الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بالقداس للإرسالية السريانية الكاثوليكية في مدينة هنكلو - هولندا

 
 

    في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الإثنين ٦ أيّار ٢٠١٩، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي للإرسالية السريانية الكاثوليكية في مدينة هنكلو - هولندا.

    عاون غبطتَه في القداس الأب بيار النادر كاهن كنيستنا السريانية الكاثوليكية في هولندا، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، وشمامسة الإرسالية، بحضور ومشاركة جموع المؤمنين من أعضاء الإرسالية.

    بعد الإنجيل المقدس، ارتجل غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية بعنوان "طعامي أن أعمل مشيئة أبي الذي في السماوات وأتمّم عمله"، عبّر في مستهلّها عن فرحه بالقيام بزيارة إرسالية مدينة هنكلو: "جئنا إليكم لكي نصلّي معكم ونتعرّف عليكم وعلى حاجات هذه الإرسالية".

    ثمّ تحدّث غبطته عن "لقاء يسوع بالمرأة السامرية على بئر يعقوب، فيما ذهب التلاميذ للتسوّق لأنّهم كانوا جائعين. ماذا جرى في الحديث بين يسوع والمرأة السامرية، وكيف تمكّن يسوع أن يجذبها إلى الحقيقة؟"، منوّهاً إلى أنّ "علاقتنا مع الله ليست مرتهنة بالشريعة والناموس أي بالقانون والنظام، ونحن نعرف أنه عندما كان أصحاب الشريعة يتمّمون القوانين التي تُفرَض عليهم، كانوا يعتقدون أنّهم بذلك يكمّلون مشيئة الله"، مشيراً إلى أنّ "بولس الرسول يعتبر أنّ مشيئة الله هي في الارتباط بالله بالروح ومحبّته وطاعته من خلال وصاياه التي منحنا إيّاها بشخص يسوع المسيح، ويسوع المسيح يعلّمنا أنّه جاء لكي يعمل بمشيئة الآب السماوي، وليس لكي يتمّم بعض الشرائع والقوانين فقط".

    وشدّد غبطته على أنّ "إيماننا المسيحي يفرض علينا هذه العلاقة البنوية مع الله الآب السماوي، فعبادتنا لله هي عبادة بالروح، وليست بتتميم بعض الأمور وبعض الشكليات، كالتظاهر أمام الآخرين أنّنا مسيحيون، بينما نحن لا نعيش تعليم يسوع والإنجيل".

    وتوجّه غبطته إلى المؤمنين بالقول: "جميعكم تعرفون أنكم أتيتم من بلاد كانت بلاد الإيمان المسيحي قبل أن تحلّ بها هذه المظالم والاضطهادات والتعنّت والقتل والسبي. نحن أبناء وبنات الله، نريد أن نعيش هذه العلاقة معه تعالى بحسب قلبه القدوس. لكنّكم تتذكّرون أنّ أعظم وصية طلب منّا يسوع أن نطبّقها ونعيشها في حياتنا هي أن نحبّ الله من كلّ قلبنا ومن كلّ نفسنا ومن كلّ قوّتنا، وأن نحبّ القريب مثلما نحبّ نفسنا، لا بل أكثر من نفسنا. إنّ القديسين والقديسات عاشوا المحبّة نحو القريب أكثر ممّا أحبّوا نفسكم، فقد بذلوا وتفانوا وضحّوا من أجل الآخرين الذين يعيشون معهم وحولهم، ولم يكونوا يفرضون نفسهم على الآخرين بطريقة فوقية، جاعلين من أنفسهم أنهم هم الفهماء والأتقياء والغيارى وغيرهم ينقصهم محبّة الله أو الإيمان والغيرة على المسيحية، بل على العكس من ذلك تماماً، فقد تنازلوا عن كرامتهم وذواتهم في سبيل ربح المؤمنين للمسيح".

