في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة 12 أيلول 2025، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة والخمسين لسيامته الكهنوتية (12 أيلول 1971 – 12 أيلول 2025)، وذلك على مذبح كنيسة أمّ المعونة الدائمة، في سان دييغو بولاية كاليفورنيا، الولايات المتّحدة الأميركية.
عاون غبطتَه في القداس الخوراسقف عماد حنّا الشيخ، والمونسنيور حبيب مراد، بحضور ومشاركة الأب بهنام للّو، والراهب الفرنسيسكاني الأب سيبستيان. وخدم القداس شمامسة الرعية، وجوق الترانيم، بمشاركة جمع غفير من المؤمنين من أبناء الرعية، يتقدّمهم أعضاء مجلس الرعية، وأخوية السيّدات، وكادر التعليم المسيحي، والشبيبة، وفرسان كولومبوس، وجماعة مار شربل، وجميع اللجان والهيئات والفاعليات العاملة في الرعية، والذين حضروا بلهفة بنوية للمشاركة في قداس الشكر لله ورفع الصلاة على نيّة غبطته بهذه المناسبة الروحية المبارَكة.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، عبّر غبطة أبينا البطريرك عن "الشكر الجزيل للخوراسقف عماد حنّا الشيخ خادم هذه الرعية المبارَكة على كلماته اللطيفة وعلى إعداده لهذا الإحتفال الروحي، والشكر لكم جميعاً، أيّها الأحبّاء، لحضوركم اليوم معنا في هذا القداس، بدءاً بالكاهنين الحاضرين بهنام وسيبستيان، وقد أتينا إلى زيارة رعيتكم، ومعنا المونسنيور حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، وإن شاء الله يوم الأحد المقبل، بعد غد، سنحتفل ظهراً بقداس عيد الصليب الذي هو فخرنا وعلامة انتصارنا ܨܠܺܝܒܳܐ ܢܺܝܫܳܐ ܕܙܳܟ̣ܽܘܬܳܐ".
ولفت غبطته إلى انّنا "سمعنا من مار بولس، هذا الرسول العظيم، في رسالته إلى أهل كورنثوس، وهو الذي بعدما ظهر له يسوع وتبعه، أصبح رسول الأمم وانطلق يبشّر في كلّ بلدان البحر المتوسّط. فهو يكتب في هذه الرسالة "صرتُ كلاً للكلّ"، وأنا نفسي اتّخذتُ هذا القول شعاراً عندما انتُخِبتُ بطريركاً قبل 16 سنة ونصف، حتّى أستطيع أن أخدم الكنيسة من دون تمييز، وأفهم الكلّ، وأحبّ الكلّ كما يحبّ الرب يسوع الخراف التي يعرفها بأسمائها. وسعيتُ جهدي، بنعمة الرب، أن أكون الكاهن، ثمّ أول مطران على أبرشيتنا هذه، أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية وكندا، وبعدئذٍ تبعني في خدمتها سيدنا المطران مار برنابا يوسف حبش الذي اتّصل بي قبل ساعة من الآن من ميشيغان وهنّأني بذكرى سيامتي الكهنوتية الرابعة والخمسين، أشكره جزيل الشكر من القلب، وهذه الذكرى المبارَكة تجعلنا نجدّد ثقتنا بالرب يسوع".
ونوّه غبطته بأنّنا "شاهدنا اليوم على شاشات التلفاز هذا الخبر المؤلم، حيث أرملة تشارلز كيرك الذي قُتِلَ يوم الأربعاء أول أمس، وتُدعى إيريكا، وهي أمّ لطفلتين صغيرتين، وقد تكلّمت لأول مرّة بعد مأساة قتل زوجها، فقالت: أنا أؤمن أنّ زوجي الحبيب سيكون في أحضان المسيح الرحوم. نعم نحتاج، أحبّاءنا، حتّى في هذا البلد، أن نجدّد إيماننا بالرب يسوع، لا يكفي أن نقول إنّنا نؤمن بالله، فهناك ديانات كثيرة تؤمن بالله، على أنّه القوّة الجبّارة التي خلقت وتدبِّر الكون، لكنّنا نتميّز بإيماننا بالرب يسوع المخلّص، إبن الله الذي تنازل إلينا وفدانا بصليبه وجعلنا أولاد الله".
