الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بتقديس وتكريس كنيسة سيّدة البشارة للسريان الكاثوليك في مدينة الموصل ويقيم فيها القداس الإلهي

 
 

    في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد 8 كانون الأول 2019، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، برتبة تقديس وتكريس كنيسة سيّدة البشارة للسريان الكاثوليك في المجموعة الثقافية – الجانب الأيسر من مدينة الموصل، العراق، وهي أوّل كنيسة يُعاد بناؤها وتدشينها في مدينة الموصل بعد تحريرها من الإرهابيين، ثمّ أقام غبطته فيها القداس الإلهي بمناسبة أحد ميلاد يوحنّا المعمدان وعيد الحبل بلا دنس.

    استُقبِل غبطتُه استقبالاً حاشداً من الجموع الغفيرة من المؤمنين الذين احتشدوا بفرح عارم للمشاركة في هذه المناسبة الرائعة. فدخل غبطته بزيّاح حبري مهيب إلى الكنيسة التي ازدانت بحلّة العرس البهية، يتقدّمه الأساقفة والكهنة والشمامسة.

    ثمّ ترأس غبطة أبينا البطريرك رتبة تقديس وتكريس الكنيسة، يعاونه فيها أصحاب السيادة: مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – أربيل وسائر إقليم كوردستان، وعدد من الآباء الخوارنة والكهنة من أبرشية الموصل وتوابعها وأبرشية حدياب - أربيل وكوردستان، بحضور ومشاركة جموع غفيرة من المؤمنين غصّت بهم الكنيسة وساحاتها.

    كما شارك في الرتبة صاحب النيافة الكردينال فيليب برباران رئيس أساقفة أبرشية ليون اللاتينية في فرنسا، وصاحب النيافة مار نيقوديموس داود شرف مطران أبرشية الموصل وإقليم كوردستان للسريان الأرثوذكس، وصاحب السيادة ميخائيل نجيب مطران الموصل وعقرة للكلدان، وسيادة المونسنيور Ervin LENGYEL القائم بالأعمال وسكرتير السفارة البابوية في العراق، والمحامي الأستاذ ملحم خلف نقيب المحامين في بيروت – لبنان ومؤسّس جمعية "فرح العطاء" والذي تربطه علاقة وطيدة بكنيستنا السريانية الكاثوليكية في العراق.

    تلا غبطته الصلوات الخاصة برتبة تقديس وتكريس الكنيسة بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، وخلالها قام غبطته بمسح المذبح المقدس بالميرون، وكذلك الواجهة الخلفية للمذبح. وكلّف غبطتُه نيافةَ الكردينال برباران وأصحابَ السيادة الأساقفة بمسح جهات الكنيسة بالميرون المقدس، وسط جوّ من الخشوع والفرح الروحي العابق، مع التصفيق والتهليل والزغاريد.

    ثمّ احتفل غبطة أبينا البطريرك بالقداس الإلهي على مذبح الكنيسة، وبعد الإنجيل المقدس ارتجل غبطته موعظة روحية بعنوان "تعظّم نفسي الرب وتتهلّل روحي بالله مخلّصي"، وجّه خلالها الشكر إلى "صاحب النيافة الكردينال فيليب برباران الذي جاء خصّيصاً من فرنسا ليشاركنا هذه الفرحة، والمحامي الأستاذ ملحم خلف نقيب المحامين في بيروت ومؤسّس جمعية فرح العطاء التي كانت حاضرة معنا في محنتنا في هذه السنوات الأخيرة، وأصحاب السيادة المطارنة، لا سيّما راعي هذه الأبرشية مار يوحنّا بطرس موشي الذي رافقكم في محنكم وبثّ فيكم روح الرجاء رغم كلّ المآسي التي احتملتموها، والخوارنة والكهنة والشمامسة، والرهبان والراهبات الذين رافقونا بصلواتهم وبمشاركتهم الفعلية أثناء المحن التي ألمّت بأبرشيتنا هنا، كما رافقونا في مشروع نهضة كنيستنا في بلدنا المحبوب العراق"، مهنّئاً "الأبرشية باسم راعيها مار يوحنّا بطرس وهذه الرعية باسم كاهنها الأب عمانوئيل كلّو الذي بذل كلّ الجهود لبناء هذه الكنيسة وملحقاتها من دار المطرانية وبيت الطلبة".