    وتابع غبطته: "أتيتم اليوم إلى هذا البلد الذي استضافكم، ومن الطبيعي أنه لا أحد يودّ أن يغادر الأرض التي وُلِد فيها، أرض آبائه وأجداده برضاه، لو كان هناك حقيقةً احترام لكم كبشر ولإيمانكم المسيحي الذي ليس هو إيمان الأغلبية في أوطاننا الأمّ في الشرق، ولكنتُم فضّلتم أن تبقوا في بلادكم في الشرق. أمّا الآن فقد جئتم إلى هذا البلد واستقبلوكم وأعطوكم هذا الشيء الذي كان ينقصكم، أي أن تُحترَموا كبشر وكمسيحيين، وتُعامَلوا بالمساواة ويقبلون أن تكونوا مختلفين عنهم بإيمانكم وتحافظوا على إيمانكم".

    وأردف غبطته: "هناك أناس كثيرون نعرفهم يبرعون بالعلم والاكتشافات ويصلون إلى مناصب مالية أو سياسية أو اجتماعية ويبدعون أكثر منكم، أنتم لا تزالون قادمين جدداً، لكن هناك ما يجب أن يميّزكم كمسيحيين قادمين من الشرق، من العراق وسوريا ولبنان ومصر وتركيا، يجب عليكم أن يحبّ بعضكم بعضاً، فلا تعملون على خلق فتنة أو مشاكل، سواء بإرادتكم أو بدون إرادتكم. وعندما تحبّون بعضكم بالشكل الصحيح، وتقبلون آراء الآخرين دون أن تفرضوا أنفسكم عليهم، بل تحترمون بعضكم البعض، عندئذٍ الذين حولكم سيقولون: انطروا كيف يحبّون بعضهم، إنهم حقّاً تلاميذ المسيح وتلميذاته".

    وشدّد غبطته على أنّ "ما يميّزنا أنّنا أبناء وبنات الله الآب السماوي، ونعرف أن نتمّم مشيئته تعالى، وهي أن نعيش المحبّة أينما كنّا، وسواء كنّا قليلي العدد أو كثيرين، أغنياء أو فقراء، أكنّا متزوّجين أو عازبين، يجب أن نعرف أنّ حياتنا على الأرض هي مسيرة نحو الله، مهما كانت ظروفنا، سنبقى كلّنا نشعر بمسؤوليتنا تجاه هذه الكنيسة، هذه الإرسالية في هنكلو، وتجاه عائلاتنا، نفكّر بالأولاد والشباب كيف نعطيهم المثال الصالح ونجعلهم يفتخرون بنا، نحن الآباء والأمّهات، مثلما نحن نذكر آباءنا وأمّهاتنا الذين ضحّوا بالكثير من أجلنا حتى نحافظ على إيماننا المسيحي".

    وختم غبطته موعظته ضارعاً إلى "الرب يسوع القائم من بين الأموات، بشفاعة أمّه مريم العذراء التي نكرّس هذا الشهر، شهر أيّار، لتكريمها، أن يباركنا جميعاً وعائلاتنا وأولادنا وشبيبتنا، حتى نقدر جميعاً أن نكون تلك العائلات المسيحية المبنية على المحبّة، مهما كانت العواصف، شخصية أم خارجة عنّا، فسنبقى الأبناء والبنات الحقيقيين للآب السماوي والعاملين بحسب مشيئته القدوسة".

    وقد ألقى الأب بيار النادر كلمة رحّب فيها بغبطة أبينا البطريرك، مثمّناً زيارته الأبوية ومحبّته الكبيرة التي يغمر بها أبناءه وبناته الروحيين في كلّ مكان، منوّهاً بما يخصّه غبطته من رعاية مميّزة لأبنائه في بلاد الإنتشار، لا سيّما في أوروبا، وسعيه الحثيث لتهيئة أفضل السبل لتأمين الخدمة الروحية لهم رغم كلّ التحدّيات، سائلاً الله أن يمدّه بالصحّة والعافية ويوفّقه في أعماله الجليلة لخير الكنيسة والمؤمنين.

    وبعد البركة الختامية، التقى غبطته بالمؤمنين في قاعة الكنيسة، فنالوا بركته الأبوية والتقطوا معه الصور التذكارية.

 

إضغط للطباعة