الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس عيد الشعانين ورتبة تبريك الأغصان في كنيسة مار اغناطيوس في الكرسي البطريركي - بيروت

 
 

    البطريرك يونان: "نصلّي من أجل المسؤولين في لبنان الذين جُعِلوا لخدمة الشعب وليس لامتصاص إمكانياته وموارده"

 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 5 نيسان 2020، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي الحبري بمناسبة عيد الشعانين، وهو عيد دخول الرب يسوع إلى أورشليم، وذلك في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.

    عاون غبطتَه الأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب روني موميكا والأب كريم كلش أمينا السرّ المساعدان في البطريركية، والراهبات الأفراميات، من دون حضور المؤمنين، وقد نُقِل القداس مباشرةً على الصفحة الرسمية للبطريركية على الفايسبوك، وشاركَتْه صفحات الأبرشيات والرعايا والإرساليات السريانية في مختلف أنحاء العالم، كي يتسنّى للمؤمنين في لبنان والعالم المشاركة في القداس، خاصّةً بسبب عدم تمكُّن المؤمنين من الحضور نظراً للإجراءات الوقائية والاحترازية من وباء كورونا.

    في بداية القداس، أقام غبطته رتبة تبريك الأغصان الخاصة بهذا العيد، ليتمّ توزيعها بركةً للمؤمنين ولعائلاتهم ومنازلهم.ثمّ سار غبطته، يتقدّمه الكهنة، في زيّاح بسيط حول المذبح وداخل الكنيسة، وهم يؤدّون الترانيم الخاصة بعيد دخول الرب يسوع إلى أورشليم.

    وبعد الرتبة، ارتجل غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية بعنوان "إن سكت هؤلاء، نطقت الحجارة"، وجّه فيها غبطته التهنئة بعيد الشعانين لجميع المؤمنين في كلّ مكان حول العالم، "حتّى لو كنّا في هذا الزمن الأليم لوباء كورونا الذي تفشّى في العالم كلّه، فنحن نبقى دوماً الشعب المليء داخلياً بالفرح الروحي، لأنّنا نعلم أنّ يسوع الفادي خلّصنا، وهو معنا، وقد وعد كنيسته أن يبقى معها إلى الأبد"، مشيراً إلى أنّ "هذا العيد هو من أقدم أعيادنا في المسيحية، وهنالك نصوص نثراً وشعراً تتغنّى به وباحتفال المسيحيين فيه كمدخل لأسبوع الآلام وعيد القيامة. فالمسيحيون كانوا دائماً مملوءين فرحاً بالعمل الخلاصي الذي أتمّه يسوع، تعبيراً عن أمانتهم وقناعتهم بأنّ يسوع هو المخلّص".

    وتحدّث غبطته عن دخول يسوع إلى أورشليم "بطريقة متواضعة ووديعة جداً، على جحش بن أتان، وهو الحيوان الأكثر وداعةً وبساطةً، وهو أيضاً وسيلة لتنقُّل الناس الفقراء المساكين والبسطاء"، منوّهاً إلى أنّ "يسوع رضي أن يدخل إلى أورشليم في المرحلة الأخيرة لتدبيره الخلاصي بهذه الطريقة، محقّقاً ما تنبّأ عنه زكريا النبي الذي قال: افرحي يا صهيون، فإنّ مخلّصك آتٍ إليك على حجش"، مشيراً إلى أنّ "هذا العيد مخصَّص بشكل خاص للأطفال والأولاد، وهو عيد الفرح والبراءة والصدق"، موجّهاً المعايدة إلى "جميع العائلات: الآباء والأمّهات كي يفرحوا بأولادهم ويعطوهم القبلة، والأولاد والأطفال، لأنّنا لا نستطيع أن نهنّئكم شخصياً هذا العام، وهم يذكّروننا أنّ يسوع يحبّهم، وهو الذي يخلّصنا جميعاً من كلّ أنواع الضيق والمرض والخطيئة".

    وأشار غبطته إلى أنّ "عيد الشعانين هو تذكير لنا بالرحلة الأخيرة ليسوع إلى أورشليم، حيث سيتألّم ويُصلَب ويقوم"، متناولاً قول يسوع "إن سكت هؤلاء نطقت الحجارة"، حسبما جاء في إنجيل القديس لوقا، مذكّراً بأنّ هذا القول "هو تعبير على أنّ الله هو سيّد الكون، وحتّى لو رفض البشر أن يعترفوا بيسوع مخلّصاً لهم، فالخليقة الجامدة والغير الناطقة تعترف بيسوع، وهنا نتذكّر أنّ الله هو سيّد الكون، وهو الخالق والمعتني به، وهو الذي جعل الإنسان يشاركه السيادة على الكائنات الغير الناطقة، لا لكي يستغلّها ويستفيد منها ويلحق الضرر بالآخرين من البشر، بل لكي يرفعها إلى الخالق، ويحافظ عليها، ويشاركها مع الآخرين، حتّى أولئك الضعفاء والفقراء والمحرومين من الشعوب".