وأعرب غبطته عن أنّنا "مسرورون وفخورون جداً أن نرى شبابنا حاضرين معنا اليوم هنا، نحن نتّكل حقّاً عليكم، أيّها الشبّان والشابّات، هذا الجيل الرائع والمبارك، كي تعتزّوا بالرب يسوع وتتبعوه مهما حدث في حياتكم، وكي تحبّوا الرب كما أحبّ هو كلَّ واحدٍ وواحدةٍ منكم، وتكونوا شهوداً للإرث الذي تسلّمتموه من كنيستكم في الشرق، فلا تنسونه أبداً، ولا سيّما تقاليد أهلكم وحياتهم المثالية وتضحياتهم الجمّة من أجلكم، فقد غادروا أرض آبائهم وأجدادكم في الشرق من أجلكم، كي يوفّروا لكم مستقبلاً أكثر سلامياً ومُشرِقاً وواعداً لحياتكم".
وشدّد غبطته على أنّ "الكاهن يدعى ليتبع الرب يسوع القائل: أنا اخترتُكم لتنطلقوا، فالكهنوت ليس وظيفة نقدّرها بالشهادات وبعملنا، وكأنّنا نترقّى لأنّ لدينا الشهادات أو الإمكانيات، أكانت علمية أو إنسانية أو مادّية. الكهنوت رسالة، والكاهن هو محور الحياة الراعوية، كما نعلم جميعاً. لديكم أبونا الخوراسقف عماد الذي قدّم كلّ ما يستطيع منذ رسامته الكهنوتية منذ حوالي 25 سنة، لا بل كما عرفناه في أوائل التسعينيات من القرن الماضي كشمّاس، وهو يسعى لبناء هذه الرعية على أسس مسيحية صالحة. ليس أحدٌ منّا كاملاً، لكن علينا أن نقدّر الكاهن الذي يخدمنا، ونشجّعه كي يستمرّ في خدمته. ليس أحدٌ كاملاً، لكنّنا كلّنا مدعوون كي نكون تلاميذ الرب يسوع أينما كنّا نعيش لأنّنا مسيحيون. فلنتذكّر جيّداً أنّ بطريرك الكنيسة السريانية، سواء الكاثوليكية أو الأرثوذكسية أو المارونية، هو بطريرك أنطاكية، حيث، وللمرّة الأولى، عُرِفَ أتباع الرب يسوع بأنّهم مسيحيون، لأنّهم كانوا يحبّون بعضهم بعضاً. لذا فالمحبّة هي التي تُميِّز أتباعَ الرب يسوع".
وختم غبطته موعظته مجدِّداً "الشكر لكم جميعاً على حضوركم ومشاركتكم في هذا القداس، وعلى صلواتكم وأدعيتكم كي يكون بطريرككم ومطرانكم وكاهنكم على الدوام تلاميذ ورسل الرب يسوع، شاهدين كلّ حين لمحبّته بين المؤمنين".
وكان الخوراسقف عماد حنّا الشيخ قد توجّه إلى غبطته بكلمة بنوية من القلب، معبّراً عن "الفرحة الكبيرة التي تغمرنا اليوم أن يحتفل سيدنا صاحب الغبطة بهذا القداس، بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة والخمسين لسيامته الكهنوتية، مع الشمامسة والجوق ومجلس الرعية والأخوية والشبيبة وجماعة مار شربل وفرسان كولومبوس وكادر التعليم المسيحي وسائر فعاليات الرعية. فبإسم صاحب السيادة مار برنابا يوسف حبش راعي أبرشيتنا، وباسمكم جميعاً، وباسمي الشخصي، نقدّم التهاني البنوية لغبطته، مع الدعاء له بالعمر المديد".
وتابع قائلاً: "سيدنا صاحب الغبطة، أنتم بركة كبيرة لهذه الرعية، أنتم أسّستُموها يوم الأحد 6 نيسان 1996، فقد اجتمعنا أولاً يوم 16 تشرين الثاني 1995، وبعد بضعة أشهر تأسّست الرعية في كنيسة سانتا صوفيّا، والحمدلله، بصلوات غبطتكم، وصلوات سيدنا المطران يوسف حبش، استطعنا أن نشتري هذه الكنيسة، وافتتحناها في 15 آب 2011. ثمّ، ببركة ربنا، اشترينا البيت والأرض المجاورين، ولا ننسى وقفتكم، سيدنا البطريرك، معنا، إذ ساعدتُمونا كثيراً، لا سيّما حين قمنا بشراء البيت".
وختم كلمته سائلاً "الرب يسوع أن يوفّقكم، سيدنا صاحب الغبطة، ويديم حياتكم بالصحّة والعافية، وتبقون على رأسنا بركة، بارخمور سيدنا".
وبعد البركة الختامية، أُخِذَت الصور التذكارية مع غبطته، ثمّ تقبّل غبطته التهاني من الحضور جميعاً في قاعة الكنيسة.
ألف مبروك لغبطته، مع التضرّع إلى الرب كي يحفظه بالصحّة والعمر الطويل، خير راعٍ لأخلص رعية.
|