غبطة أبينا البطريرك يحتفل بالقداس في كاتدرائية سيّدة البشارة، بحضور ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع، المتحف – بيروت

    في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الثلاثاء 8 تمّوز 2025، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت، بحضور ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع.

    عاون غبطتَه صاحبا السيادة: مار برنابا يوسف حبش، ومار متياس شارل مراد، بحضور ومشاركة عدد من الآباء الخوارنة والكهنة، والراهبات الأفراميات. وخدم القداس جوق رعية سيّدة البشارة، وأشرفت على التنظيم والخدمة حركة مار شربل – بيروت، وحركة مار بهنام وسارة – الفنار، بحضور ومشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية ومن المناطق المحيطة، ومن مختلف رعايا أبرشية بيروت البطريركية.

    في بداية القداس، دخل غبطته بموكب حبري مهيب إلى أمام المذبح، حيث وُضِعَت ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع، يتقدّمه الأساقفة والكهنة.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن فرحه بترؤّس هذا الإحتفال الروحي: "نلتقي اليوم في كاتدرائية سيّدة البشارة، ونحتفل بالفرح والفخر بقدوم ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع التي نشأت في عائلة كلّها تقوى، فيها خمس أخوات دخلنَ إلى الرهبنة وعشنَ في الدير بالقداسة. الأب والأمّ لويس وزيلي مارتان تقدّسا، إذ أعلن الكرسي الرسولي قداستهما، فللمرّة الأولى يتمّ تقديس زوجين، أب وأمّ، رجل وامرأة، ويوضعان على مذابح الكنائس في الكنيسة الجامعة في العالم كلّه، ويوم السبت القادم في 12 تمّوز هو عيد هذين الوالدَين القديسَين".

    ولفت غبطته إلى أنّ "القديسة تريزيا معروفة في العالم بأسره، إذ ليس هناك كاهن تبع دعوته حقيقةً إلا وطلب شفاعتها، وقرأ الكتاب الذي كتبَتْه، والمُسمَّىHistoire d’une âmeقصّة نفس، وفي هذا الكتاب تتكلّم عن حياتها، حيث عاشت 24 سنة فقط، وأمضت السنوات الأخيرة على فراش المرض، وكانت تتقبّل كلّ ما يسمح به الرب في حياتها، وتزداد دائماً بالتقوى والروحانية، حتّى أنّها كانت تطلب من الرب أن يجعل من هذه الأرض الفانية، أرض الشقاء، سماءً، وتسأله أن يرمي على الناس كلّهم الورود، لأنّها كانت تحبّ الورود كثيراً".

    وأشار غبطته إلى أنّ "هناك حادثة مع والد القديسة تريزيا، حين كانت لا تزال بعدُ صغيرة، فقد كانت تتشكّى من بعض الأمور، لأنّها كانت الطفلة الأخيرة والمدلَّلة في العائلة. فقدّم لها والدها وردة قائلاً: أنظري يا ابنتي كم هي جميلة هذه الوردة، لكن إذا فكّرتِ بها، كيف أنّ هذه الوردة صارت جميلة إلى هذا الحدّ، مع أنّها ستذبل، لكنّ الله هو الذي خلقها وأوجدها بهذا الجمال. لذا عليكِ أن تقبلي مشيئة الرب وتطيعيهِ في حياتك، فهو بالتأكيد لن يترككِ، بل سيرافقكِ ويقوّيكِ بنعمته، وهذا الأمر أثّر فيها كثيراً".

    ونوّه غبطته بأنّ "القديسة تريزيا، وهي على فراش المرض، كانت تصلّي من أجل المُرسَلين الذين ينطلقون ويبشّرون بالرب يسوع في العالم كلّه، مع أنّها لم تترك بلدها فرنسا إلا مرّة واحدة، حين ذهبت مع والدها وهي بعمر 12 سنة مع مجموعة من الأشخاص إلى روما، حيث استطاعت أن تقابل البابا لاون الثالث عشر، وركعت أمامه ملتمسةً منه أن يسمح لها بدخول الدير، مع أنّها كانت صبيّة، ولا يحقّ لها دخول الدير لصغر سنّها. ظلّت راكعة أمام البابا إلى أن رفعوها وأقاموها، وفي الدير كانت تصلّي من أجل المُرسَلين الذين يبشّرون بيسوع، وسُمِّيَت شفيعة المُرسَلين. وجميعنا، أيّها الأحبّاء، أكنّا من الإكليروس أو من المؤمنين، علينا أن نبشّر بالرب يسوع مثلما عاشت هذه القديسة، وكانت تتمنّى أن تصبح مُرسَلة للعالم كلّه كي تبشّر بيسوع".

    وشكر غبطته حضور ومشاركة "سيادة المطران يوسف حبش، راعي أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، هو الذي ذهب إلى ذلك البلد مُرسَلاً، فخدم هناك ككاهن وكمطران، منذ ثلاثين سنة، كمُرسَل حقيقي، في تلك الأرض الكبيرة والواسعة، وهو يعي أنّه دُعِيَ كي يبشّر، ليس فقط بالقول، لكن بالحياة، راعٍ صالح للرب يسوع. ومعنا سيادة المطران شارل مراد، والآباء الخوارنة والكهنة الأفاضل، والراهبات، والمؤمنون. وكلّنا نعتزّ أن تأتي القديسة تريزيا إلينا، منذ أسبوعين كانت ذخائرها في كنيستنا، كنيسة عذراء فاتيما في حارة صخر – جونيه، والبارحة في مدرسة القديسة تريزيا لراهبات القديسة تريزيا في فرن الشبّاك حيث احتفلنا بالقداس، واليوم في هذه الكاتدرائية المباركة".

    وختم غبطته موعظته بالتأكيد على أنّه "فخرٌ لنا أن تأتي القديسة تريزيا إلينا، وأن تستطيع بشفاعتها مساعدتنا أينما كنّا في أحوالنا الصعبة، ونحن نتّكل على الرب دائماً، وعلى محبّتنا له التي ستجعلنا أقوياء على الدوام، رغم كلّ الصعوبات والتجارب، لأنّ الرب يستطيع أن يجعل منّا قديسين وقديسات على مثال القديسة تريزيا التي نطلب شفاعتها اليوم".

    وفي نهاية القداس، منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية. ثمّ تبارك الجميع من ذخائر القديسة تريزيا، في جوّ من الخشوع والفرح الروحي.