الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء) في كنيسة مار يوحنّا المعمدان، قره قوش (بغديده) - العراق

 
 

    في تمام الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الأحد ٢٥ آذار ٢٠١٨، ترأس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، الإحتفال برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء)، والتي تقام مساء يوم الأحد مدخل أسبوع الآلام، وذلك في كنيسة مار يوحنّا المعمدان، قره قوش (بغديده)، العراق.

    شارك في الرتبة أصحاب السيادة: المطران ألبيرتو أورتيغا السفير البابوي في العراق والأردن، والمطران مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وكركوك وكوردستان، والمطران مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي وأمين سرّ السينودس المقدس، والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة، وجمع غفير من المؤمنين من أبناء الرعية.

    بدايةً، ترأس غبطته صلاة الرمش (المساء)، ثمّ احتفل برتبة النهيرة، وهي رتبة يتمّ فيها استذكار مثل العذارى الحكيمات اللواتي كنَّ مستعدّات للقاء العريس، ويمتاز بها الطقس السرياني الأنطاكي.

    تخلّلت الرتبة القراءات المقدّسة من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وبخاصة مثل العذارى الحكيمات والجاهلات، وكذلك الترانيم السريانية الشجيّة بلحن الآلام.

    وفي موعظته، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "هذا المثل الذي أعطاه يسوع قبيل انطلاقه إلى الآلام، مثل العذارى الخمس الحكيمات والخمس الجاهلات، وفيه يذكّر الربُّ يسوعُ التلاميذَ ويذكّرنا بمجيئه الثاني، كي نكون مستعدّين دوماً لنقبله في مجيئه الثاني بالمجد".

    وشرح غبطته المثل: "يسمّي الإنجيلي متى المسيح القادم في مجده العريس وهو عريس الكنيسة، والمؤمنون ينتظرون هذا العريس بجوّ من الفرح. للأسف هناك من هم جاهلون ومهتمّون بأمور الدنيا، غير متهيّئين كي يقبلوا المسيح العريس، وهذا ما عناه يسوع بالعذارى الخمس الجاهلات، والعذارى الأخريات كنَّ مستعدّات بالأعمال الصالحة، ينتظرنَ العريس وهنّ مهيّآت بكلّ ما يطلبه العرس".

    وتابع غبطته: "يذكر المثل أنّ العذارى كنّ ينتظرنَ يسوع مع المصابيح، لأنّ الإنجيلي متى يذكر أنّ العريس يأتي في الليل، لذلك كان عليهنَّ أن يتحضّرنَ بالمصابيح، كي يستقبلنَ المسيح العريس. ونعرف كيف تمّت مراحل هذا المثل: الخمس الجاهلات للأسف ما كنّ منتبهات أنّ المصابيح كان ينقصها الزيت، وذهبنَ ليبتعنَ الزيت، ولكنّ كان الموضوع متأخّراً، فلمّا رجعنَ مع الزيت كان العريس قد دخل إلى العرس، بمعنى أنّ العرس ابتدأ بمجيء العريس ودخوله".

    ونوّه غبطته إلى أنّ "هذا المثل مؤثّرٌ جداً، ويستعمله يسوع ذاكراً أنّ مستقبلي العريس كنّ من العذارى. وهنا يمكن القول أنّ يسوع لم يكن يميّز بين الرجل والمرأة، بل كانت مع يسوع والتلاميذ دائماً نسوةٌ يرافقْنَهم، وهنَّ اللواتي بقينَ أميناتٍ حتى الصليب. فعلى أقدام يسوع كانت مريم أمّه ومريم المجدلية ومرم أم يعقوب ويوسي وأم ابني زبدى ويوحنا الحبيب فقط، وكذلك نعرف أنّ من شهد للقيامة كنَّ النساء أولاً"، مشيراً إلى أنّ "هذا المثل يعلّمنا أن نكون دائماً متيقّظين، أي أن تكون دائماً في جعبتنا الأعمال الصالحة التي ستبرّرنا أمام منبر المسيح".