    ونوّه غبطته إلى أنّنا "في كلّ زمن ووقت، في المحن والتجارب كما في النجاح والأفراح، نرفع نشيد التسبيح لله الآب السماوي، على مثال أمّنا مريم العذراء، ونحن اليوم نحتفل بعيدها هي المحبول بها بلا دنس الخطيئة الأصلية، متذكّرين أنّ البابا بيوس التاسع أعلن هذه العقيدة الإيمانية بعد أن راجع وأسّس تعليمه على أقوال وتعاليم آبائنا السريان الذين كانوا منذ البدء يعترفون بأنّ هذه الأمّ الطاهرة هي منزَّهة عن كلّ خطيئة، كي تحتضن في أحشائها الطاهرة كلمةَ الآب الأزلي ربّنا يسوع المسيح".

    وأشار غبطته إلى أنّنا "اليوم بحسب السنة الطقسية، نكرّس هذا الأحد لميلاد يوحنّا المعمدان السابق، وهذه كلّها مناسبات مباركة تجعلنا نشكر الرب على كلّ إنعاماته وعطاياه"، مؤكّداً "أنّ الله هو الحقّ ولا يعلو عليه أحد، ولا بدّ للحقّ أن ينتصر، والحقّ هو الرب يسوع المسيح المخلّص، كما أنّ المذبح الذي تأسّس منذ عهد موسى النبي بكلّ الرموز التي يحملها هو مذبح الله، وعليه تُقرَّب القرابين لتمجيد الله وطلب المغفرة".

    وذكّر غبطته بقول الرب يسوع لبطرس "أنتَ الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني بيعتي"، مشدّداً على "أنّ رجاءنا هو أنّ هذه الكنيسة مبنيّة على صخرة لا تتزعزع هي الرب يسوع، إذ ينتابها الألم وتقاسي المحن الكثيرة من كلّ صوب كما جرى لنا هنا، ولكن لا بد من أن ينتصر الحق وتعلو المحبّة فوق كلّ شيء"، مجدّداً "فعل الرجاء الذي لا يخيب بأنّ الرب يسوع معنا، وبأنّ والدته العذراء مريم سيّدة البشارة سترافقنا وتحمينا، وبأنّنا سنبقى شهود الإيمان حتّى في الأيّام الصعبة وفي المحن وأنفاق الظلمة التي علينا أن نجتازها".

    وختم غبطته موعظته ضارعاً إلى الله، بشفاعة أمّه مريم العذراء، "أن يقبل القرابين ويستجيب الصلوات التي تُرفع من هذه الكنيسة المباركة، وأن يحمينا ويحمي العراق الحبيب ولبنان الغالي وسوريا العزيزة وبلاد الشرق كلّها، حتّى نستطيع في كنيستنا الشاهدة والشهيدة أن نحافظ على إيماننا الراسخ وعلى رجائنا الوطيد وعلى محبّتنا التي لا تنفصم ولا تقبل الشروط، لأنّ الله محبّة".

    وألقى نيافة الكردينال فيليب برباران كلمة عبّر فيها عن الفرح الكبير بالمشاركة في هذه المناسبة المباركة، مستذكراً الأيّام الصعبة التي حلّت بالمسيحيين في مدينة الموصل، ومؤكّداً أنّ الرب يسوع يوجد من المحنة خلاصاً، وهو أوصلنا إلى هذا اليوم المبارك الذي فيه نشهد هذا الحدث التاريخي الذي يثبت أنّ المسيحيين هم أصحاب الأرض ولا يمكن اقتلاعهم وسيبقون يشهدون للرب يسوع رغم كلّ التحدّيات والاضطهادات، وهم المثال الحيّ للمسيحيين في كلّ العالم بشهادتهم لإيمانهم المسيحي بالكلمة حتّى الدم.

    وكانت هناك كلمة للسيّد فرج بينوَا، وهو فرنسي ساهم من خلال مؤسّسته في إعادة ترميم الكنيسة، أعرب فيها عن عميق تأثّره بإعادة الحياة إلى هذا المكان المبارك، وبالشهادة الحيّة التي أدّاها ويتابع تأديتها المسيحيون في الشرق عامةً وفي العراق خاصّةً.

    وكان الأب عمانوئيل كلّو قد ألقى كلمة شكر فيها غبطتَه مثمّناً حضوره وترؤّسه هذه المناسبة، شاكراً نيافةَ الكردينال برباران وسيادةَ راعي الأبرشية والأساقفةَ وجميعَ الحاضرين، سائلاً الله أن يكافئ كلّ الذين ساعدوه وتعبوا وساهموا في إنجاز هذا الصرح الكنسي.

    وفي ختام الرتبة، منح غبطة أبينا البطريرك بركته الرسولية للمؤمنين الذين تقاطروا لنيل بركته في جوّ من الفرح والبهجة بهذا الحدث التاريخي. فشكراً لله على عطيته التي لا يعبَّر عنها.

 

إضغط للطباعة