غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس عيد جميع القديسين في كنيسة مار يوسف، المنصور – بغداد، العراق

    في تمام الساعة السادسة من مساء يوم السبت 1 تشرين الثاني 2025، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد جميع القديسين، وذلك على مذبح كنيسة مار يوسف، في المنصور – بغداد، العراق.

    عاون غبطتَه صاحبُ السيادة مار أفرام يوسف عبّا، والمونسنيور حبيب مراد، بحضور ومشاركة كهنة أبرشية بغداد: الخوراسقف بيوس قاشا، الخوراسقف أفرام كذيا، الأب بولس زرّا، والأب بطرس دردر. وخدم القداس شمامسة الرعية وأعضاء الجوق، بمشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية، والذين قَدِموا لنيل بركة غبطته في هذا العيد المبارَك.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس بعنوان "بهذا يعرف العالم أنّكم تلاميذي، إن كان فيكم حبٌّ بعضكم لبعض"، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بشكر "الخوراسقف بيوس قاشا على كلماتكَ اللطيفة بالترحيب بنا وبسيدنا صاحب السيادة وبكهنتنا الأفاضل وبالشمامسة وبالذين تعبوا وخدموا هذا القداس وأعدّوا متحف مار يوسف. ونحن نفرح اليوم بالإحتفال معكم بهذا القداس الإلهي بمناسبة عيد جميع القديسين، أولئك الذين كرّسوا ذواتهم للرب بحياة فاضلة بارّة، وبالأمانة لتعاليمه الإلهية في خضمّ هذا العالم".

    ولفت غبطته إلى أنّه "في نهاية العشاء السرّي الأخير، أوصى يسوعُ تلاميذَه أن يحبّوا بعضهم بعضاً، والتلاميذ الأوّلون للرب عُرِفوا أنّهم مسيحيون في أنطاكية، لأنّهم كانوا يحبّون بعضهم بعضاً. فالمحبّة إذاً هي التي تُميِّز إيماننا المسيحي. نحن نقول إنّ الله محبّة، وهذا ما لطالما سمعناه من الانجيل المقدس. والرب يسوع يذكّرنا بقوله لنا: أنا اخترتُكم لكي تنطلقوا وتعطوا ثماراً. نحن كبطريرك وكمطارنة وكهنة ورهبان وراهبات، ربّنا اختارنا حتّى نخدم كنيسته ونعطي ثماراً صالحة، على ما جاء في الإنجيل المقدس بحسب القديس يوحنّا، والذين أصغينا إليه للتوّ".

    ونوّه غبطته بأنّ "يسوع يكلّمنا اليوم كما فعل مع تلاميذه: لأنّهم اضطهدوني سيضطهدونكم أيضاً، بمعنى أنّنا، إذا كنّا تلاميذ الرب يسوع، فعلينا أن نتشبّه به ونتبعه ونحمل صليبنا الذي هو صليب المعاناة. قد تكون معاناة من قِبَل أناس نعيش معهم، لكنّهم لا يقبلوننا كما نحن، هذا نسمّيه الإضطهاد، كما اضطهدوا يسوع. لكنّنا نثق أنّ الرب معنا، لذا علينا ألا نخاف من أيّة صعوبات أو اضطهادات أو معاناة، لأنّنا اخترنا الرب يسوع".

    وذكّر غبطته المؤمنين أنّ "آباءنا وأجدادنا على مدى التاريخ، هنا في العراق، كما في باقي البلدان في الشرق الأوسط، عانوا وقاسوا الكثير، وهنا أنتم أحبّاءنا تعانون، وبشكل خاصّ في رعية مار يوسف هذه التي يخدمها أبونا الخوراسقف بيوس قاشا، ومعه أبونا بولس زرّا، هذه الرعية عانت الكثير كما سائر الرعايا في هذه الأبرشية، أبرشية بغداد العزيزة، بمعنى أنّه بعدما حصلت المجزرة في كنيستنا، كاتدرائية سيّدة النجاة، منذ 15 سنة، للأسف، الكثير من عائلاتنا ترك وغادر هذا البلد الغالي العراق".

    وشدّد غبطته على أنّنا "نعم نتألّم لأنّ عددنا يقلّ، لكنّ الرب دعانا كي نسعى كلّ جهدنا لنكون الخميرة في المجتمع، ونكون الملح الذي يعطي الطعامَ الذوقَ للأكل، وهو يشجّعنا دائماً، لأنّ هذه الكنيسة التي أنتم أولادها، عامرة بالعائلات التي تخدم وتضحّي. إلا أنّ التحدّي الأكبر هو كيف نستطيع أن نشجّع شبابنا حتّى يبقوا متجذّرين في أرضهم، مهما كانت الصعوبات".

    وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع كي يذكّرنا دائماً أن نبقى أمناء لدعوتنا المسيحية، ويؤهّلنا أن نتبعه بكلّ تضحية وتفانٍ، دون أن يكون في قلبنا حقد أو كراهيّة ضدّ أيّ أحد، وأن نبقى على الدوام مبشّرين بالسلام والمحبّة أينما كنّا، وفي كلّ ظروف حياتنا، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، ومار يوسف شفيع هذه الكنيسة، وجميع القديسين والشهداء".

    وكان الخوراسقف بيوس قاشا، كاهن الرعية، قد ألقى كلمة ترحيبية بغبطته قائلاً: "اليوم يحلّ غبطة أبينا البطريرك في بيته، أهلاً وسهلاً بكم، سيّدنا، في داركم العامرة، فنحن نحبّكم ونقدّر رسالتكم المسيحية الراعوية السامية. ونشكر غبطتكم الذي تنازل وباركَنا في هذه الزيارة، بإقامة الذبيحة الإلهية، وافتتاح متحف مار يوسف للتراث. أدامكم الرب، يا سيّدنا، بالصحّة والعافية والعمر الطويل، راعياً صالحاً للكنيسة، وليقُدكُم النور الذي قاد التلاميذ إلى قيامة المسيح، من مجد إلى مجد".

    ووجّه الشكر "إلى سيادة راعي الأبرشية مار أفرام يوسف عبّا الذي تفضّل وباركَنا بحضوره، وجميع الآباء الكهنة، والشمامسة، والذين هيّأوا وتعبوا وحضّروا هذه المناسبة"، متمنّياً للجميع فيض البركات والعطايا السماوية.

    وقبل البركة الختامية، قدّم الخوراسقف بيوس قاشا، باسم الرعية، هدية تذكارية إلى غبطته، وكذلك إلى سيادة راعي الأبرشية، تخليداً لهذه الزيارة البطريركية المبارَكة.

    وفي نهاية القداس، نال جميع المؤمنين بركة غبطة أبينا البطريرك في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأب بأبنائه وبناته.