الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يصدر رسالة أبوية عن زيارته الراعوية والرسمية إلى العراق

 
 

    يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل للرسالة الأبوية التي وجّهها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلي الطوبى، إلى الأساقفة والكهنة والإكليروس والمؤمنين، وفيها تناول زيارته الراعوية والرسمية إلى العراق التي قام بها من 6 حتى 14 شباط 2015:

 

الرقم: 75/2015

التاريخ: 15/2/2015

 

إلى إخوتنا الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الإحترام وأولادنا الخوارنة والكهنة

والشمامسة والرهبان والراهبات الأفاضل وجميع أبنائنا وبناتنا المؤمنين المبارَكين بالرب

اللائذين بالكرسي البطريركي الأنطاكي في لبنان وبلاد الشرق وعالم الإنتشار

 

    نهديكم البركة الرسولية والمحبّة والدعاء والسلام بالرب يسوع، ونقول:

    يهمّنا أن نكتب إليكم لنطلعكم على تفاصيل الزيارة الراعوية والرسمية التي قمنا بها لتفقُّد أبنائنا وبناتنا في العراق، وتشديد عزيمتهم في هذه الأزمنة العصيبة، وذلك في الفترة الممتدّة من ظهر الجمعة 6 شباط حتّى مساء السبت 14 شباط الجاري 2015، وقد رافقَنا في هذه الزيارة سيادة أخينا الحبر الجليل مار باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي والزائر الرسولي على أوروبا، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية.

    توجّهنا أوّلاً إلى بغداد، حيث استقبلَنا في المطار صاحبا السيادة الحبران الجليلان مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وكركوك وكردستان، اللذان رافقانا طيلة زيارتنا إلى العراق، إضافةً إلى عددٍ من الكهنة من أبرشيتي بغداد، والموصل وكركوك وكردستان.

    في بغداد، ومن 6 حتى 9 شباط، زرنا فخامة رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ووزير الهجرة والمهجَّرين محمّد جاسم، والسفير الأميركي ستيوارت جونز، وكان بمعيّتنا الأستاذ يونادم كنّا عضو البرلمان العراقي، والسيّد رعد جليل كجه جي رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى.

    كما تفقّدنا دار بيت عنيا للمرضى والمسنّين، واحتفلنا بيوم المريض العالمي في كاتدرائية سيّدة النجاة بالكرّادة، وزرنا النازحين في مركز الحركة الديمقراطية الآشورية، ومدرسة المكاسب، ورعيتَي مار يوسف بالمنصور، ومار بهنام بالغدير.

    ثمّ انتقلنا إلى أربيل حيث زرنا أبناءنا النازحين والمهجَّرين من الموصل وسهل نينوى إلى إقليم كردستان، من 9 حتى 14 شباط. فنفقّدنا النازحين في زاخو ودهوك وبيرسيفي وليفو والسليمانية وكويسنجق وأرموته وكركوك وعنكاوا وفي نشتيمان وجيهان بأربيل وسواها.

    وأعلّنا تسميةً جديدةً لأبرشية الموصل وتوابعها، هي "أبرشية الموصل وكركوك وكردستان"، وعقدنا اجتماعاً عاماً لكهنة الأبرشية، ولقاءً موسّعاً لممثّلي العشائر والأحزاب من أبناء شعبنا، تداولنا في كلٍّ منهما أوضاع شعبنا في الظروف العصيبة الراهنة والآفاق المستقبلية، ودعونا أبناءنا الكهنة والعلمانيين إلى توحيد الجهود لما فيه تأمين فرص الحياة الكريمة الآمنة لأبنائنا بعد تحرير أراضينا بإذنه تعالى.

    وزرنا وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان كريم سنجاري، ومحافظ دهوك فرهاد الأتروشي، وزارنا في مقرّ إقامتنا محافظ الموصل أثيل النجيفي، والتقينا محافظ أربيل نوزات هادي، ورافَقنا في كلّ زياراتنا في إقليم كردستان السيّد خالد ألبير مدير ديوان الوقف المسيحي في كردستان.

    كما التقينا لعدّة مرات بغبطة أخينا مار لويس روفائيل الأوّل ساكو بطريرك بابل على الكلدان، وسيادة السفير البابوي في العراق المطران جورجيو لينغوا، وعددٍ من إخوتنا أصحاب السيادة والنيافة مطارنة الكنائس الشقيقة الكلدانية والسريانية الأرثوذكسية والمشرق الآشورية في بغداد وفي إقليم كردستان. 

