الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية تحتفل بالذكرى السنوية الثانية عشرة وبدء السنة الثالثة عشرة لتنصيب وتولية غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان على الكرسي البطريركي الأنطاكي

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 14 شباط 2021، احتفلت بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية بالذكرى السنوية الثانية عشرة وبدء السنة الثالثة عشرة لتنصيب وتولية غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان على الكرسي البطريركي الأنطاكي، وقد صادف هذا اليوم أيضاً في هذا العام الأحد الأول ومدخل الصوم الكبير، وهو تذكار أعجوبة تحويل الرب يسوع الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل. فأقام غبطته القداس الإحتفالي الحبري بهذه المناسبة المفرحة، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف - بيروت.

    عاون غبطتَه في القداس الأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية. وتمّ بثّ القداس على الصفحة الرسمية للبطريركية على الفايسبوك ومواقع التواصل الإجتماعي، كي يتمكّن الإكليروس والمؤمنون من المشاركة الروحية في هذه المناسبة، بسبب الأوضاع الصحّية والحجر المفروض تفادياً لاتنشار وباء فيروس كورونا.

    وبعد الإنجيل المقدس، ارتجل غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية، بعنوان "إفعلوا ما يقوله لكم"، تحدّث فيها غبطته عن "هذا الأحد الأول ومدخل الصوم الكبير، وهو أحد أعجوبة تحويل الرب يسوع الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل. إنّه عرسٌ عادي حضره يسوع مع أمّه مريم وتلاميذه، وفي هذا العرس أظهر ألوهته بصنعه الآية، أي الأعجوبة، بتحويل الماء إلى خمر جيّد".

    ونوّه غبطته إلى أنّ الكنيسة جعلت "هذا العرس الآيةَ الأولى في بداية الصوم حتّى تذكّرنا أنّ الصوم هو مرحلة ومسيرة نحو الله، نبدأها وننهيها بالفرح. ونحن في كلّ مرّة نأتي إلى الكنيسة ونشارك في القداس، يجب أن نعرف كيف نعيش هذا الفرح، فرح النعمة التي يعطينا إيّاها الرب بشكلٍ خاص في القربان المقدس، ونخرج من الكنيسة وعلامات الفرح علينا، بل والفرح يملأ قلوبنا ونفوسنا رغم كلّ ما نجتازه من صعوباتٍ ومعاناةٍ، من همومٍ ومن آلامٍ، لأنّنا نؤمن أنّ الرب هو معنا ويريد خيرنا"، لافتاً إلى أنّه "بهذه الأعجوبة الأولى، كانت العذراء مريم، أمّ يسوع، هي الوسيطة، والعذراء، وقد السبّاقة لاكتشاف حاجاتنا، فقد كانت مدعوّة وعرفت أنّ الخمر ينقص، وهذا عار على أصحاب الدعوة وأهل العرس".

    وأشار غبطته إلى أنّ "العرس كان قديماً يدوم أيّاماً، وكان منبعاً وفيضاً من الفرح للعائلة والأصدقاء والجيران، وحضور يسوع مهمّ جداً ورمزي، إذ حضر وبارك بنفسه عرس رجل وامرأة عقدا العزم على تأسيس عائلة، وهما يدركان أنّ الأطفال الذين سيولدون لهما كثمرة لهذا الزواج هم عطيةٌ من الله".

    ولفت غبطته إلى أنّ "مريم العذراء هي الشفيعة والوسيطة بيننا وبين يسوع، فقد قالت للخدّام في عرس قانا: إفعلوا ما يقوله لكم. كانت مريم متأكّدةً أنّ يسوع لن يرفض لها هذا الطلب، بل سيأتي ويبادر إلى إنقاذ سمعة العروسين وأهل ذلك العرس. وبذلك تدلّنا مريم على الطريق الصحيح، فتعلّمنا وتذكّرنا أنّ الوصول إلى الربّ يسوع يقتضي أن نصغي دائماً إلى تعليمه، ليس فقط الإصغاء بالأذنين، بل أن نعيش هذا التعليم في حياتنا، أي أن نثمر أفعالاً صالحة ترضي الرب".

    وانتقل غبطته إلى الحديث عن الذكرى السنوية الثانية عشرة لتنصيبه بطريركاً، فقال غبطته:

    "اليوم، كما تعلمون، هو اليوم السابق لذكرى تنصيبي (15 شباط 2009) بطريركاً، لقد انقضى إثنا عشر عاماً على استلامي الخدمة البطريركية، البعض منكم يتذكّرون احتفال التنصيب والتولية، والذي أقيم في كاتدرائية سيّدة البشارة القريبة منّا هنا في بيروت. إنّ هذه الذكرى تجعلني، قبل كلّ شيء، أشكر الرب على عطاياه، لأنّنا نحن دائماً غير قادرين أن نبادل الرب ونكافئه على نِعَمِهِ الغزيرة التي يغدقها علينا، حتّى في هذه الفترات التي عشناها في كنيستنا، عن كان منذ ثلاثة أجيال وأكثر في العراق، حيث الكثير من المآسي التي حدثت، وإن كان من عشر سنوات في سوريا أيضاً، حيث النزاعات والتدخّلات الإقليمية والدولية وأعمال العنف، وإن كان في لبنان اليوم حيث نعيش هذه الأزمة الخانقة والمخيفة، سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومعيشياً، فضلاً عن الأوضاع الصعبة في بلاد منطقتنا في الشرق الأوسط وسواها من الأماكن حول العالم، ويضاف إلى كلّ ذلك وباء كورونا الذي يجتاح بلدنا والعالم كلّه".

