعة مهمّة جداً. ويجب أن نعرف أنّ على المدعوّ لاتّباع الرب يسوع أن تكون لديه فضيلة الطاعة والتواضع كي يستطيع أن يكمل دعوته".

    وتناول غبطته "ما سمعناه في إنجيل اليوم، عن العاصفة التي أخافت التلاميذ، وهذا الأمر ليس غريباً، فمنذ بداية نشأة المسيحية، كانت هناك هبّات عاصفة في الكنيسة، جسد المسيح، وكانت هناك صعوبات واختلافات، وللأسف انقسامات وأنانيات. لذلك ليس لنا إلا أن نلجأ إلى الرب يسوع الذي قال عن نفسه: أنا هو الطريق والحقّ والحياة".

    وشدّد غبطته على أنّنا "يجب ألا نخاف أبداً، لأنّ الرب يسوع معنا، والذين يساعدون في نشأتكم ويهتمّون بكم هم الذين أعطوا ذواتهم كي يخدموكم ويرافقوكم في طريق الدعوة الكهنوتية. ونحن نعلم أنّ الذي يخدم في الإكليريكية يعاني من صعوبات كثيرة، وعليه أن يكرّس وقته تقريباً بالكامل لكم، أيّها الإكليريكيون الأحبّاء، فعلينا أن نقدّر أتعابهم ونشجّعهم كي يكملوا دعوتهم".

    وتوجّه غبطته إلى الإكليريكيين بالقول: "ستذهبون إذاً إلى أبرشياتكم، وقد تسمعون الكثير من الأمور التي لا يجب أن تُحكى في الكنيسة التي يجب بالأحرى أن تساعدنا كي نرتقي في سلّم القداسة، وكي نعيش المحبّة الصافية بالكهنوت المقدس. عليكم أن تعرفوا أنّكم لم تعودوا قاصرين، وعليكم أن تحكموا بحسب ضميركم، وأن تتعلّموا كيف تكوِّنون ذواتكم وتنشئتكم وتربيتكم وأفكاركم وروحانيتكم التي يجب أن تكون حسب قلب الرب يسوع".

    وتحدّث غبطته عن "عيد مار اغناطيوس الأنطاكي المصادف غداً، وهو شفيع كنيستنا الأنطاكية السريانية، والذي استشهد في روما في أوائل القرن الثاني الميلادي، حوالي سنة ١٠٧، هذا القديس الشهيد قال عنه البابا بنديكتوس السادس عشر في موعظته التعليمية: إنّ مار اغناطيوس كان أقرب الآباء الرسوليين إلى الرب يسوع، أكان في حياته الأسقفية، أو في رسائله السبعة، أو في استشهاده في روما. نطلب شفاعة هذا القديس العظيم كي يذكّرنا بدعوتنا، وكي يبارك الرب يسوع مسيرتنا، لنستطيع في المستقبل أن نخدم كنيستنا".

    وختم غبطته موعظته مشيراً إلى أنّنا "ودّعنا في هذه الكنيسة في الأسبوع الماضي كاهناً خدم هذه الأبرشية البطريركية لسنوات طويلة، كم نحتاج اليوم إلى كهنة يؤدّون الخدمة الصالحة، وكم نحتاج إليكم، أنتم الشباب الإكليريكيون، حتّى تبثّوا الروح الكهنوتية الجديدة المؤسَّسة على روحانية صافية، على الطاعة والتواضع والتفاني من أجل النفوس التي ستخدمونها. هذا ما نرجوه ونصلّي إلى الرب يسوع الإله المولود طفلاً عجيباً في مذود بيت لحم، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النجاة، ضارعين كي يكون موسم هذا الميلاد المجيد موسم نعمة وبركة لكم ولأهلكم ورعاياكم".

    وبعد القداس، وفي جوّ عائلي مفعَم بالفرح، التقى غبطته بالطلاب الإكليريكيين، وتبادل معهم التهاني بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة، مع التمنّيات أن يكون العام الجديد زمن سلام وخير وبركة وصحّة وعافية.