الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
النص الكامل للترجمة العربية لكلمة الكردينال ليوناردو ساندري خلال الاحتفال بتكريس المذبح والقداس الاحتفالي الأول في كاتدرائية سيّدة النجاة ببغداد

 
 
   

    ننشر فيما يلي النص الكامل للترجمة العربية للكلمة التي ألقاها نيافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، خلال الاحتفال بتكريس المذبح والقداس الاحتفالي الأول في كاتدرائية سيّدة النجاة ببغداد، بعد ظهر السبت 15 كانون الأول 2012:

 

    أصحاب الغبطة، سيادة السفير البابوي، إخوتي في الأسقفية والكهنوت، إخوتي وأخواتي بالرب

   أجدّد تحياتي الطيّبة لنيافة الكردينال عمانوئيل دلي بطريرك الكنيسة الكلدانية، ولغبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية، ومعهما رئيس الأساقفة المطران يوسف عبّا وسلفه المطران متي متوكه، في اليوم الذي نشارك بارتياح كبير مع جميع المؤمنين السريان الكاثوليك والمسيحيين في العراق والعالم، في تقديس وتجديد كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد.

    كما أحيي السلطات المدنية، وممثّلي الكنائس الأخرى والجماعات المسيحية، والأصدقاء المسلمين. هذا اليوم هو بالحقيقة يوم فرح لجميع الشعب! نعلن إيماننا بالله الواحد والثالوث، إله المجد الذي صار بشراً بقوّة الروح القدس.

    نشكر الله، إخوتي وأخواتي الأعزاء، من كلّ القلب، ونجدّد في سنة الإيمان هذه كلّ اتّحادنا بالمسيح، ربنا وإلهنا، في الكنيسة الكاثوليكية المقدسة.

    إنّ نور الميلاد الذي أضاء المسكونة بأنواره الإلهية، ينير دربكم ويقود خطواتكم للسلام والمحبة، وللعيش الأخوي المشترك مع جميع المؤمنين من الديانات الأخرى. وهنا لا بدّ لي من أن أهنّئكم بأعياد الميلاد والسنة الجديدة، مع الصلاة التي أرفعها إلى الرب وأمّه الكلية القداسة، لأجل كلّ واحد منكم، رعاةً ومؤمنين.

    وما يجعل فرحنا أكثر هو حبيبنا البابا بندكتوس السادس عشر القريب منّا، فهو يستمطر البركة الرسولية على جميع المشاركين في هذه الرتبة المقدسة. ويقدّمها بشكلٍ خاص إلى الأكثر ضعفاً، وإلى المتألّمين، والشيوخ، إلى الأشخاص المشاركين المتروكين. قلبه الأبوي يفكّر بالعراقيين، الذي يعيشون في بلدهم وسط التحدّيات، وإلى الكثيرين الذي هم في طرق العالم يبحثون عن الإيمان والكرامة.

    إنّ قداسته قريبٌ وبشكلٍ خاص من شبابكم الأعزاء، وذلك لكي يكون المستقبل مضموناً لهم. إنّ عنايته ترغب في إزالة آلام أبناء وبنات جميع الديانات التي ابتلت بسبب العنف الأعمى. أمام مسؤولي الشعب هو يجدّد نداءه: احترام حقوق كلّ فردٍ هو فرضٌ أساسي للعيش المشترك.

    تبقى غير منسيّة كلمات الأب الأقدس التي أعلنها في صلاة التبشير الملائكي في الأول من تشرين الثاني 2010. كان اليوم التالي للحادث الخطير: "أرفع الصلاة لراحة نفوس ضحايا هذا العنف العبثي والوحشي، لكونه ضرب أشخاصاً أبرياء اجتمعوا للصلاة في بيت الله الذي هو بيت المحبة والمصالحة". كما شجّع المسيحيين ليكونوا أقوياء وراسخين بالرجاء، مجدّداً الصلاة من أجل السلام الذي "هو عطية من الله، ولكونه أيضاً نتيجة تضافُر جهود الناس ذوي الإرادة الصالحة والمؤسسات الوطنية والهيئات الدولية. فلتتوحّد الجهود كي تضع حدّاً لكلّ أشكال العنف!".

    هذا هو محتوى صلاة اليوم، التي نرفعها بثقةٍ إلى الله الكلّي القدرة! بينما واحد تلو الآخر، ابتداءً من أحبائنا الكهنة، نتذكّر كيف فقدوا حياتهم في هذا المكان المقدس، مقدّمين ذبيحة المسيح، الضحية المذبوحة والممجّدة. إننا نشعر بقربهم وسهرهم على عائلاتهم وجماعتهم الكنسية، مصلّين من أجل الكنيسة الجامعة، ومن أجل وطنهم العراق، ومن أجل الشرق والغرب.

    إنّ تضحيتهم لم تكن عبثًا، إنّ الرب مجّد ابنه يسوع بقوة الألم الخلاصي.

    هذا اليوم وهذا الهيكل المقدس المشعّ كانوا مهيَّئين من حبّ الله، الذي لم ينسَ تضحيتهم، والذي أعطى الصوت لسكوتهم البريء.

    الموت لم يطفئ التسبيح لله، الذي في ابنه المصلوب والقائم، هو أقوى من الموت. إنّ أشعيا نبيّ المجيء يعزّينا: "فيا شعب الله لا تبكِ بكاءً: عند صوت صراخك حالما يسمعك يستجيب لك". (أشعيا 30/19).

    عندما يريد العنف الأعمى أن يطفئ ضوء النهار ليجعلنا نسقط في الليل، يطرح سؤال النبي نفسه: "يا حارس، ما الوقت من الليل؟"، أتدوم إلى الأبد هذه الليلة؟ لا إخوتي وأخواتي الأعزاء! "الصباح آتٍ!". لكن لكلّ واحدٍ منّا تُوجَّه دعوةٌ واضحةٌ: فاسألوا، ارجعوا تعالوا... إلى الرب". (أشعيا 21/11-12).

    ما هي التركة لأولئك الذين نحبّهم كثيراً واليوم نتذكّرهم؟

    المحبة! تلك التي تأتي من الله! المحبة التي: "هي تصبر... لا تغضب، ولا تسعى إلى منفعتها. وهي تعذر كلّ شيء، وتصدّق كلّ شيء، وترجو كلّ شيء، وتتحمّل كلّ شيء". (1قور 13/4-6).

    الأسقف الكبير والشهيد مار جبريانو يعلّمنا بأنّه: "لا يمكن حفظ لا الوحدة ولا السلام إذا لم يدعم الإخوة بعضهم بعضاً مع التحمّل المتبادل، ولم يحتفظوا برباط الوئام والصبر".

    محتفلاً بالبازيليك الفاتيكانية (مار بطرس) مع بطريرككم في صلاة الترحّم بعد شهرٍ من الحادث الأليم (25/11/2010)، وأثناء التقادم، استلمتُ الكأس المقدس من يدين مرتعشتين لأحد شبابكم الناجي من ذلك الألم. كانت عيناه تقطّران دمعاً!

    مع عاطفة ذلك اليوم، أسلم بعد قليل الكأس، الذي هو هدية الأب الأقدس والمبارك منه للكاتدرائية المجدَّدة.

    ليكون كأس محبة المسيح! كأس التعزية والفرح، بحيث يحلّ النشيد الميلادي في كل مكان: "المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر".

 

 

 

إضغط للطباعة