    وتطرّق غبطته إلى وضع المسحيين في العراق، شاكراً "الله الذي، رغم كلّ المحن والآلام والتحدّيات، منحنا فضيلة الرجاء، أننا من الحرائق نستطيع أن نُخرِج الضوء والنور، ومن النفق المظلم الذي مررنا فيه سنستقبل النور، ومن كلّ الشرور التي حلّت بنا والتي فُرِضت علينا ظلماً، سنستطيع أن نجعل من هذه الأعمال الشرّيرة حقيقةً صلاحاً وتبريراً لنا وللجماعة المسيحية الموجودين ضمنها، وهنا في قره قوش بشكل خاص".

    وأردف غبطته قائلاً: "نستطيع أن نقول إنّ أكبر تجمّع مسيحي في العراق هو هنا في سهل نينوى وبخاصة في قره قوش، والذي يريد أن ينفي هذا الشيء، فليأتِ إلى قره قوش ويعاين هذا الإيمان في قلوب ونفوس الشعب المسيحي فيها، وهذا الإيمان هو الذي يجعل من هذه الجماعة المسيحية في قره قوش حقيقةً لؤلؤةً وكنزاً ثميناً للمسيحية في العراق. ولذلك نحن وجميع الرعاة والمحبّين لكم نقول: صحيح هناك صعوبات كثيرة وتحدّيات أكثر وأكثر، ونواقص كثيرة، ومسروقات وبيوت وكنائس مهدومة ومحروقة، ومؤسّسات لم تعد موجودة، لكن اليوم يدفعنا الرجاء أن نقول: يا رب أنت قلت لنا لا تخافوا أنا معكم".

    ووجّه غبطته الشكر إلى سيادة راعي الأبرشية مار يوحنّا بطرس موشي "الذي عاد إلى قره قوش وأراد أن يبقى ومعه الكهنة والرهبان والراهبات، حتّى يقولوا لنا بأنه يجب علينا ألا نخاف، بل أن نتشبّث بأرضنا".

    وختم غبطته موعظته طالباً "من الرب أن يساعدنا بنعمته كي نبقى دوماً أهلاً لنستقبله عريساً وربّاً ومخلّصاً، وهكذا نكون حقّاً مدعاة فخرٍ لأولادنا وشبيبتنا، أننا لا نزال شعب الرب الأمين الذي يحيا بالمحبّة المتبادلة والشهادة لإنجيل السلام أينما كنّا، سيّما هنا في سهل نينوى، في قره قوش، وفي العراق".

    ثمّ طاف غبطته بموكب حبري مهيب داخل الكنيسة في ثلاث دورات، يتقدّمه الأساقفة والإكليروس، ليتوجّهوا بعدئذٍ ومعهم جميع المؤمنين إلى خارج الكنيسة، حيث وقفوا جميعاً خلف غبطته أمام الباب الرئيسي للكنيسة. فأقام غبطته بعض الصلوات، ورنّم الإكليروس الترنيمة الكنسية المؤثّرة: عال هاو ترعو بارويو" (على الباب الخارجي)، وترجمتها: أمام الباب الخارجي كان شمعون (سمعان بطرس) واقفاً وهو يبكي، ويقول: ربّي افتح بابك أنا تلميذك، إنّ السماء والأرض تبكيان عليّ، فقد أضعتُ مفاتيح الملكوت.

    وجثا غبطة أبينا البطريرك أمام الباب الخارجي وقرعه ثلاثاً بالصليب، قائلاً: تَرعو درحميك (باب مراحمك)، ثمّ فُتِحَ الباب ودخل الجميع إلى الكنيسة. ومنح غبطته البركة الختامية لجميع الحاضرين الذين تقدّموا منه فنالوا بركته الأبوية لهم ولعائلاتهم.

    وكان كاهن الرعية الأب اسطفانوس الكاتب قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطته، مثمّناً زيارته الأبوية التاريخية إلى قره قوش، ومعرباً عن امتنان كلّ شعب وأهالي البلدة لغبطته على لفتته الأبوية هذه. وأثنى على أعماله البطريركية الجليلة، متمنّياً له دوام الصحّة والعافية بالنجاح والتوفيق.

  

 

إضغط للطباعة