    ونوّه غبطته إلى أنّنا "نعيش اليوم زمناً مخيفاً ومرعباً، ووسائل الإعلام تنقل إلينا ما يحدث في العالم، ففي الماضي كانت هناك أوبئة مَرَضية ناتجة عن عوامل الطبيعة والحروب، ولكنّها كانت محصورة في منطقة معيّنة، وكثيرون من المتألّمين من جرائها كانوا بأغلبيتهم من الناس الصعفاء الذين لم يكونوا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم وكانوا محرومين من العناية"، لافتاً إلى أنّ "هنالك الكثير من الناس الأتقياء والقديسين والقديسات كانوا يتفانون ويبذلون كلّ ما بوسعهم لمساعدة المرضى، مقدّمين إليهم ما يحتاجون إليه من عناية كي ينالوا الشفاء بقوّة الرب يسوع، لكنّنا اليوم أمام وباء كوني، لا يطال فقط الفقراء أو الضعفاء، بل أيضاً الكبار والأقوياء في هذا العالم، ولا ينال من الأفراد فحسب، بل من الشعوب كلّها التي بلغت أوج المعرفة والعلم والاختراعات والاكتشافات".

    واعتبر غبطته أنّه "يحقّ لنا أن نتساءل أين الله من عالمنا اليوم الذي وصل إلى كلّ هذا التطوّر والتقدّم، فيما لا يستطيع أحدٌ حتّى الآن أن يجد دواءً شافياً ولقاحاً ناجعاً ومخرجاً آمناً لهذه الأزمة الكونية"، مؤكّداً أنّنا "نتشارك اليوم مع جميع الشعوب التي ابتُلِيت بهذا الوباء، ونحثّ بعضنا البعض على الصبر والاحتمال والتضامن مع الذين أصابهم هذا الوباء، القريبين منّا والبعيدين، ونصلّي من أجلهم، ونبذل كلّ جهدنا، ولو فُرِضَ علينا الحجر المنزلي، ففكّرين بهم ومتضامنين معهم ومصلّين من أجلهم".

    وشدّد غبطته على أنّ "الكنيسة مدعوّة اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى لأداء برسالتها، رسالة إعلان بشرى الإنجيل الخلاصية، أي ألا تكون رهناً للقوى السياسية، ولا ترتهن بالقدرات التي وصلت إليها وسائل الإعلام أو المنظّمات التي تدّعي خدمة الإنسان وهي في الحقيقة تركّز على إبعاد الإنسان عن الله"، مؤكّداً أنّ "الكنيسة مدعوّة اليوم لتكون حقيقةً المبشِّرة بإنجيل الحقّ والمحبّة، دون أن ترتهن لأيّ قوّةٍ في العالم"، مشجّعاً المؤمنين بقول يسوع لتلاميذه: أنا اخترتُكم من العالم ولكنّكم لستم من العالم، وحاثّاً إيّاهم على "عيش دعوتهم اليوم أكثر من أيّ وقت آخر، كي نعلن للعالم أنّ يسوع هو المخلّص الحقيقي، لأنّه جاء إلى عالمنا بوداعته وتواضعه كي يعلّمنا الوداعة والتواضع والتضحية، لا الاستكبار واستغلال الآخرين"، آملاً بروح الرجاء أنّه "لا بدّ أن تتحوّل البشرية إلى جماعة قريبة أكثر من الله والإنسان، فلا تستغلّ الإنسان الضعيف لمآرب سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو مصالح أنانية بحتة".

    وتناول غبطته الأوضاع في لبنان، مشدّداً على الحاجة الماسّة "إلى مسؤولين يخدمون هذا الشعب المجروح في هذا البلد الصغير بمساحته والذي نسعى أن يبقى رسالةً لمحيطه. فعليهم تقع مسؤولية جعله منبراً وعلامةً للحقّ والعدل والتضامن"، رافعاً الصلاة "من أجل هؤلاء المسؤولين الذين جُعِلوا لخدمة الشعب وليس لامتصاص إمكانياته وموارده"، طالباً شفاعة "أمّنا السماوية مريم العذراء، عند ابنها الرب يسوع، كي يشفق علينا ويجعل قلوبنا كالأطفال الذين همّهم أن يعيشوا البراءة والصدق والأمانة ليسوع قبل كلّ شيء"، مبتهلاً إليه تعالى "كي يحمينا ويحمي لبنان وسائر البلدان شرقاً وغرباً، ويحمي جميع أبنائنا وبناتنا في كلّ مكان، وكلّ المؤمنين، فنعود جميعاً ونعيش الرجاء الحقيقي بأنّنا سائرون مع يسوع، وبأنّ مسيرتنا لا تنتهي بالصليب، بل بالقيامة، لأنّ الصليب هو العلامة الحقيقية لانتصار يسوع القائم من بين الأموات".

    وقبل نهاية القداس، ابتهل غبطته إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّه مريم العذراء، كي يمنح الشفاء التامّ للمصابين بوباء كورونا، ويزيل هذا الوباء من العالم، وينعم على الجميع بالخير والبركة والسلام والأمان.

    ومنح غبطة أبينا البطريرك البركة الرسولية لأبناء الكنيسة وبناتها المؤمنين في كلّ أنحاء العالم، متمنّياً لهم جميعاً، وبخاصّة للأطفال، عيداً مباركاً.

 

 

 

إضغط للطباعة