الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
وداع رسمي وشبابي حافل لقداسة البابا في مطار بيروت

 
 
   

    ودّع لبنان الرسمي قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت، في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الأحد 16 أيلول 2012، بعد زيارته التاريخية التي رسَّخت فصلاً تاريخياً من ربيع السلام المنتظَر في لبنان والعالم العربي.

    فبعد إتمام الاستعدادات الإدارية والتقنية والأمنية واللوجستية في مطار الرئيس رفيق الحريري لإنجاز الوداع الرسمي في المطار، بدأت الوفود الدبلوماسية والوزراء والنواب بالتوافد. وشقّ الطريق إلى الباحة الرسمية البطاركة الأربعة، غبطة أبينا مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام، وبطريرك اللاتين فؤاد طوال، ووفد الكرادلة والأساقفة الذين رافقوا البابا من الفاتيكان، والأساقفة والكهنة.

 

    وحضر دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني الأستاذ نجيب ميقاتي وزوجته، والرئيس أمين الجميّل وزوجته، والسيدات صولانج الجميل، منى الهراوي ونايلة ومعوض، قائد الجيش العماد جان قهوجي، وممثّلون للطوائف الإسلامية، وقيادات عسكرية وأمنية وشخصيات دبلوماسية.

 

    وفي تمام السادسة والنصف، توجّه قداسة البابا إلى المنصّة، يرافقه فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان والسيدة الأولى وفاء سليمان، وبعد الانتهاء من المراسيم البروتوكولية للزيارة، ألقى الرئيس سليمان كلمةً جدّد فيها "وعدنا لقداستكم، السعي بعزم وثبات كي يبقى لبنان بلد حوار وتلاقٍ وانفتاح، ومشاركة متكافئة لجميع مكوّنات شعبه في الحكم وإدارة الشأن العام، وشاهداً للحق وللعيش معاً، على قاعدة الثوابت الوطنية والاحترام المتبادل والقيم".
    وأكّد فخامته أنّ "الحاجة تبدو قائمةً للمضيّ قدماً في طريق التزام ما تضمّنه الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" من إرشادات وتوصيات، في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والانطلاق الروحي المتجدّد والعناية بشؤون الشبيبة ومستقبلها". وأشار إلى أنّ "الحاجة تبرز اليوم للانخراط بكثيرٍ من الوعي والعزم، في مقاصد ما أودعتموه من إرشادٍ رسولي جديد، للسينودس الخاص بمجمع الأساقفة من أجل الشرق الأوسط، ومن توصيات تدعو إلى التعلّق بالأرض والهوية والحرية، وللنهوض بإنسانيتنا إلى آفاق التسامح والتضامن الاجتماعي، والاحترام العميق للآخر وتمايزه، ونبذ الفتنة والعنف، وتحقيق سلامٍ راسخ في القلب، يفيض نمط حياةٍ لشعوب المنطقة".

 

    أما قداسة البابا، فوجّه شكره "الخاص إلى كلّ الشعب اللبناني الذي يشكّل فسيفساء غنية ورائعة، والذي استطاع أن يظهر لخليفة بطرس حماسته، من خلال المساهمة المتعدّدة الأشكال والخاصّة بكلّ جماعة".

    وشكر "بحرارة، الكنائس الشقيقة والجماعات البروتستانتية والطوائف الإسلامية المحترمة". وقال: "طوال فترة زيارتي، استطعتُ أن أستنتج كم ساهم حضوركم في إنجاح زيارتي. العالم العربي والعالم برمّته شاهد في هذه الأوقات المضطربة، مسيحيين ومسلمين مجتمعين للاحتفال بالسلام".

    وتمنّى قداسته للبنان "الاستمرار في السماح بتعدّدية التقاليد الدينية، وألا يصغي لأصوات الذين يريدون منعها. أتمنّى للبنان أن يعزّز الشراكة بين جميع سكّانه، بصرف النظر عن طوائفهم وأديانهم، بالرفض القاطع لكلّ ما قد يدفع للتفرقة، وباختيار الأخوّة بحزم. هذه هي الزهور التي يسرّ بها الله، والفضائل الممكنة والتي ينبغي تعزيزها وتجذُّرها باستمرار".

    وتوقّف قداسته عند مكانة "العذراء مريم، المكرَّمة بإخلاص ووقار، من مؤمني الطوائف الدينية الحاضرة هنا، وهذا مثالٌ أكيدٌ للتقدُّم برجاءٍ في طريق أخوّة معاشة وأصيلة. وقد فهمه لبنان جيّداً بإعلانه، منذ مدّة قصيرة، يوم 25 آذار عطلة رسمية، سامحاً بذلك لكلّ سكّانه بعيش وحدتهم في الطمأنينة".

    وختم قداسته قائلاً: "إنها زيارة لا تُنسى، ولن تُمحى من ذاكرتي، وقد شعرتُ بعمق الإيمان المتأصّل في قلوب اللبنانيين وبمدى الانضباط الذي يتحلّون فيه".


    وشعر الشباب الذين جاؤوا بعفوية لافتة إلى المطار أنّ البابا حمّل السياسيين ورجال الدين المسيحيين والمسلمين أمانة غالية على قلبه اسمها لبنان وحقّه بالاستقلال والسيادة والكرامة طبعاً. كما أدركوا أيضاً أنه أبقى "في عهدة" البطاركة والأساقفة "وديعة" ثمينة جداً هي الإرشاد الرسولي لكنائس الشرق الأوسط.

    الأهم في هذه الزيارة هم الشباب الذين جاؤوا يرافقهم الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازارإلى المطار قبل ساعة ونصف من وصول البابا اليه. وقد نادوا بصوتٍ عالٍ: "بنديكتوس، بنديكتوس" أو "الله مبارك من لبنان مبارك". وزاد الأب ماجد بو هدير حماسهم، لا سيّما في استقبالهم الحافل لقائد الجيش الذي غمره الفرح عندما أنشدوا أغنية وطنية للجيش.

    ختاماً، صعد قداسة البابا درج الطائرة المتوجّهة إلى روما. لوّح مودّعاً اللبنانيين والشباب، وأقلعت طائرته في سماء بيروت الصافية. ارتفعت الأيدي مودّعةً، والقلوب تردّد: "أيها الحبر الأعظم، أحببناك كثيراً، صلِّ لأجلنا وإلى لقاءٍ قريب".

    غادرْنا المطار وصوت الشباب الصاخب لم يهدأ، وفرحهم لا يوصف بالبابا "بنديكتوس، بنديكتوس". لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيلتزمون بما طالبهم به، وهنا التحدّي الأكبر!

 

إضغط للطباعة