    وفي كلّ لقاءاتنا ومواعظنا وأحاديثنا، شدّدنا أبناءنا وشجّعناهم على الثبات والصبر وانتظار الفرج من الرب الذي لا يخيّب المتّكلين عليه. وأثنينا على جهود المخلصين والخيّرين من أساقفة وكهنة وعلمانيين ومحسنين في دعم صمود أبناء شعبنا رغم هول المحنة العصيبة التي ألمّت بهم، مؤكّدين وقوفنا إلى جانب أبنائنا وبناتنا الراسخين والصامدين في العراق، ومجدّدين تضامننا معهم وسعينا إلى تأمين خدمتهم مع رعاتهم الروحيين من أساقفة وكهنة بكلّ ما أوتينا من طاقات وإمكانيات، رغم صعوبة الظروف.

    كما أكّدنا أنّ ما أصاب أبناء شعبنا في الموصل وسهل نينوى ليس أحداثاً عادية، وإنّما نكبة عظيمة ومحنة عصيبة نصلّي أن ينهيها الرب بأسرع ما يكون. وطالبنا المسؤولين في بغداد وفي إقليم كردستان بالعمل الحثيث وبذل الجهود لتحرير أراضينا وتأمين عودة أبنائنا إليها بعيشٍ كريم وحماية وضمانات. ووجّهنا نصيحةً ودعوةً أبويةً لأبنائنا النازحين والمهجَّرين ألا يفقدوا الأمل، إذ إنّنا نتشبّه بمعلّمنا الإلهي الذي قاسى الآلام، وانتصر عليها. وناشدنا أبناء شعبنا ألا ييأسوا، بل أن يبقوا أبناء الرجاء، وذكّرناهم أنّ آباءنا عانوا على مرّ العصور الإضطهاد والآلام وتناقص عددهم في بلدان الشرق، لكنّنا لن نفقد ثقتنا بالغلبة بربّنا يسوع بالرغم من كلّ ما حلّ بنا.

    كما أعلنّا على الملأ أنّنا لسنا أهل ذمّة ولا نستجدي وجودنا وحياتنا من الآخرين، بل نحن أبناء الأرض الأصليون. وطالبنا المسؤولين في حكومة إقليم كردستان أن يساعدونا، بعد تحرير أراضينا إن شاء الله، كي نقيم إدارةً ذاتيةً لشعبنا في مناطقنا وأراضينا. واستذكرنا بفخرٍ وعزاءٍ قداسةَ البابا فرنسيس الذي لا يألو جهداً للتحدّث عن أوضاعنا في الشرق والدعوة إلى حلّ هذه الأوضاع المتأزّمة على أساس العدالة والمساواة والدفاع عن الحقوق الإنسانية المدنية للجميع، حتى يشعر كلّ مواطنٍ بكرامته الإنسانية في وطنه.

    كما أشرنا إلى أنّنا لسنا طلاب حكمٍ أو امتيازات، وإنما نطالب بحقوقنا الإنسانية الطبيعية كمواطنين أصيلين في الشرق الأوسط. وناشدنا جميع المسؤولين توجيه المعنيين بضرورة الإبتعاد عن التطرّف في الخطاب الديني وإعمال مبدأ الفصل بين الدين والدولة، فالدين لله والوطن للجميع.

    وذكرنا عملنا الدؤوب كي نخفّف آلام النازحين، إذ طرقنا ولا نزال نطرق كلّ الأبواب، من محسنين محلّيين وكنائس ومؤسّسات عالمية، كما لم نفّوت فرصةً للمشاركة في مؤتمراتٍ عالميةٍ لإعلاء صوت شعبنا المسيحي في الشرق، مؤكّدين أنّ على الغرب أن يدافع عن حقوق مسيحيي الشرق إن أرادوا لهم أن يبقوا في الشرق، لا أن يُشتروا بالبترول ويغطّوا ببعض الكلمات المنمّقة أهداف مموّليهم. لذلك نحن لا نفوّت فرصةً في الموتمرات للمناداة بهذا الموضوع، ولا نسكت عن ذلك أبداً. ونوّهنا أمام رؤساء الكنائس الشقيقة إلى أنّنا نحن الكنائس المشرقية السريان الكاثوليك والسريان الأرثوذكس والكلدان والمشرق الآشوريون لم يعد لدينا ما نخسره، لذا علينا أن نطالب ونجاهر بحقوقنا على الملأ معلنين قضيتنا أمام العالم كلّه.

    هذا ما وجدنا أنه من الواجب علينا أن نعلمكم به، والله نسأل أن يمنّ على شرقنا الغالي والعالم بالسلام والأمان، خاصةً على أبنائنا في العراق وسوريا، متضرّعين إليه تعالى ومتّحدين معكم ومع جميع ذوي الإرادات الصالحة بالصلاة كي يسرّع عودة النازحين والمهجَّرين والمقتلَعين قسراً إلى ديارهم، كي تبقى جذوة الإيمان المسيحي وقّادةً في أرض الآباء والأجداد.

    نرجو أن تصلّوا من أجلنا كي يوفّقنا الرب أن نكون الشهود الحقيقيين لإسمه بالمحبّة والحقيقة على الدوام. والنعمة معكم.

 

    اغناطيوس يوسف الثالث يونان

    بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي

 

إضغط للطباعة