الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يلقي محاضرة بعنوان "العائلة المسيحية: مواجهة تهديدات وتحدّيات"، في المؤتمر العالمي الثالث عشر للعائلات، فيرونا، إيطاليا

 
 

    يوم السبت ٣٠ آذار ٢٠١٩، ألقى غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، محاضرة بعنوان "العائلة المسيحية: مواجهة تهديدات وتحدّيات"، وذلك في المؤتمر العالمي الثالث عشر للعائلات، الذي شارك فيه غبطته بدعوة من اللجنة المنظّمة برئاسة الأستاذ أنطونيو براندي، وذلك في مدينة فيرونا، إيطاليا.

    خلال محاضرته، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن التحدّيات التي يواجهها الأهل وأولادهم في أيّامنا هذه، وهم يحاولون عيش دعوتهم المسيحية، والتهديدات التي تتعرّض لها العائلة، تلك الخليّة الحيوية الأولى للمجتمع الإنساني والكنيسة البيتية، مشيراً إلى أنّ ما يقلق اليوم بشكل خاص، هو أنّ هناك عدداً بدأ ينمو باطراد من الشباب الذين يختارون أن يعيشوا المساكنة، لتجنّب ربط علاقة الحبّ المشتركة والخلاقة من خلال سرّ الزواج، وأنّ الأسس الأولية للعائلة تكمن وتتجلّى في الكتاب المقدس وتعليم الكنيسة وفي المبادئ القانونية الدولية والقانون الطبيعي، فالعائلة هي الوحدة الإجتماعية التي تقتضي اتّحاداً حراً ومتكاملاً بين رجل وامرأة.

    ونوّه غبطته إلى أنّ الإيمان المسيحي رفع العائلة الطبيعية إلى سرّ يوحّد بين زوج وزوجة بعلاقة حبّ دائم منفتح على الحياة، هذا الإتّحاد المسمّى "الزواج" هو مجّاني وغير قابل للتجزئة، كما يقول الكتاب المقدس: "لذلك يترك الرجل أباه وأمّه، ويلزم امرأته، ويصير كلاهما جسداً واحداً"، وهذا هو التقليد المعاش المسلَّم من آباء الكنيسة ومن التعليم الكنسي، منذ العصور الأولى للمسيحية.

    وتطرّق غبطته إلى دور وسائل الإعلام الليبيرالية المتحرّرة والمضلِّلة التي تؤلّب ضدّ التعريف الحقيقي للزواج، وتقوم بحرف الحقيقة وتوجيه الرأي العام ضدّ الزواج الطبيعي، منوّهاً إلى أنّه في العائلة الطبيعية والمسيحية، لا يمكن أن يُعتبَر الولد ملكيةً للراشد، لكنّه إنسان لديه الحقّ أن يعيش ويتمتّع بحبّ واهتمام أب وأمّ، فالحبّ في الزواج المسيحي هو متبادَل وخلاق، وليس لذّةً أنانيةً، لافتاً إلى أنه لطالما كانت المرأة حسب تعليم الكنيسة، حتّى في العصور الوسطى، محترَمة ومدافَع عنها ومكرَّمة كزوجة وكأمّ، مستغرباً ما يدعو إليه بعض الإيديولوجيين من تجريم للبلاد الغربية وطعن بحضارتها، متسائلاً: إلى أين كانت ولا تزال هجرة الشعوب المضطهَدة والفقيرة، إن لم يكن إلى البلاد المؤسَّسة على الإيمان المسيحي والمبادئ والأخلاق والقيم النابعة من الإنجيل المقدس، والتي تحترم كلّ إنسان وكلّ ديانة وكلّ عرق، لمجرّد كونه إنسان، ابن وابنة لله؟
    وتطرّق غبطته إلى مخاطر تفكّك العائلة وانعدام الإتّحاد بين الرجل والمرأة ضمن إطار الزواج، من الإدمان على المخدّرات، وضياع الشباب، وتزايد حالات الانتحار، فضلاً عن تقلّص الإنجاب.

