|
في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 16 تشرين الثاني 2025، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، القداس الإلهي بمناسبة أحد بشارة زكريا الكاهن، والذي احتفل به المونسنيور حبيب مراد، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
شارك في القداس الأب كريم كلش، بحضور ومشاركة جمع من المؤمنين. ثمّ حضر لاحقاً الأب طارق خيّاط.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "هذا ما صنع الرب إليّ في الأيّام التي نظر إليّ فيها لينزع عاري بين الناس"، استهلّ المونسنيور حبيب مراد كلامه بالإشارة إلى "عيشنا في زمن افتتاح السنة الكنسية التي بدأناها بتقديس الكنيسة وتجديدها، والآن نكمل بالبشائر، بدءاً ببشارة زكريا اليوم، حيث يبدأ الإنجيل "كتبتُ لكَ أيّها العزيز ثيوفيلوس"، وثيوفيلوس كلمة تعني "محبّ أو حبيب الله". وقد صادف البارحة في 15 تشرين الثاني عيد مار حبيب شمّاس الرها، الشابّ الشهيد الذي لم يكفر بإيمانه، بل تمسّك به رغم الضرب بقضبان الرمّان، والربط بالحطب، والإحراق، وكان يقول "أنا أسجد وأحترق لأنّ يسوع هو الله ولا أكفر بإيماني بالرب يسوع"، ولا ننسى فضلَ والدته في تثبيته بهذا الإيمان. ثيوفيلوس هو إذن كلّ واحد منّا، لأنّه كان يبحث ويريد معرفة تعاليم الإنجيل. فيشرحها له لوقا، ما يمنحه القوّة ويسلّحه بالمحبّة لعيش نِعَم الخلاص بالرب يسوع".
ولفت إلى أنّ "زكريا الكاهن وزوجته أليصابات كانا طاعنَين في السنّ وبارَّين وسائرَين بحسب وصايا الرب بلا لوم، لكن لم يعطِهِما الرب نعمة إنجاب الأولاد ومشاركته بالخلق. زكريا تعني "الله يتذكّر"، وأليصابات تعني "الله أقسم"، هاتان الكلمتان إذن تذكِّرانِنا بوعد الرب وأمانته ومحبّته للإنسان، ومرافقته له رغم الصعوبات، ورغم اعتقاده أنّ الرب لا يتدخّل، لكنّنا برجاء أنّه سيتدخّل في أيّ لحظة، وسيغيّر الصعوبات ويبدّلها إلى الراحة والفرح والرجاء. ويوحنّا كلمة سريانية تعني "الله يتحنّن، الله يرحم"، فالله أظهر رحمته لهما في الوقت المناسب، في ملء الزمن".
ونوّه بأنّ صمت زكريا ليس قصاصاً، إذ أنّ بعض الآباء يتأمّلون بها الصمت الذي يُظهِر لنا أنّ العقم ليس لعنةً وعقاباً من الرب بحسب المعتقَد القديم، بل رسالة كي يتمجّد اسم الرب في الوقت المناسب، ودعوة لصمت تأمُّلي طويل يدخل عمق السرّ الإلهي. كتمت أليصابات أمرها لعدّة أشهر، ولم تتكلّم به، بل كانت تتأمّل بعمل الرب وتشكره بامتنان. إذن الدعوة لنا إلى الثقة بالرب وبوعوده وشكره على كلّ عمل وعلى أفضاله علينا، لا أن نكون كهؤلاء الجيران الذين نظروا إلى عقم زكريا وأليصابات على أنّه عار وعقاب من الرب، وراحوا يشمتون بهما. فلا نشمتَنَّ بالآخرين، ولا نحسدهم، لأنّ الرب سيتدخّل، وسيجعل من العقر خصوبة".
وأكّد على أنّ "الرب يتدخّل في ساعة لا نعرفها، ويبثّ خلاصه ورجاءه. فالدعوة لنا أن نتذكّر هذه النعمة ܛܰܝܒܽܘܬܳܐ ܕܣܶܥܪܰܬ݀ ܠܒܰܪ̱ܬ ܠܶܘ̈ܳܝܶܐ النعمة التي حلّت وافتقدت ابنة اللاويين، أي أليصابات، هي النعمة التي نطلب من الرب أن تحلّ وتفتقد كنيسته، لا سيّما في هذه الأيّام الصعبة التي نعيشها في كلّ مكان، فيما نتحضّر بفرح لاستقبال قداسة البابا لاون الرابع عشر في زيارته إلى لبنان، كي تكون هذه الزيارة سبب بركة ورجاء، لا مجرَّد لقاءات ومناسبات عابرة، فدعوتنا هي الرجاء بالرب، ونحن نعيش في سنة الرجاء".
وتوجّه بالتهنئة إلى غبطة أبينا البطريرك بمناسبة عيد ميلاده: "باسمكم جميعاً، نعايد غبطة أبينا البطريرك الذي احتفل البارحة بعيد ميلاده، ونسأل الرب أن يمتّعه بالصحّة والعافية، ويديمه برعاية الكنيسة لسنين عديدة، كي تبقى الكنيسة مقدِّرةً قيمة هذا الإنسان الذي ضحّى بحياته كلّها، من طفولته حتّى اليوم، ولا يزال يضحّي ويعطي للكنيسة. ندعو لغبطته بالتوفيق الدائم في رعاية المؤمنين وخدمتهم".
وختم موعظته طالباً "منكم أن تصلّوا من أجلي، لأنّ البارحة كانت ذكرى سيامتي الكهنوتية التي تمّت بوضع يد غبطة أبينا البطريرك، بهذا الإنعام الرائع أن تصادف أيضاً يوم عيد ميلاده. أرجو أن تصلّوا من أجلي كي أتابع السير بحسب الشعار الذي اتّخذتُه لمسيرتي الكهنوتية: نصيبي هو الرب، هكذا قالت نفسي، كي نجعله شعارنا ونهجنا جميعاً، فيكون الرب نصيبنا في حياتنا، ونرجو الرب، ونطلب خلاصه ورحمته كلّ حين".
وبعد القداس، انتقل الجميع إلى الصالون البطريركي، حيث تحلّقوا حول غبطته، مقدّمين له التهاني البنوية بمناسبة عيد ميلاده، وكذلك مهنّئين المونسنيور حبيب مراد بمناسبة ذكرى سيامته الكهنوتية، في جوّ من الفرح الروحي.
|