    وتابع غبطته حديثه متأمّلاً سني خدمته البطريركية: "سنوات مرّت على كنيستنا، عليّ وعليكم وعلى إخوتي وأخواتي الذين يشاركون في حياة كنيستنا، من أحبار أجلاء وخوارنة وكهنة وشمامسة ورهبان وراهبات ومؤمنين، سنوات قضينا أكثريتها بالمعاناة، ولكن دائماً بالرجاء وبالاتّكال على ربّنا يسوع المسيح، الراعي الصالح، الذي هو رأس الكنيسة وهو مخلّصنا".

    واعتبر غبطته أنّه "في هذه الذكرى، طبعاً أنا كبطريرك، عليّ أن أراجع ذاتي، أمام ربّنا وأمام ضميري، فأتساءل كيف أدّيتُ خدمتي؟ وهل بقيتُ أميناً للشعار الذي اتّخذتُه "صرتُ كلاً للكلّ" (1 كورنثوس 9: 22)، بمعنى أنّه هل يا تُرى حاولتُ أن أستجيب لآمال وحاجات إخوتي وأخواتي في كنيستنا، إن كانوا من الإكليروس أو من المؤمنين، هل أهملتُ وقصّرتُ بهذه الواجبات. طبعاً لستُ كاملاً ولديّ نقائص، وأعترف أنّي لم أكن أحياناً كثيرةً بالمستوى المطلوب، وأتذكّر دائماً أنّ خدمتنا هي خدمة مجانية، ولا نستطيع أن ندّعي منّةً أو جميلاً لنا على أحد في أيّ عمل نقوم به أو خدمة نؤدّيها".

    وشدّد غبطته على أنّه "إذا كنتُ أنا المسؤول عن الخدمة البطريركية، فيجب عليّ أن أقرّ بضعفي، لأنّ الربّ هو الذي يقوّينا في خدمتنا. وعلينا أن نضع نصب أعيننا كلّ حينٍ أنّنا مهما عَمِلْنا، لا يجب أن ندّعي الفضل لأنفسنا، لأنّنا كلّنا، وكما يقول الربّ يسوع، دُعِينا لنخدم. وإذا خَدَمْنا، علينا أن نُقِرّ بأنّنا خدّامٌ و"عبيدٌ بطّالون" (لوقا 17: 10)، بمعنى أنّ المجال متاحٌ دائماً لتحسين خدمتنا، وإذا كنّا نفتخر بالإنجازات والنجاح الذي تمّ في عهد بطريركيتنا، يجب ألا ننسى مطلقاً أنّ افتخارنا هو بالربّ يسوع، كما يذكّرنا مار بولس رسول الأمم".

    وختم غبطته موعظته بالقول: "نتابع هذا القداس وقلوبنا دوماً منفتحةٌ على نعمة الرب، ونصغي إلى تعليمه، ونَعِدُه أن نطبّق هذا التعليم بحياةٍ صادقةٍ بحسب مقتضيات الدعوة التي دعانا إيّاها ربّنا، فنستثمر الوزنات لخير الكنيسة وخلاص النفوس. ونتذكّر أنّ أمّنا مريم العذراء هي التي تشعر بحاجاتنا، وهي المستعدّة على الدوام أن تلبّينا مهما كانت ظروف الحياة والمعاناة والأمراض والاحتياجات. هي أمّنا السماوية التي تتشفّع بنا، ونحن نسأل الرب يسوع بشفاعتها كي يحمينا ويحمي بلدنا لبنان وإخوتنا واخواتنا في بلدان الشرق وفي العالم كلّه، كي يحلّ فيه السلام والأمان، ضارعين إليه تعالى أن يجعلنا التلاميذ النزيهين والحقيقيين له، هو المعلّم الصالح وراعي الرعاة الأعظم، فنشهد لمحبّته وسلامه بين الجميع كلّ حين، آمين".     

    وقبل نهاية القداس، قدّم الأب حبيب مراد إلى غبطتَه التهنئة بكلمةٍ بنويةٍ، عبّر فيها باسم الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية في العالم، أحباراً وإكليروساً ومؤمنين، وباسم الدائرة البطريركية وأبرشية بيروت، عن المشاعر الصادقة تجاه غبطته، مع أحرّ التمنّيات له بالصحّة والعافية والعمر المديد، منوّهاً إلى أنّ هذه السنة هي سنة يوبيلية لغبطته بامتياز، إذ أنّها سنة يوبيله الأسقفي الفضّي، ويوبيله الكهنوتي الذهبي، وسائلاً الله أن يحفظ غبطته ويديمه في رعاية الكنيسة وتدبيرها، الراعي الصالح للرعية المخلصة والمُحِبَّة له.

    ثمّ منح غبطة أبينا البطريرك البركة الرسولية لآباء الكنيسة السريانية الكاثوليكية وأبنائها وبناتها من الإكليروس والعلمانيين في لبنان وبلاد الشرق وعالم الإنتشار.

    وفي الختام، رنّم جميع الحاضرين النشيد البطريركي: "هب يا إله العالمين، إغناطيوس الراعي الأمين، أيداً لنصر المؤمنين، وامنُن عليه بالظفر. يا ربّي صُن كنيستك، واسكب عليها نعمتك، واحفظ رئيس رؤساء كهنتك، إغناطيوس الراعي الأمين".

    ألف مبروك، ولسنين عديدة.

 

إضغط للطباعة