    وشدّد غبطته على دعوة العائلة المسيحية كي تكون قائدةً، معلّمةً ومبشّرةً، قائدة تتمّم مسؤوليتها في المشاركة بالحبّ الخلاق لله، وفي الدفاع عن القيم المسيحية والثقافية والحضارية، معلّمة تلتزم بمرافقة الأولاد وتثقيفهم بالأمانة الحقّة للإنجيل، وبالحفاظ على الحقّ البديهي للأولاد لينشأوا في كنف أب وأمّ، ومبشّرة تشهد للرب يسوع بالفكر والكلام والعمل، وتنشر بشارته ورسالته السامية بين الناس، جميع الناس، إذ أنّ الجميع يحقّ لهم التعرّف على يسوع كمخلّص شخصي لهم، لأنه جاء إلى العالم من أجل خلاص جميع الناس.

    وتناول غبطته أهمّية الشهادة التي تؤدّيها العائلات المسيحية في الشرق، حيث المسيحيون يعانون من أعمال العنف والإضطهاد والإرهاب والإقتلاع، إلا أنّ هذا يزيدهم إيماناً ورجاءً ومحبّةً، لأنهم أبناء وبنات الله، وقد أعطوا ويعطون حياتهم من أجل المسيح، وهم يفتخرون أنهم أبناء وأحفاد الشهداء، إذ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلمة الله.

    وختم غبطته محاضرته ضارعاً إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّه مريم العذراء، أن يقوّينا كي نرعى العائلة وندافع عنها ونربّي الأجيال الطالعة كي يكونوا أبناءً وبناتٍ حقيقيين لله، ونولي العائلة المؤسَّسة على الزواج أهمّيةً بالغةً لأنها تحمل رسالةً خاصّةً للعالم بأسره على حدّ تعبير قداسة البابا فرنسيس، فلا نخجل بأننا مسيحيون بل نعلن ذلك جهراً. وسأل غبطته جميع الحاضرين أن يصلّوا من أجل أن يبقى الوجود المسيحي ثابتاً وراسخاً في الشرق، لأنّ في زواله خسارة كبرى ليس فقط للكنيسة في الشرق، بل للعالم بأسره.

    والجدير بالذكر أنّ كلام غبطته قوطع بالتصفيق الحارّ مراراً وتكراراً من آلاف المشاركين في المؤتمر والمحتشدين في القاعة الكبرى، والذين تفاعلوا بتأثّر مع كلام غبطته.

    وقد كانت لغبطته على هامش أعمال المؤتمر أحاديث إعلامية عديدة لمختلف ممثّلي وسائل الإعلام المحلّية والدولية حول أهمّية العائلة المسيحية المرتكزة على الإتّحاد بين رجل وامرأة، على أساس الحبّ، وبُغية مشاركة الله في الخلق بإنجاب الأولاد وإنشاء جيل صالح يخدم الله والكنيسة والمجتمع والوطن.

    هذا وقد شارك أيضاً في المؤتمر حشد كبير من المسؤولين والفعاليات من إيطاليا ومن دول عدّة أوروبية وأميركية، وكان أبرزهم السيّدMatteo SALVINI نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي، والسيّدMarco BUSSETTI  وزير التعليم والجامعات والأبحاث الإيطالي، والسيّدLorenzo FONTANA وزير العائلة وذوي الإحتياجات الخاصة الإيطالي، وعدد من اعضاء مجلس الشيوخ والمسؤولين في فيرونا وفي إيطاليا، وصاحبا السيادة المطرانGiuseppe ZENTI أسقف أبرشية فيرونا اللاتينية، والمطرانSalvatore CORDILEONE  رئيس أساقفة أبرشية سان فرنسيسكو اللاتينية في الولايات المتّحدة الأميركية.
    وقد ألقيت كلمات عدّة شدّدت على أهمّية حماية العائلة المكوَّنة من أب وأمّ وأولاد، ووجوب الحفاظ عليها كنواة أساسية للمجتمع.

    ورافق غبطةَ أبينا البطريرك للمشاركة في هذا المؤتمر، الأب رامي قبلان الزائر الرسولي في أوروبا، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية.

 

إضغط للطباعة